الأردن: جرائم قتل النساء تتفاقم.. والقانون يدافع عن الجناة
5 من جرائم قتل النساء بالأردن تمت رمياً بالرصاص، و4 طعناً بأداة حادة، و2 بالحرق وواحدة بالضرب الشديد المفضي للموت.. ما الحكاية؟
ما زال فعل القتل يترك أثراً نفسيا مخيفاً لمجرد سماعه، وفي الأشهر الأولى من هذا العام ضجّت الصحف ووسائل الإعلام الأردنية المختلفة بالعديد من جرائم قتل النساء المتتابعة، باسم "الشرف" في مناطق متعددة.
المؤسسات المدنية تطالب بشكل دائم بإعادة دراسة قانون العقوبات ومواده التي يلجأ لها الجاني للتخفيف من عقوبته، في ظل تزايد المخاوف من أن يصبح القتل "باسم الشرف" ظاهرة. فالإحصاءات غير مبشرة وتمنح مؤشرات يجب دراستها من قبل المختصين. فهل الخلل يكمن في تطبيق القانون أم أن هنالك مدخلات مجتمعية جديدة أدت الى ازدياد هذا النوع من القتل.
تعتقد المهندسة علا نصر أن الخلل يكمن في تطبيق القانون، وأنه لو كانت هناك عقوبات رادعة للجاني الذي قتل أخته أو زوجته أو أي امرأة أخرى، لتوقف الجاني قليلاً ليفكر مرتين قبل أن يقدم على هذا الفعل. فعقوبة الإعدام هي الأنسب لأي شخص يقوم بفعل القتل. تقول نصر: "أصبحنا نسمع كثيراً بجرائم قتل الشرف، وكلنا نعرف أن الجاني لا يأخذ العقوبة المناسبة ولهذا فإن عدد الجناة سيزداد، وعند المحاكم يتم إسقاط الحق الشخصي ويتم تخفيف العقوبة بدون شك".
أما هالة داودية، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة، فتجد أن القيام بقتل المرأة لمجرد الشك فيها، هو الظلم بعينه، متسائلة: "كيف يقتلون دون أن يخافوا من الله عز وجل أو من القانون؟.. معظم الجناة هم من الأهل، خاصة الأخ إذا شك بأخته يقتلها بدم بارد دون أن يسألها ويستفسر منها. وفي كل شهر نجد جريمة جديدة ولن تتوقف هذه الجرائم إلا إذا تغير القانون الذي يحمي الجناة".
أدوات مختلفة
ويبين المدير التنفيذي لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، منير إدعيبس من خلال متابعة الجمعية لوسائل الإعلام المختلفة، أن الأردن شهدت خلال الثلث الأول من عام 2016، وقوع 12 جريمة قتل بحق نساء وفتيات، حيث شهد شهر يناير/ كانون ثاني أربع جرائم قتل، وشهر فبراير/ شباط ثلاث جرائم قتل، ولم يشهد شهر مارس/ آذار أية جريمة قتل، فيما شهد شهر أبريل/ نيسان خمس جرائم قتل وشروع بجريمة قتل.
ويضيف إدعيبس لـ"العين": "بعد دراسة هذه الجرائم تبين أن خمسا من هذه الجرائم قد ترتكبت رمياً بالرصاص، و4 طعناً بآداة حادة، و2 بالحرق وواحدة بالضرب الشديد المفضي للموت. وفيما يتعلق بجنسية المجني عليهن كانت هنالك عاملة وافدة أسيوية وسورية واحدة وعشر أردنيات. وفي الوقت الذي لم تحدد فيه هوية الجناة لخمس جرائم. فقد تبين بأن الأزواج ارتكبوا ثلاث جرائم والأقارب ارتكبوا جريمتين، فيما ارتكب الأخ والعم جريمة لكل منهما.
ويردف قائلاً: "فينبغي للتشريعات أن تعرّف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز والعنف المرتكبة بذريعة "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن، وأن تكثف الجهات الحكومية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وصانعي القرار ورجال الدين ووجهاء العشائر جهودها المبذولة لمنع ارتكاب جرائم "الشرف" بشكل خاص وجرائم قتل النساء والفتيات والطفلات بشكل عام. وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب باتخاذ إجراءات إدارية وقانونية وتعديلات تشريعية عند الضرورة، والعمل على زيادة الوعي المجتمعي وتغيير الصور والسلوكيات النمطية حول النساء.
أسباب القتل
الاستشاري النفسي والتربوي، الدكتور موسى مطارنة، يجد أن وقوع 12 جريمة قتل باسم الشرف خلال الثلث الأول من عام 2016، مؤشر خطير وينمّ عن تدهور البنية المجتمعية والأخلاقية للمجتمع الأردني، مؤكدا أن القتل فعل مرفوض دينياً واجتماعياً، ويقول: "وصولنا لهذا الرقم يحتاج الى وقفة من جميع مؤسسات المجتمع حتى لا ينتشر الأمر ويصبح ظاهرة، فقد تغير المجتمع ودخلت عليه مجموعة من العوامل أثرت بشكل كبير على الضابط الذاتي للأفراد، ومن أهمها وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري يحملون ثقافات متنوعة ومختلفة نوعا ما عن الشعب الأردني، أيضاً لا يمكن تجاهل عامل العولمة والتكنولوجيا وثقافة الدراما التي اجتاحت منازلنا دون استئذان".
ويضيف: "ازداد العنف بشكل ملحوظ بجميع أشكاله، وبسبب خوف المرأة من الشكوى ومعرفتها أن القانون لا يحميها ولا يؤمّن لها الرعاية فإنها تفضل الصمت، ونتيجة عدم تفعيل القانون تطور العنف إلى القتل. إذ لا يوجد عقوبات رادعة وبجرائم القتل فإن الجاني بالغالب يتهرب من العقوبة بحجة الغضب، ويلجأ للمادة (98) من قانون العقوبات التي تنص على: "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بثورة غضب شديد، ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه". ومعظم حالات القتل في جرائم الشرف تحدث كردة فعل لحوادث الاغتصاب والحمل غير الشرعي، والحرمان من الميراث، والتغيب عن المنزل، والاختلاط بالرجال الغرباء".
إعادة مراجعة قانون العقوبات
المحامي إياس حداد، يجد أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم تطبيق عقوبة رادعة ضد من يقوم بفعل القتل، لافتا إلى أن معظم الجناة يلجؤون للمادة 98 وأيضاً المادة 99 التي من خلالها يتم إسقاط الحق الشخصي، وبالتالي التخفيف من العقوبة. فإذا كان الجاني يستحق عقوبة الإعدام تندرج عقوبته تحت السجن لعدة سنوات. وطالب بوضع معايير محددة فيما يخص صورة الغضب. ويقول: "من هنا أجد أن من المهم إعادة دراسة هاتين المادتين للمحافظة على المجتمع وبنيته. وهناك مطالبات من قبل مؤسسات المجتمع المدني بشكل مستمر لإعادة مراجعة هذه المواد. فقد أظهرت دراسة أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة أن (إسقاط الحق الشخصي) يبقى العامل الأكثر تأثيرا في تخفيف العقوبات في جرائم الشرف، حيث إن 70% من الجناة في جرائم الشرف لم يستفيدوا من العذر المخفف المدرج في المادة 98 من قانون العقوبات، لكن 78% استفادوا من إسقاط الحق الشخصي".
وتبين الدراسة أن 69% من جرائم "الشرف" كانت ترتكب على يد الشقيق، وأن 70% من الجناة لم يستفيدوا من العذر المخفف، و56% من الضحايا ضمن الفئة العمرية 18-28، وهي الفئة العمرية نفسها التي ينتمي إليها 45% من الجناة.
وبالنسبة للحالة الاجتماعية للضحايا، أوضحت النتائج أن 42% منهن عازبات، و42% متزوجات، بينما توزعت البقية ما بين أرامل ومطلقات، في حين أن 56% من الجناة كانوا متزوجين، و56% منهم عمال، ما يشير إلى انخفاض مستواهم التعليمي. وتمثلت أدوات ارتكابهم للجريمة تمثلت باستخدام الأسلحة النارية أو الأدوات الحادّة.
aXA6IDMuMTQ5LjI0My44NiA= جزيرة ام اند امز