"القناص" لعادل علي: آلام جماعية وانتظارات فردية
مجموعة قصصية صدرت مؤخراً، للكاتب عادل علي الذي يعود بالقارئ إلى أجواء الحرب الأهلية اللبنانية من خلال قصة "القناص".
"دوت في الأرجاء طلقة واحدة، ولأول مرة صوت الرصاص لا يثير الرعب في الناس، استداروا جميعاً بهدوء وسكينة ناحية الصوت، وساروا بخطى واحدة بطيئة، التفوا بحركة هندسية دائرية حول جثة ينزف دمها بغزارة".
كلمات الكاتب والصحافي عادل علي تعيد قارئها إلى زمن قاس عاشه لبنان وناسه، زمن يرويه علي في مجموعته القصصية "القناص".
المجموعة التي صدرت طبعتها الأولى في شهر أبريل/نيسان 2016، عن مركز الطب الطبيعي للطباعة والنشر والتوزيع في لبنان، تضم 11 قصة لعل أقصرها على الإطلاق، قصة "الباحثة في الأشياء المهملة" التي تصدرت المجموعة، والتي تدور أحداثها حول حياة أرملة فقدت زوجها ولم يعد لها من ذكراه سوى خاتمه المستدير.
لكن القصة الأبرز بين المجموعة الواقعة في 88 صفحة، هي "القناص" التي تعود بالقارئ إلى مآسي الحرب الأهلية اللبنانية، وتفصل القصة في يوميات قناص اعتاد على قنص أهدافه البشرية في الجبهة الأخرى على خط التماس.
تحمل القصة القارئ إلى بدايات اتفاق وقف إطلاق النار والحديث عن حل سياسي في لبنان، وهي مرحلة تسقط بطل "القناص" في فراغ مخيف لم يعتد عليه طوال سنوات الحرب، فبعد أن كان ينشغل بمراقبة النار وإطلاق النار عليهم، وجد نفسه فجأة متوقف عن عمل أداه على مدى سنوات.
تبرز أحداث القصة تكون علاقة غريبة بين القناص وضحاياه المفترضين على الجبهة الأخرى، وكيف كان يتواصل معهم من خلال متابعة خطواتهم عبر منظار بندقيته، فيقتل منهم من يقتل ويسمح لبعضهم بمواصلة الحياة، ويقدم الكاتب تفسيرا غريبا لعلاقة القاتل بضحاياه وكيف كانت البندقية هي وسيلة التواصل الوحيدة بينه وبينهم.
ويأخذ الكاتب القارئ في رحلة شوق وترقب من خلال قصة "الساكنة في منازل القمر"، والتي تروي ثقة الزوجة بثينة في وعد زوجها بالعودة من سفره في شهر رمضان، وعلى تعاقب السنين لم تيأس بثينة وظلت متشبثة بالأمل في عودة زوجها الذي غيبته ظروف تسببت بسجنه لسنوات.
أما في قصته "هل ستكتب عني"؟ فيأخذنا إلى ألم الحرب، وخوفها ورعبها وخساراتها فيقول "الموقف لا يحتمل السخرية. هل ستكتب عني؟ أطبق السؤال على رأسي في لحظة سقوط قذيفة. تتوالى الانفجارات في الخارج منذ نصف ساعة.. ساعة، اثنتان، عشر، أو ربما ألف.. هل يهم عدد الساعات، عند ينضغط الزمن، وتزم الأرواح، وتنحشر الأجساد، بين حيطان لا تتوقف عن الانهيار فتترك صداها داخل الأوردة والشرايين". كلام عادل علي وقصصه القصيرة تبحر في الآلام الفردية والجماعية وتذهب بعيداً بمعاني الفقدان والانتظار والحب والحرب.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA= جزيرة ام اند امز