اللاجئون السوريون.. الأزمة بالأرقام
أوروبا تصرخ من 270 ألف لاجئ سوري.. وتركيا وحدها تستقبل 1.8 مليون.
الأحزاب اليمينية الأوروبية نجحت في بث الفزع من اللاجئين السوريين، لا سيما بعد هجمات باريس.
تعتبر أزمة اللاجئين السوريين من أكبر الأزمات في العالم، حيث نقلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن هناك أكثر من 4.5 مليون لاجئ سوري حول العالم، موزعين على مناطق مختلفة، يقع أغلبها في الشرق الأوسط.
وطبقا للمفوضية؛ يعاني ملايين السوريين من مشاكل عديدة ومعقدة، مثل الأوضاع المعيشية السيئة وعدم قدرة الحكومات في المنطقة العربية على تلبية حاجات الآلاف من المخيمات المنتشرة، وصعوبة المرور بين الدول، خوفا من اندساس عناصر تنظيم "داعش" بينهم، واستغلال تجار البشر لاحتياجاتهم ودفعهم إلى البحر مقابل مبالغ طائلة، ليصلوا إلى سواحل أوروبا، ليواجهوا الموت في البحر، أو العنصرية الأوروبية في مخيمات الإيواء.
لاجئون بلا حدود
تقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين حول العالم بحوالي 4.5 مليون لاجئ، يقع معظمهم في تركيا ولبنان، حيث تستقبل تركيا وحدها أكثر من 1.8 مليون، في مخيماتها الواقعة في الحدود مع تركيا، بينما تليها لبنان كثاني أكبر عدد لاجئين على أراضيها ب 1.17 مليون لاجئ سوري.
وتأتي الأردن في المرتبة الثالثة بـ 629 ألف لاجئ، تليها العراق بـ 249 ألف لاجئ، ثم مصر بـ 132 ألف لاجئ، فدول شمال إفريقيا (تونس والجزائر والمغرب) بـ 24 ألف لاجئ، بينما وصل إلى دول أوروبا مجتمعة 270 ألف لاجئ، وفقا للمفوضية.
ويضيف التقرير أن 10% من هؤلاء اللاجئين، هم أطفال دون سن العاشرة، حيث لا يحصلون على أساسيات العلاج والتعليم الكافية لضمان حياة مستقرة، بالإضافة الى تكدس تلك المخيمات، ما يجعل فرصة الإصابة بالأمراض عالية جدا.
أوضاع معيشية صعبة
يعاني الكثير من اللاجئين من تدهور الأوضاع المعيشية في المخيمات، حيث تنعدم سبل الرعاية الصحية والتعليم الأساسي في كثير منها، نظرا لكبر الأعداد التي يتم استقبالها لكل مخيم، مع اشتعال القتال في المناطق السورية، ولعدم وجود الدعم المالي الكافي لتوفير تلك الاحتياجات.
وخصصت الأمم المتحدة 5 مليارات دولار أمريكي لدعم اللاجئين السوريين في المخيمات المختلفة التابعة للمنظمة، إلا أنها لم تستطع جمع سوى 1.2 مليار دولار (أقل من ربع المبلغ المطلوب)، وبالتالي لا يكفي لتغطية احتياجات المخيمات من معدات وخدمات.
ولجأ الكثير من السوريين إلى فتح مشاريع خاصة أو البحث عن عمل خارج نطاق المخيمات، حيث لاقت تلك التجارب نجاحا في بلدان عربية مثل لبنان والأردن ومصر وحتى في تركيا نفسها، لكن الأغلبية لا تملك القدر الكافي من المال لإقامة أعمال أو مجرد البحث عن العمل، لذا فإن من يملك القدر الكافي من المال يلجأ إلى المهربين للسفر بشكل غير شرعي إلى أوروبا، حيث غالبا ما تكون القوارب المعدة لنقل اللاجئين غير صالحة للإبحار، وأدت إلى وفاة أكثر من 250 ألف لاجئ في البحر المتوسط.
وقد ازداد زخم الاهتمام بقضية اللاجئين في أوروبا بالذات، بعد وصول دفعات كبيرة من هؤلاء اللاجئين إلى سواحل قبرص واليونان، وتحركهم من خلال بلغاريا وألبانيا للوصول إلى قلب القارة العجوز، لكن تلك التحركات تمت مواجهتها بإغلاق شبه تام للحدود، ومنع اللاجئين من المرور، ووضعهم في مخيمات ذات إمكانيات ضعيفة شبهت بـ "حظائر الحيوانات"، ما أشعل الرأي العام الأوروبي للضغط على الحكومات للسماح لللاجئين بالتدفق إلى القارة.
ولكن بعد هجمات باريس ومحاولات التفجيرات التي ظهرت في مدن أوروبية عدة، وجدت أحزاب اليمين الأوروبية ذريعة لوقف خطط الحكومة باستقبال اللاجئين، باتهامهم بأنهم يضمون أعضاء لتنظيم داعش ويساعدونهم في عملياتهم الإرهابية، وبالتالي زاد خوف الرأي العام الأوروبي من هذا التدفق، ونجحت أحزاب اليمين الأوروبية في بسط سيطرتها، وتعالت أصوات المطالبة بالتدخل العسكري في سوريا، خصوصا في فرنسا، لكن أصرت الحكومات الأوروبية على منح اللجوء لمن وصل إلى القارة بالفعل.
ارتباك عالمي
هناك ارتباك عالمي فيما يخص قضية اللاجئين السوريين، وقد انقسمت الآراء بين من يؤيد دخولهم إلى بلادهم، ومعارضين تماما لفكرة وجود لاجئين من مناطق الصراع.
القسم المؤيد يعتمد على فكرة وجود عمالة أكثر لمساعدة الاقتصاد في النمو بالمشاريع الاقتصادية وريادة الأعمال (كما يحدث في تركيا ولبنان ومصر)، وبالتالي زيادة معدل الدخل السنوي والدخل العام، بالإضافة إلى زيادة معدلات السكان في الدول التي تعاني من شيخوخة السكان، وإنسانيا بمنح فرص أفضل للأطفال والأمهات، وخلق جيل بناء يستطيع إفادة البلد المستضيف بسبل شتى.
ومن ناحية أخرى، يرى القسم المعارض أن هناك أخطارا كثيرة (معظمها أمني بالأساس)، تتمثل في احتمالية قيام حركات راديكالية –مثل ما حدث مع الفصائل الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات– وزيادة الإنفاق الحكومي على اللاجئين للحصول على الدعم، ما يشكل عبئا إضافيا على الحكومة المستضيفة، وبالتالي فرض ضرائب أكثر على المواطنين، إضافة للعقبات الثقافية والاجتماعية، التي تواجه تقبل اللاجئين السوريين في المجتمعات المضيفة.
وختاما، يمكن القول إن أزمة اللاجئين السوريين لا يمكن حلها على الأمد القصير أو المتوسط، نظرا لكونها مركبة من عناصر ومعطيات كثيرة، سببت ارتباكا للكثيرين، ويعد نقص الدعم اللازم لمساعدة هؤلاء اللاجئين إنسانيا وتلبية احتياجاتهم المعيشية والطبية؛ كارثة بكل المقاييس، لذلك وجب على المجتمع الدولي البت في حيثيات الصراع السوري وإنهاؤها، كحل فعال لإنهاء الأزمة السورية بشكل عام، واللاجئين بشكل خاص، رغم وجود مؤشرات جيدة في الدول المضيفة لمدى إسهام الجاليات السورية اقتصاديا في بعض الدول.
aXA6IDE4LjIyMi45Mi41NiA= جزيرة ام اند امز