بوتين يبقي خياراته جميعها على الطاولة قبل ألاسكا.. نشاط نووي غير مسبوق

في تصعيد عسكري لافت يتزامن مع حدث سياسي بالغ الحساسية، كشفت صور أقمار صناعية حديثة عن نشاط غير مسبوق في منشأة بانكافو النووية الروسية.
وبحسب صحيفة "تليغراف" البريطانية، يأتي الاختبار في وقت تستعد فيه موسكو وواشنطن للقاء تاريخي يجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب اليوم الجمعة في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون بألاسكا.
وقد أظهرت الصور، التي التقطت خلال الأيام الماضية، تحركات مكثفة للأفراد والمعدات، إلى جانب وجود سفن حربية في محيط القاعدة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت روسيا بصدد إجراء اختبار جديد لصاروخ كروز النووي فائق الطموح "9إم 730 بوريفيستنيك".
الصاروخ الذي يطلق عليه الناتو اسم "سكاي فول" تروج له موسكو على أنه "سلاح لا يقهر" بفضل مداه غير المحدود وقدرته على اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي.
التوقيت والتقنية: رسالة استراتيجية قبل القمة
يؤكد الخبير جيفري لويس، من معهد ميدلبري الدولي، أن كل المؤشرات تدل على أن التجربة الصاروخية قد تُجرى هذا الأسبوع، مشيرًا إلى نقل طائرتين مخصصتين لاختبارات الصواريخ إلى قاعدة روغاتشيفو العسكرية في يوليو/تموز الماضي.
كما يرى الجيش النرويجي أن بحر بارنتس يمثل موقعًا مثاليًا لمثل هذه التجارب، وهو ما يمنح موسكو ورقة ضغط إضافية قبيل المحادثات مع واشنطن.
الصاروخ، رغم مكانته الدعائية الكبيرة، لم يحقق سوى نجاحين من أصل 13 تجربة سابقة، إلا أن مجرد إعلان نية اختباره في هذا التوقيت يُعد بمثابة رسالة سياسية موجهة إلى البيت الأبيض، تُظهر أن روسيا قادرة على خلط أوراق التفاوض عبر استعراض قوة استراتيجي.
أجندة القمة: بين أوكرانيا وسباق التسلح
ورغم تصدّر الملف الأوكراني جدول اللقاء، يرى مراقبون أن البُعد النووي هو المحرك الخفي الأهم، إذ يرتبط مصير معاهدة "نيو ستارت" - التي تحدد سقف الترسانة النووية لكل طرف عند 1,550 رأسًا - بمدى نجاح المحادثات. وقد يطلق انهيار هذه الاتفاقية سباقَ تسلّح جديدًا وغير مسبوق منذ الحرب الباردة، وهو ما تتعامل معه موسكو وواشنطن كخيار مطروح على الطاولة لا كمجرد تهديد.
الولايات المتحدة، من جانبها، كسرت مؤخرا سياسة التكتم بشأن نشر غواصات نووية قرب السواحل الروسية، بينما تواصل موسكو استغلال الحرب النفسية كورقة تفاوضية، مستخدمة أساليب رمزية مثل مقطع الفيديو الذي بثه الكرملين عام 2018 ويظهر صواريخ نووية تتجه نحو ولاية فلوريدا، حيث يقع منتجع ترامب الشهير مار-إيه-لاغو.
ووفقًا للمستشارة السابقة بالبيت الأبيض فيونا هيل، فقد ساهمت مثل هذه الرسائل سابقا في جعل ترامب أكثر ميلا لتقديم تنازلات.
امتداد الصراع: بيلاروسيا تدخل على الخط
التوتر لا يقتصر على الساحة الروسية-الأمريكية، إذ أعلنت بيلاروسيا عن تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا الشهر المقبل، تشمل صواريخ "أوريشنك" الأسرع من الصوت وأسلحة نووية، في خطوة تصفها مينسك بأنها "ردع استراتيجي" ضد توسع حلف الناتو شرقًا.
هذه التحركات، تفتح بالتزامن مع اختبار محتمل لـ"بوريفيستنيك"، الباب أمام مشهد أكثر تعقيدا، حيث قد تتحول ألاسكا — التي كانت أرضا روسية حتى عام 1867 — إلى مسرح جديد لمواجهة نووية باردة الطابع، لكنها مشحونة بحرارة السياسة.
بهذا، يدخل لقاء بوتين وترامب في ألاسكا محاطا بظلال ثقيلة من التصعيد العسكري والضغط النفسي، حيث يبدو أن سماء المنطقة الباردة ستشهد مواجهة غير مباشرة بين استعراض القوة ومناورات التفاوض، في لحظة قد تعيد رسم معادلة الردع النووي بين القوتين العظميين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز