«قمة ألاسكا».. طوق النجاة للاتحاد الأوروبي والاقتصاد الروسي

تحمل «قمة ألاسكا» المرتقبة اليوم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أهمية اقتصادية بالغة لأسواق ومستثمري العالم.
الهدف الرئيسي من القمة يتمثل في إرساء مفاوضات سلام لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية الممتدة منذ 2022، لكن في حال تحقق ذلك، ستكون التداعيات متشعبة، حيث ستعزز العلاقات الثنائية الأمريكية-الروسية، وستسهم في نشر اتجاهات استثمارية مطمئنة في الأسواق مع حدوث انفراجة اقتصادية في روسيا وأوروبا.
في التقرير التالي، سنستعرض التداعيات الاقتصادية المحتملة لقمة ألاسكا.
الاتحاد الأوروبي
وفقاً لبيانات المفوضية الأوروبية، يُعتبر الاتحاد الأوروبي من أكبر الداعمين لأوكرانيا في الحرب، إذ قدم نحو 180 مليار دولار كمساعدات مالية وعسكرية وإنسانية للاجئين منذ بداية الحرب، 35% منها مُقدمة كمنح أو دعم عيني، و35% منها كقروض ميسرة للغاية، وهو الأمر الذي ساهم في استمرار العجز في الموازنة العامة للاتحاد الأوروبي.
وتراوحت نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2021 إلى 2024، بين -6.7% و3.2-%.
ومن ناحية أخرى ارتفعت نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو من 87.3% في عام 2023 إلى 87.4% في عام 2024، أما في الاتحاد الأوروبي ارتفعت من 80.8% إلى 81%، ومن هنا يتضح أنه في حالة فشل مفاوضات السلام في قمة ألاسكا، سيتحمل الاقتصاد الأوروبي التبعات الاقتصادية لاستمرار الحرب.
- قمة ألاسكا.. بوتين يغازل غريزة ترامب التجارية بصفقات ومكافآت اقتصادية
- قمة ألاسكا تدفع المستثمرين بعيدا عن النفط والذهب.. ما الأصول الرابحة؟
الاقتصاد الروسي
على الرغم من أن بوتين يبدو وكأنه يدخل المحادثات من موقع قوة لا ضعف، فإنه قد يبحث عن مخرج من الحرب التي أضرت بالاقتصاد الروسي، الذي يشهد تباطؤاً في النمو ونقصاً في العمالة وتضخماً متفشياً وصفه بوتين بأنه "مقلق".
وقال رئيس كلية الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، ريتشارد بورتس، لشبكة CNBC: "يبدأ (بوتين) من موقع قوي نسبياً في ساحة المعركة. إنهم يتقدمون".
وأضاف بورتس: "على الجانب الآخر، يبدأ بوتين من الناحية الاقتصادية من موقع ضعيف. الاقتصاد الروسي ليس في وضع جيد. إنهم يُعانون من عجز مالي كبير، ويعود ذلك جزئياً إلى الانخفاض الكبير في عائدات النفط، وانخفاض أسعار النفط. و... هذا اقتصاد ضعيف".
الاقتصاد الروسي تأثر نسبياً قبل الحرب وبعدها، أي مع العقوبات، فقد انخفض إجمالي الصادرات من 58.1 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى 39.2 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2024، كما أن الاقتصاد كان مُحقق فائض في الموازنة بقيمة 524.28 مليون روبل (6.5 مليون دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2021، ولكن تحول إلى عجز في ديسمبر/كانون الأول 2024 بقيمة 4.9 تريليون روبل (61.1 مليار دولار)، وفي أول 7 أشهر من 2025 بلغ 61.8 مليار دولار، وارتفع معدل التضخم بشكل نسبي ليبلغ 8.8% في يوليو/تموز 2025.
وتشير بيانات إلى أن إيرادات الطاقة الروسية انخفضت بنسبة 20% على أساس سنوي خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، بفعل تراجع أسعار النفط وتنامي صعوبة الالتفاف على القيود الغربية. ومع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الهند بسبب شرائها النفط الروسي، يزداد الضغط على أحد أبرز منافذ موسكو لتسويق خامها. ويرى يانيس كلوجه، الخبير في الشأن الروسي لدى المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، الذي تحدث إلى صحيفة "أستراليان فايننشال ريفيو"، أن الاقتصاد الروسي أضعف اليوم مما كان عليه في أي وقت خلال السنوات الثلاث الماضية، لكن هذا الضعف لم يُترجَم حتى الآن إلى تغييرات في موقف بوتين من الحرب.
العقوبات لم تقتصر آثارها على قطاع الطاقة، بل طاولت قطاعات أخرى حساسة. شركة الألماس الروسية العملاقة "ألروسا"، مثلاً، سجلت تراجعاً في الإيرادات بنسبة 25% في النصف الأول من العام، وسط ضغوط التضخم وارتفاع تكاليف التشغيل.
أما قطاع الطيران المدني فيعاني تراجعاً حاداً، إذ لم تُسلَّم سوى طائرة تجارية واحدة من أصل 15 كان مخططاً لها في هذا العام بسبب نقص التكنولوجيا وقطع الغيار الغربية، ما يعكس هشاشة القاعدة الصناعية في ظل العزلة التكنولوجية.