مخاوف من "فقاعة عقارية" تهدد السوق المصرية.. ما الأسباب؟
مصر شهدت مطلع الأسبوع إقبالاً كثيفًا على إحدى المشروعات العقارية المطروحة بسعر يرتفع بما يتراوح بين 20% و40% عن متوسط الأسعار.. لماذا؟
يترقب القطاع العقاري في مصر تطورات هائلة خلال الفترة المقبلة بعد حالة التزاحم الشديد لآلاف المواطنين لحجز وحدة سكنية بمشروع عقاري بالقاهرة الجديدة طرحته شركة ماونتين فيو مطلع هذا الأسبوع بالشراكة مع الحكومة، وذلك في محاولة من المواطنين لادخار أموالهم في الأصول العقارية لحمايتها من التآكل تحت وطآة التراجع العنيف لسعر الجنيه في السوق السوداء.
أكد خبراء تقييم وتطوير عقاري أن حالة التزاحم الشديد تمهد الطريق لطلب عقاري مرتفع سيؤدي بدوره لارتفاع لافت للأسعار وتحديدًا بالمشروعات الراقية، نظرًا لأن السعر الذي طُرحت به وحدات المرحلة الأولى من مشروع "آي سيتي" بسعر 7 آلاف جنيه للمتر يرتفع عن متوسط سعر البيع بالقاهرة الجديدة بما يتراوح بين 20% و40%.
وبالفعل على إثر إقبال العملاء بشدة على وحدات المشروع، أعلنت ماونتين فيو أن سعر 7 آلاف جنيه هو سعر مبدئي، وأن سعر المتر بالفيلات قد يتجاوز 13 ألف جنيه.
وأكد مديرو استثمار أن عدم وجود أوعية إدخارية تستوعب معدلات التضخم –ارتفاع الأسعار- الفعلية التي تصل لـ 20% سنويًا، دفع المواطنين للتكالب على الوحدات السكنية باعتبارها ملاذا آمنا يُمكن أن يحافظ على قيمة المدخرات.
ولكن حذر مديرو الاستثمار من استمرار هذا التكالب الجماعي لحائزي المدخرات سيسفر عن ارتفاع قوي مؤقت في أسعار العقارات باعتبارها وسيلة للادخار، لكنه لا يعبر عن طلب حقيقي للإسكان، بل بهدف الاستثمار، الأمر الذي من شأنه تمهيد الطريق لحدوثة فقاعة عقارية مستقبلاً.
من جانبه، قال سلامة الغباشي، خبير التقييم العقاري المقيد بسجل البنك المركزي المصري، إن تآكل قيمة المدخرات نتيجة الانخفاض الجنوني للنيه في السوق السوداء، ووجود احتمالات بخفض البنك المركزي لسعر الجنيه مرةً أخرى، دفع المواطنين إلى انتظار طرح مشروعات عقارية راقية جديدة مثلما حدث في مشروع "آي سيتي".
وأوضح أن عددا كبيرا من المتقدمين لحجز وحدات المشروع يرغبون في الاستثمار وليس السكن، نظرًا لأن العقارات ترتفع بنسبة تصل إلى 20% سنويًا، في حين أن شهادات الادخار بالجنيه داخل البنوك لا تتجاوز 12.5% سنويًا.
وكان البنك المركزي قد خفض في منتصف مارس/ آذار الماضي قيمة الجنيه مقابل الدولار في حدود 13% ليهبط إلى 8.83 جنيه الآن، في محاولة لتقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي ولكن اقترب سعر الدولار بالسوق السوداء من 11 جنيها.
وأضاف الغباشي أن العملاء يرون الآن أن تقدير سعر المتر بنحو 7 آلاف جنيه يعد جذابًا بعد انخفاض قيمة الجنيه، ومن المرشح أن يدفع هذا الإقبال إلى المزيد من الارتفاع في أسعار العقارات بالمدن الجديدة مثل التجمع والشروق والشيخ زايد.
واتفق مع الرأي السابق يحيى عبد العزيز، رئيس شركة ايمكس للاستثمار العقاري، إذ أشار إلى أن المستثمرين لم يجدوا الآن وسيلة أفضل من الاستثمار العقاري لتوظيف مدخراتهم بعد تيقنهم من تفوق ارتفاع السلع والخدمات على معدلات الفائدة البنكية.
وأكد أن هذا الإقبال يشير إلى أن القطاع العقاري بات الوسيلة الأكثر تفضيلاً لدى المصريين لاستثمار أموالهم.
ولفت إلى أن طرح المتر بـ 7 آلاف جنيه يعتبر مرتفعاً مقارنة بمتوسط الأسعار الذي يتراوح بين 5 و6 آلاف جنيه، ومع ذلك لاقى هذا السعر إقبالا غير الطبيعي، ومن ثم سيترتب على ذلك ارتفاع في أسعار بقية المشروعات العقارية.
وهناك طرح آخر يحذر من وقوع تداعيات خطرة للإقبال الشديد على العقارات كأوعية استثمارية، إذ قال أيمن أبوهند، مدير الاستثمار بشركة كارتل كابيتال الأمريكية، إن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم طرح الدولة أوعية استثمارية ذات معدلات مخاطرة متوسطة أو منخفضة مقابل عائد يناسب معدل التضخم غير الرسمي الذي يتجاوز حاجز 20%.
وأوضح أن هناك شريحة من مشتري الوحدات العقارية وجهت كامل أموالها أو نصفها لتقديم مبلغ حجز الوحدة البالغ 100 ألف جنيه لمواجهة التضخم غير الرسمي المرتفع، وهناك موجة مرتفبة من الاستثمار الجماعي في العقارات باعتباره الوعاء الادخاري الأفضل من حيث العائد وأقل مخاطرة حتى الآن، لكن استمرار هذا الاستثمار الجماعي سيخلق فقاعة عقارية خلال أقل من 5 سنوات.
وتعرف الفقاعة العقارية بارتفاع معدلات بيع العقارات بصورة تفوق حجم الشراء، ما يترتب عليه لجوء مقتني الوحدات للبيع بأسعار منخفضة، ويزداد الموقف حدة عند اعتماد شريحة من مقتني الوحدات على القروض الشخصية أو التمويل العقاري في شراء هذه الوحدات بغرض الاستثمار أو السكن الثاني، حيث سيضطرون إلى البيع السريع بأسعار أكثر انخفاضًا لتفادي تعرضهم لأزمة مالية.
وشرح أبوهند بأن الاستثمار الجماعي يعتمد على شعور المستثمرين بأن تكالب عدد كبير من العملاء على شراء الوحدات يعطي مؤشرًا بصعوبة التعرض للخسارة، وهذا موقف صحيح ولكن مؤقتًا، نظرًا لأن الطلب الجماعي يخلق طلبا غير حقيقي يعتمد على الاستثمار وليس الإسكان ويخلق انطباعًا بأن الشباب المقبلين على الزواج لديهم القدرة على اقتناء وحدات بأسعار مرتفعة.
وتابع: الحلقة الثانية من الفقاعة العقارية تتمثل في تحقيق مقتني الوحدات أرباحا من عمليات البيع المتكررة للوحدات، حتى تصل الأزمة إلى مرحلتها الثالثة وهي الأشد خطورة حيث ستكون وصلت أسعار الوحدات إلى مستويات مرتفعة للغاية وفي المقابل تبيع الشركات العقارية وحداتها على أقساط تصل إلى 10 سنوات.
وأضاف أبوهند في هذه المرحلة لن يقبل المشترون على شراء الوحدات نقدًا لارتفاع ثمنها وتفضيل وحدات الشركات العقارية، وهو ما سيدفع مقتني الوحدات إلى بيعها بأسعار أقل وستستمر هذه الحالة وستصل إلى ذروتها حين يلجأ المقترضون إلى بيع الوحدات بأسعار أقل لسداد التزاماتهم المصرفية.
وأكد أن الحل يكمن في طرح الدولة أوعية ادخارية ذات عائد يتناسب مع معدل التضخم غير الرسمي حتى لا تتآكل مدخرات المواطنين.
aXA6IDE4LjExOC4xNDIuMTAxIA== جزيرة ام اند امز