وزير الاقتصاد اللبناني لـ«العين الإخبارية»: هذه خطتنا لمواجهة سيناريو الحرب
بين أروقة لبنان، يتسلل الخوف كظلٍ طويل، فمواجهة محتملة قد تُدخل البلاد في نفق مظلم، ومع كل تصعيد على الحدود، يزداد القلق حيال مصير اللبنانيين، وتتجدد المخاوف في ظل أزمة اقتصادية كبرى تعيشها بيروت.
جانب من القلق الذي يسيطر على اللبنانيين مرجعه الخوف من انعدام أو شحّ المواد الأساسيّة كالمواد الغذائيّة والمحروقات والدواء، وهو ما قابله المسؤولون اللبنانيون بتصريحات لطمأنة المواطنين في ظل مخاوف من تحوّل المواجهات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى حرب شاملة.
"العين الإخباريّة" أجرت مقابلة مع وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانيّة أمين سلام، للوقوف على الاستعدادات الحكومية بشكل عام ووزارة الاقتصاد على نحو خاص، تحسبًا للتصعيد المحتمل.
خطة طوارئ
الوزير اللبناني كشف عن خطة طوارئ متكاملة للحكومة تم وضعها منذ بداية المواجهات في جنوب البلاد، أي منذ أكثر من 10 أشهر، على كافة الأصعدة مثل الصحة والأمن الغذائي ومراكز الإيواء والسكن ونقل المواطنين من مناطق إلى أخرى.
معظم النازحين، وفق سلام، توجّهوا أيضًا إلى مناطق لديهم فيها أقارب وأصدقاء ضمن بيروت وجبل لبنان والبقاع، مؤكدًا أنّ الناس تتعاطى بإيجابيّة وتفتح بيوتها لأهالي الجنوب.
وهناك مراكز إيواء عدّة تُؤمّنها الدولة، معظمها مدارس رسميّة، للناس الذين ليست لديهم إمكانيّات ماليّة، بحسب وزير الاقتصاد والتجارة الذي حذّر في الوقت نفسه، من أنّ هذا الوضع يُشكّل خطرًا على العام الدراسي المقبل، في حال طال أمد الحرب، إضافة إلى صعوبة تأمين البنى التحتية اللازمة من مياه وكهرباء وغيرها، وهي مشكلات يُعاني منها لبنان بالأساس، في حال عدم توفّر مساعدات ودعم خارجي.
وعن آخر معطيات الاتصالات الدبلوماسيّة التي تُجريها الحكومة اللبنانيّة سعيًا للتهدئة ومنع التصعيد، قال الوزير سلام إنّها متواصلة من قبل جميع المسؤولين المعنيّين من أجل تهدئة الأمور، لكنّه لفت إلى أنّ الصراع اليوم بات صراعًا إقليميًا، ودور لبنان محدود من ناحية التأثير في السياسة بالمنطقة، مؤكدًا أنّ هناك تطمينات من دول عدّة ومطالبات بمنع توسيع الحرب في لبنان، لأنّ البلد على شفير الهاوية.
الأمن الغذائي
سلام أوضح أنّ وزارة الاقتصاد تترأس لجنة الأمن الغذائي الوزارية، قائلا "بالنسبة لنا كان الأهمّ اليوم هو الاطلاع على كميات المواد الغذائيّة الموجودة في البلد، والبقاء على تواصل دائم مع القطاع الخاص الذي يستورد هذه المواد، ووضعنا خطة لتوزيع عادل بحسب النزوح الذي يحصل في لبنان، كي تكون المواد الغذائيّة موجودة في كلّ المناطق بشكل متساوٍ، ولا يكون هناك انقطاع في أيّ منطقة أو أن يكون مخزون البضائع متركزًا في إحدى المناطق من دون أخرى، لتلبية حاجات الناس".
"لدينا اليوم في البلد مواد غذائيّة تكفي لثلاثة أشهر تقريبًا، والقطاع الخاص أكد لنا أنّ هناك طلبيّات ستصل خلال أسبوعين تُضاعف حجم الكمية الموجودة في السوق، وبالتالي، لدينا طمأنينة في هذا الموضوع، الذي يشمل القمح والطحين والأرز والسكر وغيرها من المواد الأساسية"، وفق وزير الاقتصاد اللبناني.
إلّا أنّ الوزير سلام كشف لـ"العين الإخباريّة"، عن أنّ الخوف يكمن في حال حصول أي حصار على لبنان، أو استهداف لمرفق حيوي معيّن، ممّا يُعطّل دخول البضائع.
كما أنّ التحدّي يكمن في موضوع المحروقات، التي قال سلام إن كل القطاعات الحيويّة تعتمد عليها، ولا تستطيع العمل من دونها، وتحديدًا مادة المازوت، مشيرا إلى أنّ المستوردين أبلغوا الحكومة أنّ المخزون لديهم يكفي لشهرين تقريبًا فقط، فيما يجب أن يكون المخزون أكبر، لأنّ كلّ البلد يعمل على المولدات الخاصة، بما فيها المستشفيات والمدارس والمراكز الصحيّة والسوبر ماركت وأماكن تخزين المواد الغذائيّة وغيرها، كاشفًا عن أنّ الحكومة تُحاول تخزين كميات أكبر اليوم من الوقود تكفي على الأقل لأربعة أو خمسة أشهر، لأنّ القطاعات تتعطّل في حال عدم وجود الطاقة.
وعن الأرقام التي تملكها وزارة الاقتصاد بشأن اتّجاه اللبنانيّين نحو تخزين المواد الغذائيّة في ظلّ المخاوف التي تسيطر عليهم من اندلاع حرب، قال سلام: "بدأنا منذ نحو أسبوع حملة توعية كي لا يتمّ تخزين هذه المواد، لا سيّما أنّه يؤدي إلى غلاء الأسعار مع ازدياد الطلب".
وحذر من أنّ هناك بعض المواطنين يلجؤون إلى تخزين المواد الغذائية لما يكفي لفترة طويلة تمتدّ إلى سنة تقريبًا، ما يؤدي إلى حرمان مواطنين آخرين قد تكون إمكانياتهم وقدرتهم الشرائية محدودة، من الحصول على هذه المواد، داعيًا المواطنين في حال أرادوا التخزين أن يكون ذلك لفترة معقولة لا تزيد على شهر، خصوصًا أنّنا لا نستطيع لوم الناس على خوفها.
وبالنسبة إلى تأثير دعوات الدول لرعاياها إلى مغادرة لبنان وتأجيل رحلات شركات طيران عالميّة من وإلى بيروت، على الاقتصاد والموسم السياحي في لبنان، كشف الوزير عن خسائر كبيرة جدًا خاصة بالموسم السياحي الذي خسر أكثر من 70% من توقّعاته الإيجابيّة التي كانت منتظرة هذا العام، لأنّ معظم السياح ألغوا حجوزاتهم نتيجة التطورات الأخيرة، ومن كانوا داخل لبنان قدّموا موعد سفرهم، ممّا أدى إلى كسر الحلقة الاقتصاديّة التي كانت تعوّل بشكل أساسي على القطاع السياحي، ممّا شكّل ضربة كبيرة للاقتصاد اللبناني.
ووجّه وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام عبر "العين الإخباريّة" رسالة إلى اللبنانيّين في ظلّ الوضع القائم، قائلًا إنّ "الأزمات والصعوبات تتوالى على لبنان، وأقول للبنانيّين الصامدين إن شاء الله تكون هذه الحقبة غيمة ستمرّ ومن بعدها ستنفرج الأمور، ولكن اليوم لدينا أمنية واحدة وهي ألا تتوسّع الحرب ويقع لبنان في المجهول".
والأسبوع الماضي، قتلت إسرائيل القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر في ضربة جوية على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، تلاه اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران وسط تهديد ووعيد من الأخيرة بـ«رد قاس» ومخاوف من توسع الصراع الحالي إلى حرب إقليمية تهدد المنطقة.
aXA6IDE4LjIyMS4yNy41NiA=
جزيرة ام اند امز