غارات وقذائف تقضي على مساعي روسية للتهدئة في حلب
النظام السوري شن غارات جوية على أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة، ردت عليها الأخيرة بقصف مدفعي
تعرضت هدنة جديدة في حلب لمدة 48 ساعة أعلنت عنها موسكو، أمس الخميس، للانتهاك مع شن نظام الرئيس بشار الأسد غارات جوية على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة، ردت عليها الأخيرة بقصف مدفعي استهدف الأحياء الغربية الموالية للنظام.
وأفاد مراسل لـ"فرانس برس" في شرق حلب عن غارات وقصف بالبراميل المتفجرة، بعد ظهر الخميس، على أحياء عدة في المدينة، بعد هدوء استمر منذ ساعات الصباح.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان شن "قوات النظام غارات على أحياء عدة بينها قاضي عسكر والسكري وباب النيرب".
وردا على هذه الغارات قصفت الفصائل المعارضة بالمدفعية الثقيلة الأحياء الغربية الموالية للنظام، حسب المصدر نفسه.
وقال المرصد في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "ارتفع إلى 7 عدد الشهداء الذين قضوا اليوم (الخميس) في مدينة حلب، حيث استشهد 3 رجال جراء قصف طائرات حربية لمناطق في حي الصاخور بمدينة حلب، واستشهد رجلان اثنان ومواطنة إثر قصف جوي وصاروخي تعرضت له أماكن في منطقة الكاستيلو شمال حلب، بينما استشهد الأخير خلال قصف الطيران الحربي لمناطق في حي السكري".
وأشار المرصد إلى "سقوط المزيد من القذائف التي أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة على مناطق في حيي السريان الجديدة والأشرفية بمدينة حلب".
وأتى هذا القصف والقصف المضاد بعيد إعلان موسكو عن هدنة جديدة في المدينة لمدة 48 ساعة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية دخول "نظام تهدئة حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة.. بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع" من دون تحديد الجهة التي ناقشت معها موسكو القرار.
وفي دمشق، أعرب مصدر سوري قريب من النظام عن الاستياء إزاء القرار الروسي.
وقال لوكالة "فرانس برس": "الأمر ذاته يتكرر، ففي كل مرة يتقدم فيها الجيش شمال مدينة حلب، ويقترب من تطويق المدينة، تتدخل روسيا لإقرار وقف لإطلاق النار بالتوافق مع الأمريكيين"، مضيفا: "من الواضح أن موسكو لا تريد لنا أن نستعيد حلب".
ومنذ سقوط اتفاقات تهدئة فرضتها موسكو وواشنطن، إثر انهيار اتفاق لوقف الأعمال القتالية بدأ تنفيذه في مناطق عدة في سوريا منذ 27 فبراير/شباط وتحديدا في حلب، تتعرض المدينة التي تتقاسم قوات النظام والفصائل السيطرة على أحيائها لقصف كثيف.
وكانت الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل بحكم المحاصرة منذ مطلع الشهر الحالي مع استهداف قوات النظام أي حركة على طريق الكاستيلو، وهي طريق الإمداد الوحيدة المتبقية لهذه الأحياء نحو مناطق تحت سيطرة الفصائل في ريف حلب الغربي.
وتستهدف قوات النظام بالبراميل المتفجرة والصواريخ الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل، فيما تطلق الفصائل عشرات القذائف على الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وحسب مراسل "فرانس برس"، تمكن السكان في الأحياء الشرقية في ساعات الصباح من الخروج إلى الأسواق لشراء مستلزمات الإفطار مستغلين الهدوء الذي لم تعرفه المدينة منذ أسبوعين على الأقل.
وجاء الإعلان الروسي عن تطبيق الهدنة بعد ساعات على تحذير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية، وتأكيده أن "على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود".
ولم يعلن أي طرف انهيار الهدنة بالكامل، رغم سقوط 300 قتيل خلال أسبوعين في حلب بعد نحو شهرين على تطبيقها، ما دفع راعيي الاتفاق، الولايات المتحدة وروسيا، إلى الضغط من أجل فرض اتفاقات تهدئة، ما لبثت أن سقطت بدورها.
ورأى المرصد السوري من جهته أن "الهدن المؤقتة لساعات، ليست من أجل التوقف عن إراقة دماء المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم، إنما هي بمثابة استراحة للقتلة ومرتكبي المجازر بحق أبناء مدينة حلب والشعب السوري قبل استئناف ارتكابهم لجرائمهم".
ويتوقع محللون ألا تصمد هذه الهدنة أكثر من سابقاتها في غياب أي جهد حقيقي لإعادة إطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن.
ويقول مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار لوكالة "فرانس برس": "يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة شأنها شأن جلسات التفاوض التي تعلق عليها الآمال في كل مرة قبل أن تثير الخيبات".
ويضيف: "يبدو أننا مجددا أمام وقف إطلاق نار صوري لا تدعمه أي عملية سياسية حقيقية".
وتزامن سريان وقف الأعمال القتالية نهاية فبراير/شباط مع مفاوضات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة في الأمم المتحدة في جنيف، وجرت منذ يناير/كانون الثاني 3 جولات إلا أنها لم تحقق أي تقدم، ولم يحدد الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا أي موعد لجلسة جديدة جراء التباعد الكبير في وجهات النظر.
وأقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش منتدى روسيا الاقتصادي في سان بطرسبرغ، الخميس، بأنه "لا تقدم في العملية السياسية.. ولم تتسن إعادة إطلاق الحوار السياسي بين جميع الأطراف".
وحمّل الأمريكيين مسؤولية عرقلة الحوار السياسي، معتبرا أن واشنطن "لا تتمكن أو لا تريد الضغط على حلفائها في المنطقة"، في إشارة إلى الدول الداعمة للمعارضة.
وانعكس جمود مفاوضات جنيف والتصعيد العسكري سلبا على إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة قبل أن توافق دمشق الأسبوع الماضي على إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، مستثنية حي الوعر في مدينة حمص (وسط)، ومدينة الزبداني بريف دمشق.
لكن الأمم المتحدة أعلنت، الخميس، موافقة دمشق على نقل مساعدات إلى حي الوعر، الذي لم تدخله أي قافلة "منذ أكثر من ثلاثة أشهر".
من جهة أخرى، أقر المدير العام لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) جون برينان، الخميس، بأن تنظيم "داعش" يحتفظ بقدراته على "شن هجمات إرهابية" في العالم، رغم جهود التحالف الدولي ضد الجهاديين.
وفي سوريا، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، الخميس، أسعار المحروقات وتحديدا البنزين الذي ازداد سعر اللتر الواحد منه بنسبة 40% تقريبا، وفق وكالة الأنباء الرسمية "سانا".
aXA6IDUyLjE1LjE3MC4xOTYg جزيرة ام اند امز