بالقروض والودائع.. هل تتجاوز مصر أزمة الاحتياطي الأجنبي؟
مطالب الحكومة المصرية بصرف الشريحة الثانية البالغة 500 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقي، هل يدعم الاحتياطي الأجنبي لمصر؟
طلب مصر المتجدد بصرف الشريحة الثانية البالغة 500 مليون دولار من التمويل المخصص لدعم برنامج الحكومة من بنك التنمية الإفريقي، جاء في الوقت الذي تعاني فيه مصر من انخفاض الاحتياطي الأجنبي، ما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات قاسية تمثلت في خفض الجنيه المصري أمام الدولار، الشحيح في الأسواق، فضلا عن تقييد عمليات الاستيراد العشوائي وفرض زيادة في الجمارك على بعض السلع المستوردة.
وتسعى وزيرة التعاون الدولي المصري سحر نصر إلى استغلال وجود بعثة بنك التنمية الإفريقي في مصر خلال الفترة من 19 إلى 29 يونيو الجاري، لتجدد طلب مصر بضرورة سرعة الانتهاء من إجراءات سحب الشريحة الثانية من التمويل المخصص من البنك لدعم الموازنة بحد أقصى سبتمبر/أيلول المقبل.
وكانت مصر قد وقعت، في ديسمبر/كانون الأول 2015، مع بنك التنمية الإفريقي اتفاقية قرض ميسر بقيمة 500 مليون دولار كشريحة أولى، في إطار برنامج شامل للتنمية الاقتصادية ودعم الموازنة العامة لمصر بإجمالي 1.5 مليار دولار تقدم على 3 سنوات.
ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الدمرداش أزمة انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي في مصر، بالواقع المرير الذي يجب أن نتعامل معه، بسبب انخفاض واردات مصر من العملة الصعبة من عوائد السياحة وتذبذب إيرادات قناة السويس بعد انخفاض سعر النفط، لافتًا أنه من الطبيعي أن تلجأ أي دولة تمر بظروف مصر إلى الخيارات الصعبة المتمثلة في التقشف أو الاقتراض.
وأضاف الدمرداش لبوابة العين أن "الأزمة تتعلق بكيفية استغلال القرض، فاستخدامه لتمويل عجز الموازنة يزيد أضرار الاقتصاد ويحمل أعباؤه للأجيال القادمة وكأنك تعيش اليوم على حساب المستقبل، وهو أمر يجب أن تفطن إليه الحكومات لتتجنبه، أما توظيف القرض لتمويل المشروعات الاستثمارية والتنموية، فذلك يزيد من شرعية وفاعلية القرض في دعم الاقتصاد"، قائلًا: "وأعتقد أنها أسباب مصر لمطالبة البنك الإفريقي بالشريحة الأولى من قرض الـ 1.5 مليار دولار".
وشدد الدمرداش على أن مطالبة مصر للبنك التنمية الإفريقي جاءت بعد استيفاء شروط البنك وتقديم برنامج حكومي يراد تمويله؛ لأن أي مؤسسة دولية لا تمنح قروضًا إلا بعد استيفاء شروط ضمانات رد القرض، أو صرفه في مصارفه التي تحددها المؤسسات الداعمة للتطوير والتنمية مثل البنك الإفريقي.
وكان البنك المركزي المصري أعلن أن الاحتياطي النقدي وصل إلى 17.520.9 مليار دولار أمريكي بنهاية مايو الماضي، مقارنة بـ 17.01 مليار دولار خلال إبريل الماضي، غير أن الدولة لازالت تستهدف زيادة النقد الأجنبي ليصل إلى نحو 36 مليار دولار كما كانت قبل ثورة يناير 2011.
وأعلن طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري في وقت سابق وصول مليار دولار في الأيام القليلة المقبلة من أصل 2 مليار دولار وديعة إماراتية، بما يعني زيادة الاحتياطي بقيمة الوديعة خلال الشهر الحالي، فضلًا عن بدء مفاوضات مع السعودية لتحديد قيمة وأجل الوديعة المنتظرة.
من جانبه، كشف الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة عن أن البنك المركزي المصري يستهدف الوصول إلى احتياطي نقد أجنبي بقيمة 25 مليار دولار بنهاية العام الحالي 2016، وهو أمر غير مستحيل مع المحافظة على نسبة الزيادة الشهرية التي بلغت نصف مليار دولار الشهر الماضي.
وقال إبراهيم في تصريحات لبوابة العين، إن قرض البنك الإفريقي للتنمية مستحق لمصر عاجلًا أو آجلًا؛ لأنه بموجب اتفاقية وقعت منذ شهور، والمطالبة به في الوقت الحالي لا تنفي أو تؤكد الأزمة الحالية الخاصة بانخفاض الاحتياطي الأجنبي لأنها معروفة للجميع، حيث لا علاقة بين الأمرين.
وأضاف أن "مصر تحاول بكل الوسائل ضبط ميزان المدفوعات مع المدخلات وترشيد الاستهلاك وضخ أكبر قيمة من العملة الصعبة في خزائنها للخروج من الأزمة الحالية لحين استعادة مزايا السياحة والاستثمارات الأجنبية، ولا شك أن تلك الإجراءات قد تحمل أعباء إضافية للأجيال القادمة، لكنها ستزول بزوال الأزمة في حال نجحت مصر في جذب استثمارات حقيقية".