الشيخ محمد صديق المنشاوي.. ريحانة قراء القرآن
الشيخ محمد صديق المنشاوي يُعد أحد أولئك الذي وهبوا حياتهم للخدمة في دولة التلاوة، فإذا به درة متفردة لا تكاد تجد لها نظيرًا أو شبيهًا.
يُعد الشيخ محمد صديق المنشاوي أحد أولئك الذي وهبوا حياتهم للخدمة في دولة التلاوة، فإذا به درة متفردة لا تكاد تجد لها نظيرًا أو شبيهًا بين الكوكبة العظيمة من قراء القرآن الكريم.
والشيخ محمد صديق المنشاوي هو ابن وتلميذ بار ونجيب لعلم عظيم من أعلام القراء وهو الشيخ المنشاوي الكبير.
ولد الشيخ محمد في 20 يناير/كانون الثاني عام 1920 بمحافظة سوهاج، وكانت عائلته تهتم بالقرآن، أبوه قارئ للقرآن وكذلك عمه، وقد حرص على تعليم أولاده القرآن، فاشتهر اثنان من أولاده محمد ومحمود، لكن محمد هو الذي اشتهر أكثر وذاع صيته في أنحاء المعمورة وسجل لإذاعات مصر وسوريا ولندن.
ورث الشيخ محمد حلاوة الصوت من أبيه، وكذلك التفرد في التلاوة والأستاذية في الأحكام، الأمر الذي جعله يكتسب لقب "ريحانة القراء"، وحفظ القرآن الكريم وعمره 11 عامًا على يد الشيخ محمد النمكي قبل أن يدرس أحكام التلاوة على يد الشيخ محمد أبو العلا والشيخ محمد سعودي بالقاهرة، وقد كان التحاقه بالإذاعة متأخرًا فعندما كانت الإذاعة المصرية تجوب أقاليم البلاد أثناء شهر رمضان المعظم عام 1953، سجلت للشيخ عندما كان صغيرًا ضمن مجموعة ممن قرأ القرآن الكريم وقراءاته أدت إلى اعتماده في العام التالي مباشرة.
وذاع صيته واحتل مكانة عن جدارة واستحقاق بين كوكبة القراء ثم تميزت قراءاته بقوة الصوت وجماله وعذوبته، إضافة إلى تعدد مقاماته وانفعاله العميق بالمعاني والموسيقى الداخلية للآيات الكريمة.
وزار الشيخ المنشاوي العديد من البلاد العربية والإسلامية وحظي بتكريم بعضها، حيث منحته إندونيسيا وسامًا رفيعًا في منتصف الخمسينيات، كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م.
وزار المنشاوي باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية، وقد ترك الشيخ أكثر من 150 تسجيلًا بإذاعة جمهورية مصر العربية والإذاعات الأخرى، كما سجل ختمة قرآنية مرتلة كاملة تذاع بإذاعة القرآن الكريم.
وتزوج الشيخ مرتين أنجب من زوجته الأولى 4 أولاد وبنتين، ومن زوجته الثانية 5 أولاد و4 بنات، وقد توفت زوجته الثانية وهي تؤدي فريضة الحج قبل وفاته بعام.
مرض الشيخ بمرض دوالي المريء وهو في سن مبكرة عام 1966، وظل يعالج منه حتى أيامه الأخيرة، وكان في هذه الأيام يقرأ القرآن بصوت جهوري شجي أكثر من أيام صحته والناس يجلسون خارج بيته ليستمعوا إليه دون علمه وهم متأثرون وكأنهم أحسوا بدنوّ أجله، ولكنه أبى إلا أن يموت وهو يقرأ القرآن، وظل يقرأ سورة الكهف بمسجد الزمالك حتى تدهورت حالته الصحية، وأمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعلاجه في لندن، إلا أن الله اختاره وفاضت روحه الزكية إلى بارئها قبل أن يذهب إلى لندن في 20 يونيو/حزيران 1969 عن عمر ناهز 49 عامًا قضاها في قراءة القرآن وخدمته، وبذلك فقدت الأمة علمًا عظيمًا من أعلامها وفي سن مبكرة.
aXA6IDMuMTYuODIuMTgyIA== جزيرة ام اند امز