فصائل فلسطينية ومحللون لـ "العين": انهيار السلطة سيناريو سيئ لا تريده إسرائيل
قالوا إن بقاءها هشة وضعيفة يصب في مصلحة تل أبيب
يرى فصائل فلسطينية ومحللون سياسيون، أن تحذيرات وزير الخارجية الأمريكي بشأن انهيار السلطة الفلسطينية، لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد
يرى فصائل فلسطينية ومحللون سياسيون، أن تحذيرات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشأن انهيار السلطة الفلسطينية، لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد.
وكرر وزير الخارجية الأمريكي تحذيره من انهيار السلطة الفلسطينية مرتين، أولهما يوم أمس السبت، وثانيهما اليوم الأحد في واشنطن، لكن بشكل مفصل.
وتباينت التفسيرات حيال هذه التحذيرات بين من يراها محاولة لإجهاض الانتفاضة، ومن يراها محاولة لدفع السلطة الفلسطينية للجلوس على مائدة التفاوض، دون شروط مسبقة.
وكان الخيط الذي يربط كل هذه التفسيرات، هو أن انهيار السلطة الفلسطينية سيناريو سيئ لا تريده إسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تريد أن تظل السلطة هشة وضعيفة.
غسان الشكعة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واحد ممن يروا في تصريحات كيري، محاولة للضغط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، وهو ما دفعه إلى وصفها بـ"زوبعة في فنجان".
وأوضح الشكعة، أن التحذير يحمل في طياته تهديدًا ووعيدًا بوقف الدعم المالي للسلطة ووضع العراقيل أمامها إذا لم تعود للمفاوضات مع إسرائيل.
وقال الشكعة: "انهيار السلطة ليس بأيدينا؛ نحن نريد المحافظة عليها لتسهيل أمور المواطنين، خاصة وأن الذي يسيطر على المعابر والحدود هم الإسرائيليون، ولن ندفع نحو انهيار السلطة؛ لأن انهيارها بيد إسرائيل وأمريكيا".
وطالب كيري قيادة السلطة الفلسطينية بفعل المزيد لمنع ومكافحة ما سماه "العنف" ضد إسرائيل، وطالب في الوقت ذاته القادة الإسرائيليين بعدم السماح بتفكك السلطة الفلسطينية وانهيارها، مضيفا أنه إذا حدث ذلك فإن "إسرائيل ستضطر إلى تحمل كل مسؤوليات الحكم في الضفة الغربية".
ويتفق الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية "أبو مجاهد" مع الرأي السابق في أن إسرائيل لا تريد انهيار السلطة، لكنه أضاف: "هي تريدها هشة وضعيفة".
ليست من فراغ
ويلتقط المحلل السياسي عبد الستار قاسم، بُعدًا آخر في تحذيرات كيري، وهو أنها "لم تأتِ من فراغ".
وقال: "ما يغري كيري والإسرائيليين للتلويح بإمكانية انهيار السلطة الفلسطينية هو الحال الذي عليه الأخيرة"، مشيرًا إلى أنها لم تعد أكثر من بنك "لصرف رواتب نحو 160 ألف موظف حكومي فقط".
ويشير قاسم إلى أن إسرائيل أوصلت السلطة إلى حافة الانهيار، لكنها غير معنية بانهيارها تمامًا، لتبقى كجسم حكومي يؤدي مهام وظيفية محددة.
ويضيف في تصريحات خاصة لبوابة "العين": "إسرائيل لا ترغب في رؤية السلطة تنهار أمام عينيها لتتحمل بدلًا عنها مسؤولية الشعب الفلسطيني بأكمله"، منوهًا بأن إسرائيل على العكس ربما تتخذ بعض الإجراءات لتساعد السلطة على البقاء بشكلها الحالي وتأثيرها المحدود.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، أن كيري اعتمد في تحذيره على ثلاث معطيات قوية على الأرض، أي واحدة منها منفردة كفيلة بإنهاء السلطة، فكيف إذا تجمعت كلها في ظرف وآن واحد.
ويقول أبو سعدة لبوابة العين: " كيري استند في تحذيره على وضع الحكومة الإسرائيلية مسألة إمكانية انهيار السلطة على طاولة البحث قبل أيام، وكذلك إبلاغه من قِبَل القيادة الفلسطينية أكثر من مرة عن استعدادها لتسليم مفاتيح السلطة وحلها إذا واصلت حكومة بنيامين نتنياهو ضرب القرارات الدولية عرض الحائط، إضافةً إلى ارتفاع وتيرة أعمال المقاومة الفلسطينية في الآونة الأخيرة من عمليات طعن ودهس وإطلاق نار ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين".
وقال أبو سعدة، إن السيناريو المفضل لنتنياهو هو بقاء السلطة على وضعها الحالي ليبقى هو "احتلال خمس نجوم"، في ظل المهام التي تقوم بها السلطة في الأراضي الفلسطينية بموجب الالتزامات التي تفرضها عليها الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
ويضيف أبو سعدة: "أما السيناريو الثاني لنتنياهو في حال تدحرجت الأمور نحو انهيار السلطة فمن الممكن أن يقوم بتنفيذ انسحاب أحادي الجانب من معظم مدن الضفة ومحيطها بما يقرب من نسبة (40%) من أراضي الضفة" ( على غرار انسحاب رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون من قطاع غزة صيف 2005).
خيارات السلطة
وحيال هذا التحذير الأمريكي، الذي يراه قاسم وسعده بأنه "غير جدي"، يرى الاثنان أن السلطة تفتقد للخيارات البديلة التي تغري الإسرائيليين والأمريكيين برفع عصا الانهيار في وجهها، لدفعها للحفاظ على السلطة عبر خطوات تطلبها تل أبيب وواشنطن لاحتواء الانتفاضة الفلسطينية المندلعة منذ بداية شهر أكتوبر الفائت.
ويقول أبو سعدة، إن السلطة لا يتوفر لها عوامل المواجهة الحقيقية على الأرض، لذلك هي تتعرض لابتزاز أمريكي إسرائيلي واضح الأهداف، منوهًا بأن تلويح الرئيس الفلسطيني بحل السلطة ما هو إلا أداة ضغط على إسرائيل وأمريكا والمجتمع الدولي .. لكن محدودة التأثير".
ويستبعد أبو سعدة أن تفكر قيادة السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح بحل السلطة؛ لأنها تعد ثمر نضال الشعب الفلسطيني إلى قادته فتح عبر قيادتها لمنظمة التحرير والسلطة طوال عقود"، لافتًا إلى أن الوضع في الساحة الفلسطينية مهدد بالخروج عن السيطرة في حال إضعاف السلطة أكثر من الحالة التي هي عليها الآن.
وتوقع أبو سعدة أن تقدم اسرائيل في حال تصاعدت أعمال المقاومة التي تشهدها الضفة منذ أكثر من شهرين، على تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة خلال فترة زمنية قصيرة. مشيرًا إلى أن تلك العملية ستفاقم الوضع الفلسطيني.
ويتفق معه قاسم، ويشير إلى احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ عملية واسعة، لكن دون المس بقيادة السلطة، وذلك لاعتقال أكثر عدد ممكن من الشباب الفلسطيني المنتفض، واعتقال مجموعة كبيرة تتهمهم إسرائيل بتحريض الشبان الفلسطينيين على مواصلة المواجهات مع الاحتلال في الضفة.