مسجد "الدسوقي" في مصر.. جامع الزاهدين وقِبلة المحبين
في قلب دلتا مصر بمحافظة كفر الشيخ، وتحديدًا في مدينة دسوق، يقع واحد من أهم المساجد بمصر.. تعرف عليه.
في قلب دلتا مصر بمحافظة كفر الشيخ، وتحديدًا في مدينة دسوق، يقع واحد من أهم المساجد في مصر، مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، والذي بني في عهد الأشرف خليل بن قلاوون سلطان مصر وقتها.
كان الجامع عبارة عن زاوية صغيرة يجاورها خلوة للإمام سيدي إبراهيم الدسوقي الذي زاره قلاوون وأمر ببناء هذه الزاوية والخلوة إكرامًا له، وبعد وفاة الإمام إبراهيم الدسوقي عن عمر 43 عامًا دفن في خلوته الملاصقة للمسجد، ومن بعده أخذ تلاميذه أخيه شرف الدين أبي العمران موسى إمامًا ومعلمًا، وظل يباشر تدريسهم بنفس الزاوية حتى توفي، ودفن بجانب شقيقه، واستمرت الدراسة بهذه الزاوية حتى توسعت وأصبحت مسجدًا عرفت بالمسجد الدسوقي.
أولى التحسينات للمسجد حدثت في عهد إسماعيل بن إيواظ حاكم مدينة دسوق، الذي حكم بعد وفاة الدسوقي مباشرةً حوالي عام 1277، والذي كان أحد مريدي الدسوقي كذلك، رأى أن المسجد أو الزاوية التي دفن بها الدسوقي غير ملائمة، وقد تصدع حائطها، فأمر أن يُقام له مسجد كبير مناسب لمكانته ومقامه، وقد كان بأن أزال الزاوية وأقام مكانها مسجدًا كبيرًا على شكل صخرة به عدة إيوانات، كما أمر أن يُقام له ضريح عظيم يليق بالدسوقي.
وفي عهد السلطان قايتباي، أمر الأخير بتوسعة المسجد وبناء ضريح لمقام سيدي إبراهيم الدسوقي، وفي 1880 أمر الخديوي توفيق ببناء مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي وتوسعة الضريح وبني المسجد حينها على مساحة 3000 م2.
وفي سنة 1969 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، قامت الدولة بتوسعة المسجد على مساحة 6400 مترًا مربعًا، وجعل له 11 بابًا، وصالون لكبار الزوار، ومكتبة إسلامية جامعة فيها المراجع الكبرى في الفقه الحديث والأدب، وهذه المكتبة يقصدها طلاب العلم والمعرفة من الباحثين وطلاب الجامعة من شتي محافظات مصر.
وفي عام 1976 تمت توسعة المسجد وبناء جناح خاص بالسيدات من طابقين على مساحة 600متر، وتم إقامة 4 مآذن على أحدث طراز معماري.
وبداخل المسجد 140 عمود، كما يوجد بالضريح 8 أعمدة، بالإضافة لـ10 أعمدة بمسجد السيدات، ويتسع المسجد لحوالي 25 ألف مصل.
يعد المسجد أحد المزارات الصوفية الكبيرة في العالم الإسلامي، ويُقام به احتفال سنوي بمولد إبراهيم الدسوقي في شهر أكتوبر من كل عام يستمر لمدة أسبوع، ويحتفل بالذكرى 77 طريقة صوفية من مختلف أنحاء العالم، حيث يزور المدينة في هذا الوقت من العام أكثر من مليون زائر من مختلف محافظات مصر وبعض دول العالم، ويُعد من أكبر احتفالات الموالد في مصر.
يذكر أن سيدي إبراهيم الدسوقي يلقب بـ "أبو العينين"، والمقصود بها عين الشريعة وعين الحقيقة، ولد رضي الله عنه في 29 من شهر شعبان عام 653 هجرية من أبوين ينتميان إلى بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأبوه هو السيد عبد العزيز أبو المجد الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين رضي الله عنه، وأمه السيدة فاطمة بنت أبى الفتوح الوسطي، والذي ينتهي نسبها إلى الحسن رضي الله عنه.
نشأ الإمام إبراهيم الدسوقي في بيت إيماني صالح، فحفظ القرآن الكريم وهو في السابعة من عمره، ودرس العلوم الشرعية المختلفة من توحيد وفقه وتفسير وبلاغة وأدب حتى أتقن علوم الشريعة، وأصبح أحد كبار علماء الأمة، ودرس في علوم التصوف والأخلاق تزكية النفس، وتبحر فيها حتى صار عينًا من علوم الحقيقة وعينًا من علوم الشريعة، ولذا لُقِبَّ بـ"أبي العينين"، وكان يعمل في صناعة الفخار والحصير والزراعة ليكسب قوت يومه، وكان مجاهدًا في سبيل الله، فشارك في فتح عكا مع جيش المسلمين التي عسكر فيها الصليبيون.
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز