المساكن الجماعية .. مُسكِّنات "مؤقتة" لآلام اللاجئين السوريين بتركيا
إيجار اليوم يبدأ من 5 ليرات
أصبحت المساكن الجماعية في تركيا هي الحل الذي يلجأ له اللاجئون السوريون، ورغم سلبياتها إلا أنهم ينظرون لها كحل مؤقت.
لم تعد أزمة السكن تُشكِّل كابوسًا يُؤرِّق السوريين المقيمين في مدينة إسطنبول التركية فحسب، بل تعدت هذه المشكلة حدود العاصمة السياحية لتشمل كل القرى والبلدات التي يبتغي منها الوافدون السوريون ملاذًا آمنًا يضمد جراحهم.
كللس، غازي عنتاب، أورفة، وغيرها من البلدات الحدودية، باتت تعج بالفارين من الحرب الأهلية في سوريا، ما سبَّب إقبالًا كبيرًا على استئجار المنازل ونقصًا أكبر في العرض إلى جانب ارتفاع ملحوظ في الإيجارات، الأمر الذي كاد يجعل الكثير منهم دون مأوى وخاصة فئة الشباب.
وفي حديث لمراسل بوابة العين الإخبارية، قال خالد طه (45 عامًا) وهو رب أسرة سوري وصل وعائلته إلى مدينة غازي عينتاب قبل سنة ونصف: "لم أواجه أية مشكلة في إيجاد سكن فور وصولي الأراضي التركية، لكن بعد انتهاء عقد الإيجار الأول، طالب مالك العقار بزيادة الأجرة وإلا لن يتم تجديد العقد مرة أخرى".
وعبَّر دلجان، وهو رجل تركي يؤجر شقته لأربعة شبان سوريين منذ عام، عن قلقه بعد مقتل صاحب عقار تركي طعنًا على يد مستأجر سوري.
وقال: "أنا في حيرة من أمري؛ فالجيران يطالبونني بإخلاء الشقة من المستأجرين خوفًا من حدوث أية تجاوزات تخص سلامة البناء أو سلامة قاطنيه، وفي الوقت نفسه لم تبدر من الشبان أية تصرفات سيئة تجبرني على إخراجهم من المنزل".
إلا أن خالد عبدو وغيره العديد من السوريين المقيمين في تركيا منذ فترة طويلة، أوجدوا حلًّا يُنهي قلق دلجان، ويتجسد باستثمار منازل وتحويلها إلى فنادق شعبية تأوي من لا مأوى له، مستغلين بذلك الثقة التي منحها إياهم أصحاب المنازل أو حتى المكاتب العقارية.
يقول عبدو (35 عامًا) وهو مقيم مع عائلته في تركيا منذ أكثر من عامين: "عملت كسمسار أوفر شقق للوافدين من سوريا في بادئ الأمر مقابل مبلغ مادي صغير، لكنه أقل من المبلغ الذي تتقاضاه المكاتب العقارية النظامية، لكن مع تعقد شروط التأجير مؤخرا، اتجهت إلى استثمار شقة كبيرة لحسابي الخاص في (شارع السوريين) وتحويلها إلى فندق صغير أو سكن جماعي.
وأشار عبدو إلى أن هذا الفندق كان مشروعًا ربحيًّا استثماريًّا لكسب العيش بامتياز، لكن الآن أصبحنا نتطلع لإيجاد حل لمشاكل السوريين ومعاناتهم، فالمواطنون الأتراك والمكاتب العقارية، امتنعوا مؤخرًا عن تأجير أي سوري إذا لم تكن هناك معرفة أو تعامل مسبق بينهم، لا سيما الشباب، فبات أشبه بالمستحيل على الشباب السوريين بأن يحظوا ولو حتى بعتبة منزل في تركيا.
وبحسب عبدو، فإن هذه المنازل توفر إقامة يومية وأسبوعية وشهرية، تتراوح تكلفتها بين الخمس والعشر ليرات تركية يوميًّا، أي ما يعادل نحو 2.5 إلى 5 دولارات أمريكية، كما تقدم خدمة الإنترنت المجاني، وترتفع الأسعار حتى 25 ليرة في بعضها، تبعًا لنوع الخدمات وعدد نزلاء الغرفة.
أفضل من جحيم داعش
ماجد الناشف –أحد النزلاء- أبدى ارتياحه في السكن الجماعي، واعتبره الأوفر رغم تشاركية الغرف والمرافق الصحية.
وقال: "الوضع الأمني السيئ في بلدنا، وظروف الحرب، والانتهاكات والاعتقالات المتكررة بحق الشعب السوري، دفعتنا للفرار من سوريا، ولم ولن نجد أفضل من هذه النزل، فنحن الآن 15 شابًّا نقيم في منزل واحد وهناك منازل تضم عددًا أكبر من النزلاء".
وأضاف: "اضطررنا للسكن هنا بسبب قلة المنازل، وارتفاع الإيجارات بشكل جنوني، وامتناع الأهالي عن تأجير الشباب بشكل نهائي، ومع كل ما فيه من سلبيات إلا أنه الأفضل سعرًا بالنسبة لي، وخاصة مع انعدام أي بصيص أمل في العودة إلى بلادنا".
أما خالد الحمو -نزيل آخر- روى ما حصل معه عندما تنقل من سكن لآخر مرات عديدة سعيًا وراء الراحة في مساكن "لم تكن هي الحل الأمثل بالنسبة إليَّ" كما قال.
وتابع الحمو: "كان أنسب الحلول للتخلص من أداء الخدمة العسكرية في سوريا، هو الهروب إلى تركيا، وإيجاد عمل، ومن ثم إيجاد منزل يأويني أنا وعائلتي فور وصولها".
لكن الموضوع لم يكن بالأمر السهل على الحمو، وقال: "وافق أحد أصحاب الشقق تأجيري منزله عندما علم أن عائلتي ستلتحق بي خلال أيام، لكن المفاجئة كانت بقيمة الإيجار المرتفعة جدًّا، وبضرورة الدفع لمدة ستة أشهر بشكل مقدم، لذلك كان خيار السكن الشبابي هو الحل الوحيد أمامي".
وعلى الرغم من انعدام الخصوصية التي يفرضها السكن الجماعي، ومن صعوبة الانسجام والتنسيق مع جميع النزلاء، إلا أن سعدًا كان أفضل حالًا بكثير من بقية قاطني النزل الشبابية، حيث قال: "أن تنعم بالراحة والهدوء لأكثر من ساعة في اليوم في هذا السكن هو ضرب من الخيال، لكن أن تفلت من قبضة "داعش" وتصل إلى تركيا بسلام، يمنحك شعورًا بأنك تعيش في جنة الخلد".
لاشك أن هذه المنازل في تركيا، أصبحت حلًّا يُلامس وجع السوريين ولو بشكل مؤقت، إلا أن بعضهم يراه كمن يضمد جرحًا في جسد ممزق.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjIuNzMg جزيرة ام اند امز