الجبن البلدي في تعز اليمنية.. حرفة شعبية يكبحها الحصار الحوثي
اليمنيون يأكلون الجبن بكميات كبيرة ويقدم على موائد الطعام كقطع صغيرة تؤكل مع الخبز وفي موائد شهر رمضان يقدم مع الطماطم
باتت مئات الأسر اليمنية القاطنة بمحافظة تعز ممن تعتمد على الصناعة التقليدية للجبن البلدي كمصدر مهم للدخل أمام مأساة إنسانية فعلية؛ إثر الحصار الحوثي الذي أنهى عامه الرابع، حيث أدت حرب الحوثيين في تعز إلى عزل الأسواق المركزية لبيع الأجبان في المدينة عن أريافها.
وتشتهر تعز بعدد من الأسواق التي تبتاع الأجبان، منها سوق الضباب، من أشهر أسواق البلد، وهو سوق شعبي يبعد عن المدينة أقل من 2 كيلومتر غربا، كما تشتهر بسوق "الشنيني" الواقع في قلب المدينة القديمة فيما الأرياف تشتهر بـ"هجدة" و"البرح" و"البيرين" و"الكدحة".
ويعمل بقطاع صناعة الأجبان عدد كبير من الأسر في أرياف المحافظة جنوبي اليمن، وحد حظر التنقل الذي يفرضه الحوثيون في تعز من رواج تجارة الجبن، كما أن ضعف القدرة الشرائية عند المواطن حولها لحرفة تدر دخلا ضعيفا.
ويتراوح أسعار الجبن البلدي بين 3 دولارات إلى 10 دولارات للقطعة الواحدة، إذ تنتج الأسر معدل 2-4 قطع ويعود ذلك إلى توفر كمية الحليب، إذ تحتاج قطعة الجبن الواحدة للترين من الحليب الطازج.
ويقول صانع الجبن عبدالسلام الراعي لـ"العين الإخبارية" إن الكميات التي كان يبيعها انخفضت إلى النصف كانعكاس طبيعي للحرب، ويضيف "لم نعد قادرين على شراء حاجة الماشية فمع انعدام المراعي نعمل على شرائه من مناطق تهامة التابعة لمحافظة الحديدة".
وتابع: "الوصول للمناطق الزراعية بحاجة لمبالغ كبيرة وتكلفة السفر من خلال الطرق الجبلية مرهقة للغاية، وذلك بسبب سيطرة الحوثيين على الطرقات الرئيسية".
وفي سوق الشنيني يبتاع محمد حسن الجبن البلدي ويقول: "نعمل على تصدير الجبن الناشف إلى الخارج ونحرص على تعقيمه بالملح، حتى يتحمل مدة السفر نحرص على توصية المزارعين بتحضيره خلال مدة أطول قد تستغرق 10 أيام".
ويذكر حسن لـ"العين الإخبارية" أن أجود الجبن البلدي يعرف بـ"العواشقي" ويصنعه أهالي العواشقة بمديرية موزع المطلة على سواحل المخا، ويباع في العادة في مدينة "البرح".
وتابع: "إلى جانب موزع تشتهر مديرية مقبنة في ذات الحرفة ومنه نحصل على الجبن "القاحزي" و"الفاخري" و"القمعري"، وهي بلدات ريفية تتوسط بين الساحل الغربي والمدن الجبلية في الداخل اليمني".
ولفت إلى أن الأسر في شرعب وفي مدينة البرح وغرب تعز عن المدينة الخاضعة لحصار حوثي مشدد، إذ يخترق الأهالي طرقا فرعية وعرة تمتد لأكثر من 7 ساعات ليصل إلى مدينة تعز بعد أن كانت المسافة أقل من ساعة واحدة.
وأضاف: "تكاليف النقل كبيرة ما يزيد من تكلفة قطعة الجبن الواحدة، ومع ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن نحاول بيعها بأقل الأسعار".
وقال عاملون في تلك الصناعة، لـ"العين الإخبارية"، إن إعداد الجبن البلدي التقليدي غالبا ما يتم في المنازل، وذلك بجمع لبن الأبقار أو الأغنام داخل إناء ذي شكل دائري، حيث يتم تخمير الجبن البلدي بعد مزجه بمادة تدعى "المنفحة"، تستخرج من أمعاء رضيع الماعز الذي لا يتجاوز عمره نصف الشهر، ويتم رج القليل جدا منه مع اللبن باستمرار لنحو (20 دقيقة).
ويحتاج الجبن نحو 48 ساعة تقريبا حتى يتخثر ويأخذ شكله الدائري الصلب، ويكتمل تماسكه وليكون صالحا للبيع وذلك داخل أوعية خزفية تعد من سعف النخيل.
ويلجأ صانعو الجبن لتعقيمه بعملية تعرف بـ"الكباء" إذ تقلب على ألسنة الدخان والجمر الناتج عن شجرة تحمل ذات الاسم، يكسبها لونا بنيا داكنا ورائحة نفاذة.
وترتبط صلاحية انتهاء الجبن البلدي بمدى قوة صلابته، أقله 24 ساعة ويعرف بـ"العوب" وأطوله 30 يوما، وهي قطع الأجبان التي يحرص المغترب اليمني إلى أخذ أكبر عدد منها كهدايا رمزية.
ويأكل اليمنيون الجبن بكميات كبيرة، ويفضلون النوع المصنوع من حليب الماعز عن حليب الأبقار، ويقدم الجبن على موائد الطعام كقطع صغيرة تؤكل مع الخبز وفي موائد شهر رمضان يستخدم بكثرة، حيث يهرس مع الطماطم والفلفل الحار والثوم والكمون والملح.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA== جزيرة ام اند امز