الجزائر.. إجراءات حازمة ضد تنظيم انفصالي بمنطقة القبائل
تزايد نشاط تنظيم انفصالي في منطقة القبائل بالجزائر يثير قلق السلطات التي وجهت تعليمات بالصرامة في التعامل مع أعضائه.
يسود قلق بالغ لدى السلطات الجزائرية؛ من تنامي نشاط التنظيم الانفصالي "حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل"، وهو ما دفعها لاتخاذ إجراءات حازمة لمنع أعضائه من النشاط والترويج لأفكارهم في الفضاءات العامة، وصلت إلى حد اعتقال أفراد منه ووضعهم في السجن.
كشفت مراسلة صادرة عن ديوان الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، عن أوامر وجهها لمحافظي منطقة القبائل (الأمازيغ)، بمنع تنظيم "حركة الحكم الذاتي بالقبائل" المعروف اختصارًا بـ"الماك"، من تنظيم نشاطات في الأماكن العمومية واعتقال أفراده إن اقتضت الضرورة.
وأشارت المراسلة، التي تداولتها مواقع جزائرية، إلى ضرورة توحد كل مصالح الدولة وقوات الأمن لغلق الأماكن العامة الخاصة والعامة، التي تفتح أبوابها للتنظيم الانفصالي ليقيم أنشطته بها خاصة دعوات الانخراط في صفوفه، والاحتياط من أعمال الشغب التي تصدر عن هذا التنظيم.
وبحسب مصدر أمني في محافظة تيزي وزو (تتبع منطقة القبائل) تحدث لبوابة "العين" الإخبارية، فإن إستراتيجية السلطات الجزائرية في التعامل مع التنظيم الانفصالي، هي في عرقلة نشاطهم إلى أقصى حد في الفضاءات العمومية، بعد أن لوحظ ازدياد نشاطهم بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح المصدر أن عناصر الأمن في الحواجز المنصوبة في الطرقات، أصبحت تمتلك قائمة بلوحات ترقيم السيارات التابعة لهذا التنظيم وأسماء عناصره الناشطة حتى يتم الحد من تنقلاتهم بحرية داخل قرى ومداشر منطقة القبائل والتقليص إلى أقصى حد ممكن من احتكاكهم بشباب المنطقة.
وعرف التنظيم ذروة نشاطه، بحسب المصدر، خلال شهر رمضان الماضي، باستغلال وجود الشباب في الخارج لساعات متأخرة ليلًا من أجل نشر أفكاره وتوزيع منشوراته.
وقد اضطرت قوات الأمن، في ليلة عيد الفطر، إلى اعتقال نحو 15 عنصرًا من قياديي التنظيم كانوا يعدون لتجمع بإحدى بلديات تيزي وزو، لكنها سرعان ما عادت وأطلقت سراحهم تجنبًا لوقوع أعمال شغب.
جدل حول كيفية التعامل مع التنظيم؟
ولم يعد الحديث عن تنظيم "الماك" الانفصالي من التابوهات لدى السلطات الجزائرية، فقد أصبح أحمد أويحيى، مدير ديوان الرئاسة والرجل المقرب من الرئيس بوتفليقة، يتناول هذا الموضوع في كل ندواته الإعلامية ويتحدث عن هذا التنظيم الانفصالي بالاسم والأشخاص.
ويتهم "أويحيى" هذا التنظيم بتلقي التمويل والرعاية من دولتين بالخارج، هما فرنسا والمغرب، لضرب وحدة واستقرار الجزائر، كما جاء في تصريح أخير له.
لكن أحزابًا معارضة في الجزائر ترفض هذه التهمة، وتؤكد في المقابل أن النظام هو المسؤول الوحيد عن تنامي المد الانفصالي في منطقة القبائل.
وفي هذا الصدد، قال عثمان معزوز، مسؤول الإعلام في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، إن قوة "الماك" تكمن في تخبط النظام الجزائري واستفزازاته المتكررة للمنطقة.
وأضاف مسؤول الحزب المتجذر في منطقة القبائل، إن وقود التنظيم الانفصالي يكمن في النظام الذي فشل في إيجاد الحلول السياسية والاقتصادية للأزمات التي يعيشها وأوصلته إلى حافة الهاوية.
من جانبه، قال الإعلامي والناشط السياسي، مهدي بسيكري، إن رفض فكرة الانفصال لا يعني أبدًا تبرير قمع نشطاء التنظيم الانفصالي لأن ذلك يجعل منهم ضحايا ويزيد من قوتهم.
وأشار -في حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية- إلى ضرورة فتح قنوات حوار ونقاش مع التنظيم؛ لأن كثيرًا من أعضائه انضموا إليه انطلاقًا من يأسهم من إصلاح الوضع السياسي في الجزائر.
هذه الفكرة يرفضها تمامًا، فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية، فبالنسبة له لا يمكن الحوار أبدًا مع من يدعو إلى تقسيم الجزائر التي مات على وحدتها مليون ونصف المليون شهيد.
جدير بالذكر، أن حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل، التي يتزعمها فرحات مهني، تأسست سنة 2002 في خضم أحداث الربيع الأمازيغي التي شهدت مواجهات دامية بين سكان منطقة القبائل وقوات الأمن، وهي تدعو لتقرير مصير المنطقة لاعتبارات تاريخية وثقافية ولغوية وأعلنت قبل سنوات عن حكومة مؤقتة في باريس.
aXA6IDE4LjExOS4xNjcuMTg5IA== جزيرة ام اند امز