نمو مطرد للشركات الناشئة الأفريقية.. محرك قوي لاقتصادات القارة السمراء
تستكشف الشركات الأفريقية الناشئة، التي تحقق ازدهاراً رغم ما تواجهه من صعوبات تمويلية، مجالات التكنولوجيا الصحية والغذائية والمالية.
يأتي ذلك بهدف تلبية احتياجات محلية تعتقد أنها لا تؤخَذ في الاعتبار إلا من عدد محدود جداً من الشركات الأجنبية في القارة.
ابتكر جان شارل ميندي قبل ثلاث سنوات تطبيقاً يتيح للمغتربين السنغاليين التحكّم بالأموال التي يرسلونها إلى أقربائهم المقيمين في السنغال، من خلال دفع فواتير الكهرباء والاتصالات، مباشرة أو عن طريق تقديم قسائم شراء من المتاجر.
وأكّد رجل الأعمال السنغالي البالغ 40 عاماً لوكالة فرانس برس أن "سوق التحويلات المالية من الأفارقة المغتربين كبير جداً".
- أرامكو السعودية تكمل الاستحواذ على 40% في شركة غاز ونفط باكستان
- أضخم صفقات الدمج والاستحواذ في قطاع النفط خلال القرن الحالي
وفي العام 2023، تجاوزت التحويلات إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 50 مليار دولار، بحسب البنك الدولي.
وقال ميندي: "يعتبرون أنّهم يَضحّون كثيراً وأحياناً يتم اختلاس أموالهم".
وأضاف خلال معرض "جيتكس" للتكنولوجيا الأفريقية والشركات الناشئة الذي يضم 1500 جهة مشاركة، ويستمر حتى الجمعة في مراكش بالمغرب: "إذا لم تكن سنغالياً، فلن تعتبر أنّ ذلك يُعدّ مشكلة"، لافتاً إلى أنّ "كل الحلول المطروحة هي مزيج من الحلول الأوروبية المُستخدمة لتلبية حاجة أفريقية، بفضل التكنولوجيا".
وتشير مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، إلى أنّ نظام الشركات الرقمية الأفريقية الناشئة يشهد أحد أسرع معدلات النمو في العالم، وتحديداً في مجال الدفع عبر الهواتف المحمولة.
لكنّ التفاوتات كبيرة في القارة الأفريقية، إذ لا يزال التحوّل نحو التكنولوجيا الرقمية ضعيفاً جداً، كما أنّ التمويل صعب.
وفي يناير/كانون الثاني، أشارت منصة "بارتيك" الاستثمارية إلى أنّ النظام التكنولوجي الأفريقي جمع 3,5 مليار دولار عام 2023، أي أقل بنسبة 46% عن أرقام سنة 2022، وشهد انخفاضاً بنسبة 50% في عدد المستثمرين النشطين.
إدراك المشكلات
عندما تأسست الشركة التنزانية الناشئة "ماوا مازوري" في العام 2020، لم يفهم المستثمرون الغربيون الحاجة التي تحدثت عنها الشركة التي تستخدم التكنولوجيا الحيوية لزيادة محاصيل بساتين الموز، على قول المسؤول عن الاستثمارات فيها بيني ممباغا (28 عاماً).
وأضاف: "في شرق أفريقيا، يُستخدم الموز في كل شيء، وفيما تضم تنزانيا إحدى أكبر مناطق بساتين الموز في العالم، تُعدّ محاصيلها من هذه الفاكهة أدنى بكثير من الكميات المُنتَجَة في بلدان أخرى، فضلاً عن انتشار فيروس في هذه الأشجار منذ العام 2020".
وتساعد ماوا مازوري ألف مزارع من خلال توفير بذور مقاوِمة لهم.
وقال ممباغا: "بعد تحقيق إيرادات بـ655 ألف دولار سنوياً، بات المستثمرون يدركون الحاجة إلى التكنولوجيا في هذا المجال".
من جهة ثانية، تُعدّ التكنولوجيا الصحية قطاعاً متنامياً آخر في أفريقيا، حيث يعيش أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة في فقر وحرمان من التغطية الصحية، بحسب اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة المعنية بالصحة في أفريقيا.
وقال رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار في هذه اللجنة مختار سيك، خلال معرض "جيتكس"، إنّ "الحكومات لا تنفق سوى 6% فقط من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية، مقابل نحو 9% إلى 10% في الدول الأوروبية. إذاً لا بدّ من التحرّك".
خدمة صحية في المنازل
شارك رينيه نغاماو في تأسيس "تشيكابس" Checkups، وهي شركة تنشر فرقاً طبية في المناطق النائية في كينيا وجوبا (جنوب السودان).
ومن خلال تطبيق للهواتف المحمولة خاص بالشركة، يمكن للمريض الحصول على تغطية طبية ميسّرة التكلفة، من دون شروط مرتبطة بالعمر أو الأصول، بالإضافة إلى قرض صغير من بنك شريك، وإمكان التواصل مع أقرب ممرض، والأهم من ذلك إفادة القريبين منه.
وقال رجل الأعمال رينيه نغاماو (53 عاما) "نحن نفهم نظامنا، فالعائلة الأفريقية لها هيكلية مختلفة، لذا نسمح للمستفيدين بمشاركة حقوقهم مع أي شخص مهمّ لهم، أكان قريباً أم جاراً".
وفي كينشاسا، أطلق الطبيب ورجل الأعمال أولريش كويسو تطبيق "لوكافارما" لرسم خريطة للصيدليات وتمكين المريض من العثور على الدواء الذي يحتاجه.
وترغب الشركة الناشئة الكونغولية في مواجهة مشكلة ثلاثية: نفاد الأدوية الغالية وبخاصة تلك المضادة للسرطان، وظاهرة "الصيدليات المزيفة" التي تعمل من دون ترخيص، وضياع الوقت في البحث عن صيدليات في المدينة التي تقطنها أكثر من 15 مليون نسمة.
وقال كويسو "إن الناس لا يدركون الإمكانات التي توفرها التكنولوجيا لحل مشاكلهم".
وتابع "بما أنّ عدد سكان الكونغو يصل إلى قرابة مئة مليون نسمة، تخيّلوا الأرواح التي يمكن إنقاذها بفضل تطبيق مماثل، هذا فضلاً عن الإمكانات المرتبطة بالأعمال!".