الكل ينتظر بعضه.. حسابات معقدة وراء ترشح بايدن مجددا للرئاسة الأمريكية
تترقب الأوساط السياسية الأمريكية إعلانا وشيكا للرئيس جو بايدن بشأن ترشحه لفترة رئاسية ثانية، لكنه وإن لم يأت بعد فقد تأخر كثيرا.. فما السر؟
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد وقت قليل من ابتهاج الديمقراطيين بانتصارهم في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس، وهي التي كان يتوقع على نطاق كبير خسارتهم فيها، أعلن الرئيس بايدن أنه سيبت فى أمر ترشحه لفترة ثانية مع بداية العام الجديد، إلا أن إعلانا رسميا لم يصدر حتى الآن.
هذا التأخير ربما يعكس الحسابات السياسية المعقدة داخل صفوف الديمقراطيين، والتي يمكن تفسيرها على عدة محاور، فالرئيس بايدن الذي بلغ الثمانين من عمره في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لا يحظى بقبول كل أعضاء الحزب من الناخبين.
وهناك تساؤلات بشأن لياقة بايدن الذهنية لهذا المنصب في فترة ولاية جديدة، كما أنه قد ناله ما ناله من جدل إثر العثور على وثائق سرية في منزله بديلاوير ومركز أبحاث تابع له بواشنطن خلال وجوده بمنصب نائب الرئيس باراك أوباما، وهو ما فسره بعض الجمهوريين في وقت سابق بالقول إن "الدولة العميقة لا تريد ترشح بايدن مرة أخرى".
فما هي الحسابات الحقيقية للديمقراطيين؟.. ربما أول هذه الأسباب أنه لا يبدو بعد وجود "نجم سياسي" آخر لدى الحزب الديمقراطي، كبديل لبايدن، لخوض غمار معركة انتخابية ضخمة للبيت الأبيض.
لكن أهم الأسباب يبدو أنها مراقبة الديمقراطيين وانتظارهم لما سيفضي إليه التنافس الانتخابي في المعسكر الجمهوري.
فعلى عكس الديمقراطيين، توجد لدى الحزب الجمهورى وفرة في الشخصيات اللامعة التي تبدو جهوزيتها على الأقل لخوض السباق التمهيدي وكثير منهم كانوا أعضاء بالفعل في إدارات أمريكية ومن ثم فلديهم رصيد من الشهرة على المستوى الوطني.
ومن السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي التي أعلنت بالفعل ترشحها، إلى مايك بومبيو رئيس المخابرات المركزية الأسبق ووزير الخارجية السابق ومايك بنس نائب الرئيس السابق اللذين يترقب إعلان ترشحهما.
هذا كله فضلا عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن النجم الساطع في صفوف الجمهوريين بالفعل هو حاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي يعد هو الآخر في انتظار بعض التطورات لكي يعلن رسميا ترشحه لسباق البيت الأبيض أو يستبعد القرار في الفترة الحالية.
وما بين التأجيل والإعلان يبدو أن الكل ينتظر بعضه لكي يحسم قرار الإعلان عن الترشح للسباق الرئاسي بالولايات المتحدة 2024.
أما ديسانتيس، المفضل على مستوى النخبة الجمهورية، فينتظر تحسن مستويات شعبيته لدى الناخبين لكي يعلن ترشحه رسميا، وذلك في مواجهة ترامب، المنافس الأبرز للجمهوريين والمفضل على المستوى الشعبي كثيرا دون أن يحظى بتوافق النخبة الجمهورية، وذلك بحسب نتائج استطلاع نشرته صحيفة "نيويورك بوست"، أمس الأول الأحد.
ديسانتيس - ترامب
ونتيجة هذه المنافسة بين ديسانتيس وترامب يفترض أنها ستؤثر في قرار الديمقراطيين النهائي بشأن من سيخوض السباق باسمهم. ففي الاستطلاع المشار إليه ذاته، كشفت الأرقام عن أن ديسانتيس قادر على هزيمة بايدن في مواجهة انتخابية لعام ٢٠٢٤، بينما ترامب لن يكون قادرا على هزيمة بايدن في هذه المواجهة.
ومن ثم، ففي الجانب الجمهوري، يعد ديسانتيس هو أمل المحافظين في انتزاع البيت الأبيض بهزيمة بايدن أو أي مرشح ديمقراطي آخر، بينما تفوق ترامب، بالنسبة للجمهوريين، لن يتعدى استطلاعات الرأي ولن يتحقق أبدا في صناديق الاقتراع، وهو ما يعني هزيمة الجمهوريين نهائيا في ٢٠٢٤.
ومن ناحية الديمقراطيين، فإن تفوق ديسانتيس على ترامب شعبيا وحصوله على ترشيح الحزب الجمهوري يعني أن بايدن في خطر وقد لا يحظى بفترة رئاسية ثانية، ومن ثم فينبغي إزاحته من السباق منذ الآن وإعداد مرشح آخر قادر على الصمود في وجه ديسانتيس.
وفي المقابل، فإن تفوق ترامب على ديسانتيس شعبيا وخوضه السباق باسم الحزب الجمهوري في النهاية هو عين ما يرجوه الديمقراطيون لأنه في هذه الحالة، سيكون بايدن المرشح الوحيد القادر، دون غيره من الديمقراطيين، على هزيمة الرئيس السابق.
وحتى الآن يبدو تفوق ترامب شعبيا على ديسانتيس، كما أن ديسانتيس، الذي لم يقرر ترشحه رسميا بعد، ربما يقرر الاحتفاظ بفرصه في خوض سباق لاحقا بعد سنوات من الآن، بعد انتهاء "حالة ترامب الاستثنائية".
فالرئيس السابق الذي يحظى بقبول شعبي دون قبول حزبي، لديه من المال ما يكفيه لخوض معركة انتخابية طويلة، لكن ديسانتيس، دون قبول شعبي، لن يصمد في الانتخابات التمهيدية وسينتهي به الأمر للهزيمة، رغم التأييد والدعم الذي يحظى به بين صفوف الحزب الجمهوري.. لكن في الوقت نفسه، تقول الحكمة المأثورة "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك".
وعلى الجانب الديمقراطي، فهذا يعني أن كل يوم يمر دون الإعلان عن مرشح ديمقراطي قوي ومستعد لخوض غمار هذه المعركة الانتخابية الشرسة، ينال من حظوظ الديمقراطيين فى الاحتفاظ بالبيت الأبيض.
كما أن تفوق ترامب شعبيا حتى الآن على ديسانتيس يعطي للديمقراطيين أملا في مواجهة بين بايدن وترامب تنتهي بهزيمة ترامب وفوز بايدن. وإذا ما قرر الديمقراطيون أخيرا استشراف نتائج هذه المنافسة بين ترامب وديسانتيس لصالح ترامب، فإن الإعلان يبدو وشيكا من جانب البيت الأبيض عن ترشح الرئيس الثمانيني بايدن لولاية جديدة.
aXA6IDMuMTQzLjIzNS4xMDQg جزيرة ام اند امز