"واشنطن بوست": "داعش" يجهز أتباعه لسقوط "الخلافة"
علامات اليأس تتزايد أسبوعيا داخل "الخلافة" التي تقلصت بنسبة 12% إضافية في الأشهر الستة الأولى من عام 2016
في الوقت الذي يشن تنظيم "داعش" الإرهابي موجات من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، يبدو أن قادته بدأوا يهيئون أتباعهم ولكن بهدوء لانهيار "الخلافة" التي أعلنها وسط ضجة كبيرة قبل عامين، بحسب خبراء استطلعت آرائهم صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وفي تقرير نشرته الصحيفة الأمريكية على موقعها الإلكتروني، قالت إنه خلال رسائل علنية والإجراءات الأخيرة في سوريا، يقر قادة الجماعة بتراجع حظوظ التنظيم الإرهابي في ساحة المعركة، بينما يستعدون لاحتمال أن تسقط المعاقل المتبقية.
وأشارت إلى أنه الجماعة تعهدت في الوقت نفسه، بالمضي قدما في حملة العنف الأخيرة، حتى لو اضطر الإرهابيون أنفسهم للتخفي، حيث يعتقد خبراء مكافحة الارهاب الأمريكيين أن الهجمات ذات الخسائر البشرية الكبيرة في إسطنبول وبغداد الشهر الماضي، كانت إلى حد كبير ردًا على الانتكاسات العسكرية في العراق وسوريا.
بينما يقول محللون إن هذه الأعمال الإرهابية من المرجح أن تستمر وتزداد كثافة، على الأقل في البداية، حيث تتطور المجموعة من شبه دولة ذات حيازات إقليمية إلى شبكة غامضة ومنتشرة لها فروع وخلايا في 3 قارات على الأقل.
وبينما يشكل خسارة الملاذ الفعلي ضربة كبيرة لـ"داعش"، تحد بشدة من قدرته على جمع المال، وتدريب المجندين أو التخطيط لعمليات إرهابية معقدة، لكن طبيعة التنظيم اللامركزية إلى حد كبير تضمن أنه سيبقى خطيرًا لبعض الوقت في المستقبل، وفقا لمسؤولين أمريكيين وخبراء إرهاب حاليين وسابقين.
يقول مايكل هايدن، الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الذي ترأس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في القترة بين 2006-2009 "بينما كان تنظيم القاعدة هرميا وإلى حد ما تحت السيطرة، هؤلاء الرجال ليسوا كذلك، فلديهم كل الطاقة وعدم القدرة على التنبؤ التي تملكها حركة شعبية".
ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولي "داعش"، يصرون في تصريحات علنية وفي مقابلات، على أن مشروع الجماعة "للخلافة" لا يزال قادرا على البقاء، بينما يعترفون أيضا بأن الانتكاسات العسكرية فرضت تغييرًا في الاستراتيجية.
ونقلت الصحيفة عن أحد عناصر التنظيم منذ فترة طويلة الذي تحدث في مقابلة عبر خدمة صوتية على شبكة الإنترنت، قوله: "على الرغم من أننا نرى بنيتنا الأساسية في العراق وسوريا تتعرض للهجوم، كنا قادرين على التوسع ونقلنا بعض قياداتنا، وإعلامنا وهيكل ثروتنا إلى دول مختلفة".
وأضاف عضو التنظيم الذي وافق على التحدث مع صحفي غربي بشرط عدم الكشف عن اسمه وموقعه الجغرافي: "لدينا بالفعل كل يوم، أشخاص يحاولون الاتصال، ويقولون لنا إنهم يريدون المجيء إلى (دولة) الخلافة، لكننا نقول لهم أن يبقوا في بلدانهم، والأفضل أن ينتظروا لفعل شيء هناك".
واعترف أن بعض أتباع الجماعة يشعرون بخيبة أمل بسبب أخطاء القادة الميدانيين، وقال إنه لا يهتم ما إذا ظل مقر التنظيم في الرقة أو نقل إلى شمال أفريقيا أو أي مكان آخر، على الرغم من أنه أضاف أن سيتم الثأر لخسارة الرقة بالتأكيد.
وتابع: "ثمة رسالة إلى جميع أعضاء التحالف ضدنا: نحن لن ننسى، وسوف نأتي إلى بلدانكم ونضربكم بطريقة أو أخرى".
غير أن علامات اليأس تتزايد أسبوعيا داخل "الخلافة"، التي تقلصت بنسبة 12% إضافية في الأشهر الستة الأولى من عام 2016، وفقا لتقرير أصدرته الأسبوع الماضي شركة "آي إتش إس"، للتحليلات والاستشارات.
ووفقا للصحيفة، فإن المزيد من المؤشرات على السقوط المقبل ظهرت في التصريحات الصادرة عن مسؤولين في "داعش" خلال الأسابيع الستة الماضية، وهي الفترة التي شهدت تراجع مقاتلي التنظيم في جبهات متعددة، من الفلوجة في وسط العراق إلى الحدود السورية التركية.
وبحسب الصحيفة، فقد قدم مقال افتتاحي لافت نشر الشهر الماضي في مطبوعة "النبأ"، وهي النشرة الأسبوعية العربية للتنظيم، تقييمًا متشائمًا لاحتمالات مستقبل الخلافة، معترفًا بإمكانية خسارة كل ممتلكاتها الإقليمية في نهاية المطاف.
من جانبه قال كول بونزل، أستاذ قسم دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون الذي قدم الترجمة والتعليق على المقال المنشور في "النبأ": "إنهم لا يريدون أن يخسروا الأرض، لكنهم يحاولون تذكير الناس أن الجماعة لديها تاريخ طويل وأنهم سيستمرون، تماما كما فعلوا في أوقات سابقة".
بينما قال ويل مكانتس، الباحث في معهد "بروكينجز"، إن الهجمات الدموية في مطار أتاتورك بإسطنبول وسوق الكرادة في بغداد وكلاهما أهداف سهلة نسبيا للإرهابيين الذين تهمهم فقط الأعداد الهائلة للضحايا، ربما كانت أيضا جزء من نفس الجهد لطمأنة الأتباع بشأن نشاط داعش".
وأضاف أن "الهجمات الناجحة في الخارج، مؤشر على قلق عميق في الداخل"، لافتا إلى أنه بعد سنوات من التفاخر بالجماعة، التي لا تقهر، بدأ قادة مثل العدناني الاعتراف بخسائر المعركة أثناء محاولة تصويرها في ضوء أكثر إيجابية.
وأشار إلى أن بيانات الجماعة يغيب عنها أي اعتراف بأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية التي ساهمت في المأزق الحالي لـ"داعش"، الذي يقاتل بمفرده ضد مجموعة واسعة من القوى تضم القوى الغربية الكبرى، السنة والشيعة والروس والأكراد".
وتابع: "إنهم لا يحاولون التذاكي حول هذا الموضوع، لكنهم في الحقيقة يحاولون إعداد أتباعهم للتعامل مع الخلافة التي لم تعد خلافة".
وفي غضون ذلك، يخشى مسؤولو الاستخبارات الأوروبية أن المرحلة الجديدة قيد التنفيذ، حيث قال مسؤول أمني فرنسي رفيع المستوى، "إنهم.. في وضع تحدى، بينما نكيف استراتيجيتنا على استراتيجيتهم الأولي، من أجل البدء في (طردهم من معاقلهم)".
وأضاف: "ولكنهم سيتوسعون الآن في تكتيكات أخرى، ويبدؤون تنفيذ عمليات سرية أكثر مكرا في مدن كبيرة.. الخطوة المقبلة قد بدأت".
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز