هذا ما ينتظر ممداني.. راتب ضخم وقصر تاريخي وتنصيب تحت الأرض
في مشهد يختلط فيه الرمز بالتاريخ والسياسة، يستعد زهران ممداني لتنصيبه رئيسًا لبلدية مدينة نيويورك، ليس فقط كأصغر من يشغل المنصب منذ أكثر من قرن، بل أيضًا كأول عمدة مسلم في تاريخ المدينة.
ومع أدائه اليمين الدستورية في موقع استثنائي تحت الأرض، تبدأ مرحلة جديدة من حياته السياسية مصحوبة بحزمة من الامتيازات والمسؤوليات الثقيلة، بحسب موقع "بيزنس إنسايدر".
واعتبارًا من الأول من يناير/ كانون الثاني، سيتقاضى ممداني راتبًا سنويًا يبلغ 258,750 دولارًا، بزيادة تفوق 80 في المائة مقارنة براتبه السابق كعضو في مجلس ولاية نيويورك، والذي كان يبلغ نحو 142 ألف دولار سنويًا.
ورغم ضخامة الرقم، فإن هذا الراتب يعكس حجم إدارة مدينة يتجاوز عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة، ويظل أقل من رواتب عمد بعض المدن الأميركية الكبرى مثل سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس.
ويفوق راتب ممداني رواتب معظم أعضاء الكونغرس الأميركي (174 ألف دولار سنويًا)، بل ويتجاوز راتب رئيس مجلس النواب ووزراء الحكومة الفدرالية، فإنه ليس الأعلى بين رؤساء البلديات.
يذكر أن الملياردير مايك بلومبيرغ اختار تقاضي دولار واحد فقط كراتب رمزي خلال فترة ولايته الممتدة من 2002 إلى 2013.
وبموجب المنصب، سينتقل ممداني إلى قصر غرايسي، المقر الرسمي لرؤساء بلدية نيويورك منذ قرون، المطل على النهر الشرقي في الجانب الشرقي العلوي من مانهاتن، دون أن يدفع إيجارًا.

وفي بيان رسمي، أوضح أن قراره بالسكن في القصر يعود إلى اعتبارات أمنية، إضافة إلى رغبته في التفرغ الكامل لتنفيذ برنامجه الانتخابي الهادف إلى خفض تكاليف السكن.
ووفقًا لتقديرات مجلة فوربس، تبلغ صافي ثروة ممداني نحو 200 ألف دولار فقط. وكان يعيش منذ عام 2018 في شقة ذات إيجار ثابت في حي أستوريا، حيث يدفع إيجارًا شهريًا يبلغ 2300 دولار.
وفي رسالة وداع مؤثرة، قال إنه وزوجته راما سيشتاقان لتفاصيل الحياة اليومية البسيطة، من الطهي المشترك إلى تبادل التحية مع الجيران، مؤكدًا أن أستوريا ستظل حاضرة في وجدانه السياسي والإنساني.
تنصيب تحت الأرض
اللافت في مراسم التنصيب أن ممداني اختار أداء اليمين الدستورية داخل محطة مترو “أولد سيتي هول” المهجورة، إحدى أقدم محطات مترو الأنفاق في نيويورك، والتي أُغلقت عام 1945.
المحطة، التي لا تُفتح اليوم إلا في جولات نادرة ينظمها متحف النقل، تُعد تحفة معمارية من العصر الذهبي، تزينها أقواس من البلاط صممها المهندس الإسباني رافائيل غواستافينو.
ووصف ممداني المحطة بأنها “نصب مادي لمدينة جميلة بنت ما يغيّر حياة الطبقة العاملة”، في إشارة رمزية إلى رؤيته السياسية التي تربط بين العدالة الاجتماعية والبنية التحتية العامة.

وبعد الحفل الرمزي تحت الأرض، سيُقام تنصيب جماهيري فوق الأرض أمام مبنى البلدية، أحد أقدم مباني الحكم المحلي المستخدمة باستمرار في الولايات المتحدة.
محطة تاريخية
وستُسجل محطة “أولد سيتي هول” صفحة جديدة في تاريخها العريق عندما تشهد، للمرة الأولى منذ عقود، حدثًا سياسيًا معاصرًا بهذا الثقل.
ومع تولي ممداني منصبه في سن الرابعة والثلاثين، تُطوى صفحة تقليدية من تاريخ المدينة، وتُفتح أخرى تعكس تحولات نيويورك الديموغرافية والسياسية، في لحظة تجمع بين الرمزية، والجرأة، وتوقعات مرتفعة من سكان المدينة الأكثر تنوعًا في العالم.
