إلغاء دعم الكهرباء في مصر لا رجعة عنه.. ومطالبات بحماية الفقراء
الحكومة المصرية تعتزم تنفيذ خطة تحرير أسعار الكهرباء، وذلك في إطار تطبيق الأسعار العالمية على مختلف منتجات قطاعات الطاقة
على غرار خطة تحرير أسعار المحروقات من بنزين وديزل، تعتزم الحكومة المصرية تنفيذ خطة تحرير أسعار الكهرباء، وذلك في إطار تطبيق الأسعار العالمية على مختلف منتجات قطاعات الطاقة، لتوفير موارد تغطي خطط التنمية التي تنفذها وزارة الكهرباء من إنشاء شبكات جديدة وتطوير الشبكات القائمة.
خطة رفع الدعم عن الكهرباء تم وضعها من العام 2014، ونوقشت في مجلس الوزراء المصري، وجرى تنفيذ بعض بنودها بشكل تدريجي، إلا أن التنفيذ الفعلي أثار شكاوى المواطنين، فتم تكليف الوزارة من رئاسة الجمهورية لوضع خطة جديدة يتم تنفيذها على مدى أطول، ومن المقرر أن ينطلق البرنامج مطلع يوليو/ تموز المقبل، بعد إقرار الخطة، من مختلف الجهات، لتحرير الأسعار وتخفيض حجم الدعم من 30 مليار جنيه إلى 9 مليارات جنيه في نهاية الخطة بحلول عام 2019 – 2020، مع إمكانية مد برنامج تحرير الأسعار حتى 2023.
في اجتماع المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء المصري، مع وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر تم التأكيد على أن الحكومة المصرية ستقرّ خلال أيام خطة رفع الدعم تدريجياً عن الكهرباء، كما أن وزارة الكهرباء قدمت عدة بدائل لرفع الدعم تدريجاً لمواكبة ارتفاع أسعار الوقود المستخدم فى توليد الطاقة، والهدف منها تغطية احتياجات الوزارة لتوجيهها لتطوير شبكات النقل والتوزيع لتحسين الخدمة للمواطن.
الخطة تستهدف رفع الدعم كليا عن الشرائح الأعلى والأكثر استهلاكاً، مع الأخذ في الاعتبار أوضاع محدودي الدخل، بحيث لا تشكل الزيادة نسبة كبيرة على فئات المواطنين المصريين الأقل استهلاكا، خصوصا الشرائح التي لا يتعدى استهلاكها الـ 300 كيلووات، والذين يتم تطبيق زيادات محدودة على حجم استهلاكهم من الكهرباء.
الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، يبين أن خطة الحكومة تستهدف رفع الدعم تمامًا عن الكهرباء فى غضون 5 سنوات بإعادة هيكلة أسعار الكهرباء، كما يجب أن تتخلص الدولة من مشكلة كبيرة تؤرق الدولة، خصوصا مع ارتفاع حجم الدعم لمحدودى الدخل من الكهرباء والذي تتحمله ميزانية الدولة سنويا.
ولفت إلى أن رفع الدعم ليس الطريق الوحيد لتوفير الاستهلاك في الكهرباء بمصر ولتخفيض حجم الإنفاق السنوي على دعم الطاقة، بل هناك عدة وسائل، منها ترشيد الاستهلاك الحكومي، وفي إنارة الشوارع والطرق العامة، والمباني الحكومية، وتوعية المواطنين، عبر حملات إعلامية متنوعة، بخلاف طرح مستمر لتوريد ملايين اللمبات الموفرة للطاقة وتوزيعها على المواطنين، وتقسيط قيمتها على فواتير الكهرباء على 20 شهرًا.
وبين أن هناك وسائل عديدة تتبعها الحكومة المصرية ضمن خطة إعادة النظر في تخطيط الطاقة وإدخال وسائل جديدة، لمحطات توليد الكهرباء، مع تحسين أداء محطات الكهرباء، والتخطيط لإنتاج 2000 ميجا من الطاقة النووية، للحد من استخدام الغاز الطبيعى، إلى جانب الطاقة الجديدة والمتجددة التي ستوفر 2300 ميجا من الطاقة الشمسية، و2000 ميجا من طاقة الرياح.
ووفقا لبيانات وزارة المالية فإن دعم المواد البترولية سجل 35 مليار جنيه في ميزانية العام المالي الحالي 2016-2017، مقابل نحو 61 مليارا في العام المالي الماضي بانخفاض حوالي 42.6%، فيما بلغ دعم الكهرباء إلى 30 مليار جنيه بدلا من 31 مليارا و73 مليون جنيه في موازنة العام المالي الماضي.
وزارة الكهرباء قامت قبل فترة بزيادة أسعار الكهرباء ضمن برنامج فع الدعم تدريجيا، وذلك لأنه لم يكن أمام الوزارة إما تحميل الاستهلاك المنزلي قيمة العجز في التكاليف، أو بتحميلها جميع الجهات، ورأت أن الخيار الثاني هو الأنسب، مع تثبيت تكلفة الـ 3 شرائح الأساسية الأولى لاستهلاك الكهرباء، والتي يعتمد عليها محدودو الدخل خلال عملية تحرير الأسعار.
أحمد مصطفى وكيل لجنة القيم بمجلس النواب المصري شدد على أن تراعي الحكومة في تنفيذ برنامج رفع الدعم عن الكهرباء مراعاة محدودي الدخل والطبقات الفقيرة، بما في ذلك ما يترتب على ذلك من خدمات مقدمة للمواطنين من كهرباء ومياه وغاز طبيعي.
وقال: "نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فإن رفع الدعم عن الكهرباء والطاقة، والدعم عامة أحد وسائل العلاج للخلل في الميزانية العامة للدولة، ولكن مع مرعاة الفقراء"، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب رفع الدعم خلال مدة من 7 إلى 10 سنوات، بدلا من 5 سنوات، وبشكل تدريجي، مع ملاحظة أن الكهرباء خدمة عامة وأساسية للمواطنين ويجب أن تتاح بأسعار معقولة وفي متناول الجميع، وليس من المقبول أن تتساوى فيها الطبقات الغنية والفقيرة، والمصانع صاحبة الاستهلاك الكثيف للطاقة والكهرباء.
خطة وزارة الكهرباء المصرية لرفع الدعم تدريجاً عن أسعار الكهرباء، تتضمن 7 شرائح، يتم تثبيت أسعار الشرائح الـ 3 الأولى منها في العام الأول من برنامج تحرير الأسعار، لتصبح الشريحة الأولى من 0 إلى 50 كيلووات بسعر 7.5 قروش للكيلووات، والشريحة الثانية من 51 إلى 100 كيلووات بسعر 14.5 قرش للكيلووات، والشريحة الثالثة من 0 إلى 200 كيلووات بسعر 16 قرشا للكيلووات.
ويشمل جدول رفع الدعم أربع شرائح أخرى يتم تحرير أسعارها توافق والأسعار العالمية، وعناصر التكلفة خلال 5 أعوام، ومن المقرر تنفيذها من أغسطس المقبل، فالرابعة باستهلاك يبدأ من 201 إلى 350 كيلووات وبسعر 35 قرشا للكيلووات، والشريحة الخامسة من 351 إلى 650 كيلووات بسعر 44 قرشا لكل كيلووات، والشريحة السادسة 651 إلى ألف كيلووات سيتم محاسبة المستهلكين على سعر 71 قرشا لكل كيلووات، والشريحة السابعة أعلى من 1000 كيلووات بسعر 81 قرشا للكيلووات.
منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان، ذكرت في بيان لها أن إلغاء دعم الكهرباء سيشمل جميع المستهلكين، وتثبيت بعض الشرائح هو إجراء مؤقت، الأمر الذي يتطلب من الحكومة، إيجاد آلية لحماية الفقراء ومحدودي الدخل.
الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي، يرى أن إجراءات خفض دعم الكهرباء والمواد البترولية تأتي ضمن خطة الحكومة الرامية إلغاء الدعم عن خدمات قطاع الكهرباء بالكامل وبيعها بالأسعار العالمية خفض الدعم عن المنتجات البترولية بمعدل 30% سنويا، متوقعا أن الحكومة لن تقترب من شرائح الاستهلاك الأولى للكهرباء ذات الصلة لمحدودي ومعدومي الدخل.
وتابع: "لديّ شكوك في عدم التزام الحكومة المصرية بالشرائح الدنيا، خصوصا في ضوء حجم فواتير استهلاك الكهرباء للشهور الأخيرة، وإن كان الشعب عليه أن يشارك الحكومة، ويتحمل لتمر البلاد من أزمتها الراهنة، وارتفاع الديون والأعباء العامة."
وكانت مصر قد خفضت في السنة المالية 2015-2016 دعم الوقود إلى 61 مليار جنيه، من نحو 100 مليار جنيه في 2014-2015، ودعم الكهرباء بحوالي 7 مليارات جنيه.
الدكتورة أمنية حلمي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أشارت إلى أن الفئات الفقيرة ومعدومة الدخل هي أكثر الفئات تأثرا برفع الدعم عن الكهرباء والطاقة عامة، خصوصا مع توقعات بأن ذلك سيؤدي إلى موجات غلاء في أسعار السع والخدمات، الأمر الذي يتطلب برامج حماية للفقراء.
aXA6IDMuMTMzLjE1MS45MCA= جزيرة ام اند امز