خبراء فلسطينيون: الاستيطان يتم بدعم مالي وسياسي أمريكي رغم إدانة واشنطن الرسمية
صحيفة إسرائيلية: منظمات أمريكية قدمت ملايين الدولارات للمستوطنات
فيما كشفت صحيفة إسرائيلية عن تقديم منظمات أمريكية دعما للمستوطنات؛ اعتبر خبراء فلسطينيون أن الأمر يكشف دور واشنطن المنحاز للاستيطان
يرى مسؤولون وخبراء فلسطينيون أن تحويل عشرات المنظمات الأمريكية مئات ملايين الدولارات لصالح الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، دون تحرك الإدارة الأمريكية التي عادة ما تدين الاستيطان "يكشف عن حقيقة دور واشنطن المنحاز لإسرائيل".
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها مساء الثلاثاء: إن نحو 50 منظمة أمريكية قامت بتحويل مبلغ مليار شيكل (نحو 259 مليون دولار أمريكي) للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة والقدس خلال السنوات الخمسة الأخيرة.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى "أن هذه الأموال الهائلة تسهم في تطوير المستوطنات، وتستخدم لشراء عمارات في الضفة الغربية وشرقي القدس، ولمد يد العون لعائلات مواطنين يهود أدينوا بممارسة الإرهاب".
وتخصص الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة موازنات مالية ضخمة لصالح التوسع الاستيطاني سنويًّا.
وقال الوزير وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: إن الإدارة الأمريكية على علم بنشاطات المنظمات الأمريكية، ولديها تفاصيل كاملة عن حجم الأموال التي تقدمها للمشاريع الاستيطانية في فلسطين.
وأكد الوزير الفلسطيني، أن الإدارة الأمريكية لم تتخذ أية إجراءات بحق هذه المنظمات التي تعزز من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، و"هذا أمر مدان ومرفوض".
وأشار عساف إلى أن هيئته لديها قائمة بأسماء بعض المنظمات الأمريكية الداعمة والممولة للاستيطان في الضفة الغربية والقدس.
لكن خبير شؤون الاستيطان المهندس عبد الهادي حنتش لم ير في المبلغ الأمريكي المقدم لدعم الاستيطان "رقماً مفاجئاً"، وقال لـ"بوابة العين": إنه "على العكس من ذلك، نحن كخبراء نرصد تطور حركة الاستيطان منذ بدايات العام 1970 في الأراضي الفلسطينية، نعرف أن هذا المبلغ متواضع أمام ما ضخته المنظمات الغربية عموماً، والأمريكية خصوصاً، في إطار دعمها اللامحدود للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي".
وأضاف حنتش أن "هناك عشرات المنظمات اليمينية المتطرفة تتجند في الساحة الأمريكية لصالح توفير الأموال لإسرائيل ولمشروعها الاستيطاني التهويدي الخطير، "وأهداف تلك المنظمات لا يخفى على المؤسسات السيادية الأمريكية.. بل تعمل بعلمها".
وتابع: "هناك أسماء نافذة في الولايات المتحد الأمريكية تعمل على تجنيد الدعم المالي والسياسي والمعنوي لإسرائيل ولاستيطانها في الأراضي العربية المحتلة".
وقال: إن "هذه الشخصيات اللامعة معروفة بصلاتها الوثيقة بالبيت الأبيض وبوزارتي الخارجية والدفاع".
وبحسب عضو الهيئة الإسلامية العليا للقدس جمال عمرو، فإن المنظمات الصهيونية المتطرفة في أمريكا وأوروبا جمعت منذ العام 1967 حوالي 15 مليار دولار لصالح منظمات صهيونية متطرفة تعمل على تهويد مدينة القدس المحتلة لوحدها.
وقال الباحث في شؤون الاستيطان خالد معالي لـ"بوابة العين": إن المبلغ المالي المعلن عنه اليوم يعطي تفسيراً واضحاً لحجم التوسع في البناء الاستيطاني في مختلف المستوطنات المنتشرة في الضفة والقدس المحتلة".
وتشهد المستوطنات في السنوات الأخيرة ارتفاعاً غير مسبوق في وتيرة بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وإقامة بنى تحتية للمستوطنات الـ 159 المنتشرة في الضفة الغربية والقدس.
وقدر حنتش عدد الوحدات الاستيطانية التي أعلنت عنها الحكومة الاسرائيلية منذ بداية العام الجاري، بنحو 7 آلاف وحدة استيطانية، وقال: إن "عدد الوحدات الاستيطانية يتصاعد يوماً بعد يوم.. ولا يقف عند حد معين".
وأضاف أن "الجرافات لا تكاد تتوقف عن العمل في توسيع المستوطنات"، لافتاً إلى أن العمل لا يتوقف على الدعم المالي فقط، بل يمتد للدعم السياسي الذي يؤمن غطاء كبيرا لإسرائيل.
واعتبر أن "المستوطنات تضخمت على حساب الدولة الفلسطينية الموعودة أمام أنظار العالم، خصوصاً أمام الراعي الأمريكي لعملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما يدلل على أن واشنطن شريك أساسي في تسمين المستوطنات وتمديدها على حساب الأرض الفلسطينية".
جهود دبلوماسية
دبلوماسيا، دعت وزارة الخارجية الفلسطينية، الإدارة الأمريكية إلى الاطلاع على قيام جمعيات ومنظمات أمريكية يفوق عددها خمسين منظمة، بتجنيد مئات ملايين الدولارات، لصالح بناء وتطوير المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطالبت الوزارة الإدارة الأمريكية بالاطلاع على هذه الحقائق الصادمة التي تكشف ما يجري على الأرض الأمريكية من نشاطات لجمعيات أمريكية تجند الأموال الضخمة لصالح الاستيطان في أرض فلسطين، والذي تعتبره الإدارات الأمريكية المتعاقبة غير شرعي، ويشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويُعرقل فرص إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
كما طالبت الخارجية الفلسطينية، الإدارة الأمريكية بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في رصد ومتابعة هذه النشاطات الاستيطانية، والعمل على مراقبتها بدقة، وضمان عدم وصول هذه الأموال للجهات الاستيطانية والجمعيات التي تدعم الاستيطان، ولمنظمات المستوطنين الإرهابية التي ترتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
لكن حنتش أكد أن الأرقام التي كشفتها صحيفة إسرائيلية تكذب الإدانات الأمريكية التي تطلقها واشنطن ضد مشاريع البناء الاستيطاني، والتي وصفها بأنها "إدانات إعلامية فقط.. لم تصل يوماً إلى تجريمها واعتبارها عقبة حقيقية في وجه السلام".
وأشار إلى أن الطلب من الإدارة الأمريكية بتحمل مسؤولياتها "ليست في محله في ظل المعطيات الأخيرة"، ويوافقه معالي القول، ويزيد: "المطلوب موقف فلسطيني عربي يدين الاشتراك الأمريكي في عملية الاستيطان الواسعة".
رفض أمريكي رسمي
ودأبت واشنطن على التعبير عن معارضتها بناء إسرائيل وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وأعربت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها جون كيربى، نهاية الشهر الماضي، عن قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء سياسة إسرائيل الاستيطانية الحالية.. مشيرا إلى أن تلك السياسة غير مشروعة ولها نتائج عكسية على مسار السلام.
شرعنة الاستيطان
وربط معالي بين المبالغ الأمريكية المقدمة للاستيطان والكشف عن وثيقة لوزارة الخارجية الإسرائيلية تزعم وجود شرعية قانونية للاستيطان في الضفة الغربية، متجاهلة وجود الفلسطينيين على أرضهم منذ آلاف السنين.
وكانت مصادر إسرائيلية وفلسطينية قد كشفت النقاب، الأحد الماضي، عن وثيقة مسربة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تستعرض ما وصفته بأنه "موقف قانوني"، يزعم أن إقامة المستوطنات في الضفة الغربية هو خطوة "شرعية وقانونية" و"لا تتعارض مع القانون الدولي".
وقال معالي: إن "الوثيقة الخارجية الإسرائيلية لا يمكن لها أن تصدر للعلن قبل الموافقة الأمريكية عليها".
واتفق معه حنتش قائلا: إنه "دون ضوء أخضر أمريكي رسمي لا يمكن لإسرائيل أن تقدم على اتخاذ خطوة تتحدى فيها قرارات دولية تدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وتجرمه".
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg جزيرة ام اند امز