خبراء لـ"بوابة العين": "بلاد بلقيس" على أبواب "صومال جديد"
البطالة في اليمن بوابة العبور نحو التطرّف
تتسع رقعة البطالة في اليمن حتى أصبحت العدو الأول الذي يهدد بتحويل "بلاد بلقيس" إلى "صومال جديد".
تتسع رقعة البطالة في اليمن حتى أصبحت العدو الأول الذي يهدد بتحويل "بلاد بلقيس" إلى "صومال جديد"، بحسب خبراء يمنيين في تصريحات خاصة لـ"بوابة العين".
ويرى الخبراء أن توقف عجلة الدولة عن الدوران والعمل جراء الأحداث التي تشهدها البلاد بعد دخول الانقلابين الحوثيين صنعاء، وتقويض الدولة، سبب مشكلة إضافية ضاعفت من زيادة عدد العاطلين عن العمل بسبب توقف مؤسسات الدولة عن العمل وتوقف عدد كبير من القطاع الخاص عن العمل وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين بسبب الأزمة الخانقة، خصوصا في انعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها، بعد أن تحولت (في حال توافرها) إلى السوق السوداء.
ويضاف إلى ذلك أن جميع الشركات الاستثمارية العربية والأجنبية وخصوصا العاملة في مجال النفط والغاز غادرت بسبب الأوضاع الأمنية وتوقفت حتى حركة البناء العادية في المدن ودخلت البلاد في "موت سريري"، ليبقى صوت السلاح والميليشيات هو الغالب على صوت العمل.
وبينما عزت الدكتورة حورية مشهور، وزيرة حقوق الإنسان سابقا، تدهور الاقتصاد الوطني إلى "خلفيات مزمنة، وفساد متراكم"، قال عادل الشرجبي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، أن انتشال اليمن سيكون بـ"استعادة الدولة المسلوبة وفرض هيبتها وتفعيل القانون ومبدأ المحاسبة في ظل مساعدات دولية عاجلة في الجانب التنموي".
انعدام الأمن الغذائي
ويقول فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء لـ"بوابة العين الإخبارية": "إن أكثر من 15 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي بعد ازدياد حالات البطالة والفقر"، مشيرا إلى أن "7 ملايين يمني يحتاجون لمساعدة فورية".
ويضيف الصلاحي: هناك أكثر من 70% من الشعب يعيش دون خط الفقر كنتاج للفساد وفشل التنمية والحروب خلال ثلاثين سنة، هناك مشكلات اجتماعية لا حدود لها، أطفال يعانون من المرض لعدم قدرتهم على شراء العلاج وأطفال جياع وهناك أطفال متسولون في الشوارع وتوجد عمالة أطفال – ظاهرة أطفال شوارع وكل هؤلاء خارج المدرسة لعجز أحدهم على مواصلة تعليمهم، نتيجة الوضع، إضافة إلى أن هؤلاء الأطفال يعانون من ضعف القدرة على تحقيق الصحة والتطبيب والغذاء السليم.
واستطرد أستاذ علم الاجتماع، أن "ارتفاع أسعار البنزين وتحويل مصدر توفير الغاز المنزلي والمشتقات النفطية إلى السوق السوداء، انعكس سلباً على أسعار المواد الغذائية والعلاج فزادت من إفقار المجتمع، حيث إنه بدلاً من أن تسير الأمور نحو تحسين أوضاع الناس بعد ثورة التغيير التي شهدها العام 2011، ساءت أوضاع المواطنين حاليا بشكل كبير بسبب ما قامت به القوى السياسية من معالجات ترقيعية فتحت المجال للميليشيات المسلحة أن تعبث بالبلاد ومن ثم الدخول بحروب تتلوها حروب لا نستطيع توقع فظاعة أضرارها".
ويشير تقرير صادر عن مركز الأبحاث اليمني للاقتصاد والتطور الاجتماعي، إلى أن معدلات البطالة في اليمن، قفزت إلى مستويات قياسية بفعل الاضطرابات السياسية والحروب التي تشهدها البلاد.
ووفقا للتقرير فإن عدد العاطلين بالنسبة للفئة العمرية بين 30 و64 عاما، ارتفع إلى أكثر من 64%، وهو ما انعكس على سلبا على الحياة المعيشية ولا سيما لدى الأطفال والنساء الفئتين، الأكثر تضررا، وفاقم الأزمة الانسانية في البلاد.
وكان تقرير اقتصادي صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في اليمن، بداية 2015، أشار إلى قلق بالغ من تنامي ظاهرة البطالة في البلاد التي وصفها التقرير، بأنها وصلت إلى نقطة حرجة.
وتذكر أحدث بيانات للأمم المتحدة أنه علاوة على أن 537 ألف طفل دون سن الخامسة يواجهون خطر سوء التغذية الحاد فإن 1.3 مليون طفل آخرين يعانون من نسب أقل من سوء التغذية.
شلل عام
وفي كل صباح باليمن ترى الآلاف من اليمنيين يتكدسون في تجمعات الباحثين عن العمل في المدن المختلفة لكن جمود الحياة وتوقف حركة الاستثمار وتوقف عمل مؤسسات الدولة وزيادة الاضطرابات السياسية والاقتصادية واتساع دائرة العنف والفوضى وانعدام المستلزمات الأساسية والخدمات من الكهرباء والماء والمشتقات النفطية جعل من الصعوبة بل ومن المستحيل الحصول على فرصة عمل، الأمر الذي زاد أيضا من اتساع رقعة الفقر وغياب الأمن الغذائي وسط اليمنيين.
وانضم أكثر من 400 ألف شخص إلى أعداد العاطلين في البلاد منذ عام 2011، وفقا لخبراء اقتصاديين، حيث تعطلت عدد من المؤسسات الخاصة كما انحسرت فرض الشغل، ما خلق طوابير جديدة للبطالة.
المدن اليمنية والأرياف تعاني أزمة إنسانية تجثم بكلكلها على مستقبل شعب في بلد عُرف بالسعيد وحولته الأزمات إلى مقلب للمآسي وصفارة مشؤومة تنذر بقادم أسود.. إذ تصف تقارير المنظمات الدولية نتائج أزمته بأنها أسوأ من نتاج أزمة تعتصر الصومال منذ سنين..
تدفع البطالة باليمن بالآلاف إلى مخاطر كبيرة خصوصا من الفئات العمرية ما بين 18-25 عاما ويصبح هؤلاء أمام انسداد أفق الحياة ضحايا سهلة الاستقطاب سواء من جانب التيارات المسلحة والجماعات المتطرفة أو من قبل عصابات السلب والنهب التي برزت مؤخراً بشكل مرعب في أوساط المجتمع.
تؤكد الأمم المتحدة ومنظمات دولية في هذا السياق، أن أكثر من نصف سكان اليمن تقريبا، يعانون أزمة غذائية، تتفاقم يوما بعد يوم، بصورة تقرب من «صومال آخر»، على الصعيدين الإنساني والأمني.