"ميثاق البحرين" في ذكراه الـ20.. رؤية قائد ونهضة وطن
تحتفل البحرين، الأحد، بالذكرى الـ20 للاستفتاء على ميثاق العمل الوطني، الذي شكل انطلاقة لمسيرة تنموية وديمقراطية شاملة.
وميثاق العمل الوطني هو مشروع سياسي إصلاحي شامل تبناه عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاغت مبادئة وأفكار لجنة تمثل كافة فئات الشعب، ودعا البحرينيون للتصويت عليه في 14 فبراير/شباط 2001، ونال إجماعا شعبيا بموافقة 98.4 % من البحرينيين.
وقد مثّل الميثاق نقلة تاريخية في مسيرة البحرين، وغدا القاعدة الأساس لجميع التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة، وكان من أهم ثماره، عودة الحياة البرلمانية والديمقراطية للبلاد.
ويمثل التصويت على الميثاق ذكرى وطنية مهمة في حياة البحرينيين، حيث يستغلونها لتجديد الولاء لقائد البلاد والتعبير عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالإنجازات التنموية التي تحققت على مختلف الأصعدة، بعد عقدين من التصويت على هذا الميثاق.
محطات بالميثاق
عقب توليه الحكم في 6 مارس/آذار 1999، أطلق عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مبادرات إصلاحية شاملة.
وبعد نحو عام ، أصدر الملك حمد قرارا في 23 نوفمبر 2000 بتشكيل لجنة وطنية لإعداد ميثاق وطني، يتضمن رؤيته الإصلاحية، ويكون أساسا لبدء مرحلة جديدة من العمل الوطني في البحرين.
ورغبة منه في أن يساهم الشعب في صياغة مستقبله بيده، وأن يؤكد ذلك الميثاق في كل مراحله على الوحدة الوطنية والتوافق الاجتماعي والسياسي، جاء تشكيل لجنة إعداد الميثاق من 44 عضوا يمثلون كافة فئات المجتمع البحريني.
وشملت اللجنة ممثلين عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وفعاليات المجتمع المدني، ومتخصصين وقانونيين واقتصاديين وعلماء دين وأكاديميين ومهندسين، والمرأة البحرينية.
وانتهت اللجنة من إعداد مشروع الميثاق وسلمته لملك البحرين في 23 ديسمبر/كانون الأول 2000، وأكد ملك البحرين لدى تسلمه مشروع الميثاق أنه " خطوة متقدمة في مسيرة التحديث السياسي للدولة".
وقال في كلمة بهذه المناسبة "يدي ممدودة إلى كل بحريني وبحرينية، كما امتدت في بيعة العهد، وكما ستمتد في بيعة التجديد".
وأكد أن الميثاق سيتم إقراره واعتماده مرجعا للمسيرة الوطنية بعد إجراء استفتاء شعبي عام عليه، للاطمئنان إلى القبول العام به.
وفي 23 يناير /كانون الثاني 2001 دعا عاهل البحرين الشعب إلى المشاركة في الاستفتاء على مشروع ميثاق العمل الوطني يومي 14 و15 فبراير 2001
ونال الميثاق موافقة 98.4% ممن لهم حق التصويت، وبنسبة مشاركة بلغت 90.3%، ليمثل الميثاق الوطني بذلك ثاني التحولات الكبرى الأكثر أهمية في تاريخ البحرين الحديث بعد استقلال البلاد.
عقد وطني
وكان الميثاق بمثابة عقد وطني بين الملك وشعبه يكرس أسس الوحدة الوطنية ويعزز التلاحم والوحدة الوطنية، ويؤسس لمبادئ وأطر الديمقراطية.
وينقسم الميثاق إلى مقدمة وعدة أبواب جاءت بمثابة إطاراً عاماً للمسيرة التنموية الشاملة، حيث يتضمن "فلسفة الإصلاح" محددًا أهم مبادئ وأسس وغايات المشروع التنموي الشامل لملك البحرين.
كما تتناول تلك المبادئ أيضاً المقدمات الأساسية للمجتمع البحريني، وأهداف الحكم وأساسه، والحريات والحقوق الأساسية للمواطن البحريني، والأسس التي تقوم عليها الأسرة والمجتمع وتنظيمات المجتمع المدني، والتعليم والثقافة والعلوم.
وأكد الميثاق على الهوية الحضارية والثقافية للبحرين وعلى الاعتزاز بالانتماء إلى العروبة والإسلام وإلى مجلس التعاون الخليجي، وكرس القيم الحضارية التي ميَّزت عبر التاريخ حضارة البحرين كبلد للتسامح الديني والمذهبي والثقافي والانفتاح على العالم.
كما وضع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع ورسم علاقات البحرين الخليجية والعربية والدولية، ومهد الطريق نحو البدء في المسيرة الديمقراطية بمملكة البحرين .
نقلة نوعية
ومثّل هذا الميثاق قاعدة انطلق منها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه ملك البحرين، وشمل إحداث تغييرات جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تم بموجبه إعادة إحياء الحياة السياسية والديمقراطية في البحرين بعد أن توقفت عام 1975.
وقد غدا الميثاق الوطني القاعدة الأساسية لجميع التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة في عصرها الإصلاحي الشامل.
فعقب الإجماع الشعبي على الميثاق الوطني، أصدر ملك البحرين في 2001 مرسوما بإنشاء لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني، بهدف مراجعة جميع القوانين والتشريعات الوطنية، واقتراح التعديلات والآليات اللازمة لتنفيذ مبادئ الميثاق.
وتم تشكيل اللجنة برئاسة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني، وعقب عمل متواصل لهذه اللجنة استمر نحو عام صدر الدستور المعدل في الذكرى الأولى لتدشين ميثاق العمل الوطني في 14 فبراير/شباط 2002.
وفي الدستور المعدل تم تقنين المبادئ التي احتواها ميثاق العمل الوطني، وأعلن ملك البحرين في خطاب له في اليوم نفسه تحول البلاد من إمارة إلى مملكة دستورية.
وبهذا الإعلان أصبحت البحرين المملكة العربية الرابعة بعد السعودية والأردن والمغرب، وأصبح الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملكاً عليها.
كما مهد الميثاق إلى إجراء انتخابات المجالس البلدية في أبريل/نيسان من العام نفسه، ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في شهر أكتوبر/تشرين الأول وانعقاد أولى جلساته خلال 14 ديسمبر/كانون الأول 2002 لتبدأ المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين عهدا جديدا.
ولقد كرس الدستور المعدل لعام 2002 الذي صدر في العام التالي لإصدار الميثاق الوطني 2001، كل هذه المكتسبات الوطنية التي جاءت بالميثاق الوطني ليدشن عصر التحول الديمقراطي والتحديث الشامل في البحرين استنادا إلى دستورٍ عصري شامل يكرس الحقوق والمكتسبات ويواكب تطورات الحضارة العالمية المعاصرة.
كما دخلت مملكة البحرين في دائرة القضاء الدستوري أول مرة بإنشاء المحكمة الدستورية عام 2002، كأول جهة قضاء دستوري متخصص عرفته البلاد تختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح.
ولم تقتصر التغيرات الإيجابية التي شهدتها البحرين على تلك النواحي، بل إنها اشتملت على تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، فتمكنت المرأة البحرينية انطلاقا من الميثاق الوطني واستنادا إلى دستور عام 2002 المعدل من المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والديمقراطية تصويتا وترشيحا، الأمر الذي أهَّلها إلى دخول البرلمان لتصبح نائبة عن الشعب وتعبر عن قضايا المرأة البحرينية، بالإضافة إلى قضايا الشعب عموما.
وتتويجا لتلك المسيرة الديمقراطية، شهدت البحرين خلال الفترة من 24 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 1 ديسمبر/كانون الأول 2018 انتخابات برلمانية وبلدية شهدت أعلى نسبة مشاركة في تاريخ المملكة، حيث بلغت ما يقارب 67% بالنسبة للانتخابات النيابية وما يقارب 70% للانتخابات البلدية، وتوجت بانتخاب برلمان ومجلس بلدي جديدين.
وقد توجت المرأة البحرينية نضالها الوطني في الممارسة الديمقراطية والسياسية بانتخابات 2018، إذ حصدت فيها المرأة 10 مقاعد "6 بالمجلس النيابي و4 بالمجلس البلدي"، ونالت المرأة البحرينية شرف ترؤس المجلس النيابي المنتخب «مجلس النواب» ممثلة في فوزية زينل، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وعبر ميثاق العمل الوطني تمكنت مملكة البحرين من تطوير الحياة السياسيّة ودعم الديمقراطيّة وتعزيز المشاركة الشعبية في القرار السياسي والوطني.
وبعد عقدين على تدشينه، جعل الميثاق الوطني من مملكة البحرين دولة عصرية، ديمقراطية، متطورة تتمتع بكل معالم النهضة والحضارة والتقدم والرقي، وتواصل مسيرة التنمية تحت قيادة عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.