بوليتيكو": أردوغان يرتمي في أحضان بوتين بعد الانقلاب الفاشل
لقاء أردوغان وبوتين يسهم في استئناف الصداقة القديمة بين الرجلين القويين، والتوصل لأرضية مشتركة بشأن ملفات شائكة
لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، في سان بطرسبرج، يفتح "صفحة جديدة" في العلاقات بعد فتور وقطيعة 10 أشهر.
وفي تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، قالت إن اللقاء يسهم في استئناف الصداقة القديمة بين الرجلين القويين، والتوصل إلى أرضية مشتركة بشأن ملفات شائكة أبرزها تحدي الغرب، وسوريا، والأكراد، وخط الغاز البديل لأوروبا.
وأشارت إلى أنه بعد فترة من العداء المتبادل، أدرك الزعيمان العدوانيان أن هناك عدة أمور توحدهما أكثر مما يفرقهما، وأنه حان الوقت لتجديد التحالف القائم على تحدي الغرب.
ورجحت أن الدافع الرئيسي وراء العودة الروسية التركية، هو محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة الشهر الماضي لعناصر ساخطة في الجيش ضد أردوغان، الذي شن حربًا خطابية ضد مؤيدي الانقلاب المزعومين في الغرب، وانتقد واشنطن لرفضها تسليم رجل الدين التركي فتح الله كولن.
ولفتت المجلة إلى أن أردوغان انقلب أيضا على القادة الأوروبيين الذين انتقدوا حملته القمعية بعد الانقلاب، التي شهدت فصل 60 ألف موظف حكومي وأستاذ جامعي، وسجن أكثر من 15 ألف مشتبه بهم في تدبير الانقلاب، وتعريضهم للتعذيب وفقا لـ"هيومن رايتس ووتش".
وفي المقابل، سارعت روسيا إلى دعم أردوغان في ساعات القلق بعد أن نجا من فرقة كوماندوز أرسلت لاعتقاله، حيث كان يمضي عطلته مع عائلته في فيلته بمدينة مارماريس.
وارتأت أن غضب تركيا العميق إزاء الغرب يخلق فرصة مثالية لبوتين لسحب أردوغان إلى مداره المناهض بشدة للولايات المتحدة، لافتة إلى تزايد أوجه الشبه بينهما خلال السنوات الأخيرة، حيث يسجن أردوغان الصحفيين المنتقدين، ويحاكم أصحاب وسائل الإعلام المستقلة بتهم ملفقة مثل التهرب من سداد الضرائب، ويرسخ أسلوبا الحكم الشخصي شديد القومية والعداء للأجانب.
وبينما تتحرك تركيا بعيدًا عن الغرب، يستعد بوتين وأردوغان وفقا لألكسندر بونوف، الزميل البارز في مركز كارنيجي موسكو، لتشكيل تحالف يقوم على "أيديولوجية قيم سيادية كاتحاد للمخدوعين من الغرب".
ويبقى السبب الرئيسي للخلاف بين الزعيمين هو سوريا، حسب المجلة التي أشارت إلى أن موسكو تدعم نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، وحوّلت دفة الحرب لصالحه، بعد تدخلها العسكري في سبتمبر/ أيلول الماضي الذي أوقف تقدم المعارضة المسلحة ورسخ بقاء النظام.
أما تركيا، على النقيض من ذلك، فقد دعمت مختلف جماعات المعارضة السورية وغضت الطرف -على أقل تقدير- عن إمدادات الأسلحة للمعارضين السنة وبينهم متطرفون، وفقا للمجلة، التي توقعت أن أنقرة قد تضطر لإعادة التفكير جديًا في استراتيجيتها لدعم انتصار المتمردين، وقبول بقاء الأسد وروسيا لاعبين في المنطقة لبعض الوقت في المستقبل.
وهناك سبب آخر حسب "بوليتيكو"، يدفع أردوغان لصنع السلام مع بوتين، هو دعم روسيا للأكراد السوريين، المتحالفين بشدة مع الانفصاليين الأكراد في تركيا، التي تقاوم بشدة محاولاتهم لإقامة دولة مستقلة شمال سوريا، خشية أن يحذو سكانها الأكراد حذوهم.
واعتبرت المجلة أن كلا الطرفين لديه حافز مالي قوي لرأب الصدع، فمنذ أزمة أوكرانيا في عام 2014، كانت روسيا تبحث عن طريق بديل لتصدير الغاز الطبيعي إلى جنوب أوروبا، لتجنب خطوط الأنابيب التي تسيطر عليها أوكرانيا.
ولفتت إلى أن موسكو أجّلت في ديسمبر/كانون الماضي خطة طموحة تعرف باسم "ساوث ستريم"، لبناء خط أنابيب غاز ضخم تحت البحر الأسود وعبر تركيا إلى البلقان وأوروبا الوسطى، غير أنه يجري الآن إحياء محادثات "ساوث ستريم"، فضلًا عن التوصل لاتفاق بشأن مفاعل نووي تبنيه روسيا في تركيا.
واختتمت بالإشارة إلى أنه في الوقت الراهن، لا تزال تركيا مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي وعضوا رئيسيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن بوتين سيبذل قصارى جهده بالتأكيد، لتشجيع أردوغان على انجرافه المتسارع بعيدًا عن الغرب.
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA== جزيرة ام اند امز