حلم مارتن لوثر كنج الذي لم يتحقق: لا عدالة للسود في أمريكا
تحتفل الولايات المتحدة اليوم بالذكرى الـ53 لخطاب مارتن لوثر كينج "لدي حلم" لكن معطيات الواقع تشير إلى أن تحقيقه بعيد المنال
يحتفل الأمريكيون اليوم بالذكرى الـ 53 لخطاب الناشط السياسي الأمريكي الأسود مارتن لوثر كينج الذي أُلقي في 1963 خلال تظاهرة ضد العنصرية بواشنطن، لكن على ما يبدو فإن حلم كينج لا يزال بعيد المنال باستمرار وجود العنصرية تجاه السود في جميع المجالات داخل الولايات المتحدة.
وطبقا لسيرته الذاتية المنشورة على موقع جائزة نوبل، قد قام كينج بالنضال ضد هذا التمييز لسنوات عديدة، وخلال فترة الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي قام كينج بالحشد لتظاهرة تطالب بتفعيل قانون الحرية المدنية الذي يساوي في الحقوق والواجبات بين الأمريكيين ويمنع الفصل والتمييز العنصري بجميع أشكاله.
وحين صعود كينج على المنبر في 28 أغسطس/آب 1963 في مبنى النصب التذكاري بواشنطن بدأ خطابه بالقول "لديّ حلم".. وتابع "لا يزال لدي حلم متعمق داخل الحلم الأمريكي الكبير، ويوما ما ستصعد هذه الأمة لترقى إلى عقيدتها، ونحن نؤمن أن هذه الحقيقة بديهية: كل الناس خلقوا سواسية".
فيديو لمظاهرة وخطاب مارتن لوثر كينج في واشنطن 1963:
لكن المستقبل الذي حلم به كينج مغاير لما هو الحال في الواقع، فبالرغم من وصول باراك أوباما إلى مقعد الرئاسة الأمريكية كأول رئيس أمريكي أسود، لا يزال السود أكثر شريحة في المجتمع الأمريكي تعاني من التمييز العنصري ضدها منذ قدومها إلى سواحل أمريكا الشمالية كعبيد تم اختطافهم من شرق إفريقيا في أواخر القرن الـ 16 طبقا لما نشره موقع History.com الأمريكي المختص في التاريخ.
وبالرغم من كونهم أحد أكبر الأقليات العرقية عددا بواقع 46 مليون شخص يمثلون 14.3% من سكان الولايات المتحدة، إلا أنهم الأكثر فقرا بين جميع الأعراق في المجتمع الأمريكي، حيث تصل نسبة الفقر في المجتمع الأسود إلى أكثر من 44% ممن يعيشون على الحد الأدنى للأجور، وبالتالي يشكلون أكثر من 28.3% من مجمل نسبة الفقر في الولايات المتحدة، بحسب إحصاءات مكتب تعداد الولايات المتحدة.
ويرجع هذا الفقر المدقع الذي يعيش فيه السود إلى قرون التمييز العنصري التي عانى منها السود والتي منعتهم من الازدهار اقتصاديا مثل بقية الأعراق داخل أمريكا، ولكن التمييز لا يقف عند التمييز الاقتصادي فحسب، بل يصل أيضا إلى تطبيق القانون، فبحسب مركز بيو الأمريكي للأبحاث، يحصل السود على أحكام أكثر قسوة عن الأعراق الأخرى بنسبة 33% وتصل نسبة الاشتباه بالسود في أعمال إجرامية 21% أعلى من أي عرق آخر.
ويعاني السود أيضا من تمييز في حقوق الاعتقال، حيث تم رصد أكثر من 123 حالة إطلاق نار على شبان سود بمجرد الاشتباه بهم من قبل الشرطة، وتشير عدد من المنظمات الحقوقية المدنية، مثل حملة DoSomething.com، إلى أن أكثر من 70% من تلك الحالات يتم إطلاق النار فيها مباشرة على المشتبه دون التحقق من شخصيته.
وقد دفعت حوادث التمييز تلك المجتمع الأسود للتحرك على الصعيد المجتمعي إلى إنشاء جمعيات ومجموعات لتوعية الرأي العام الأمريكي حول التمييز الذي يعانيه السود، وعلى الصعيد السياسي بإنشاء حركات تتبنى فكر النضال ضد التمييز مثلما فعل كينج في الستينيات من القرن العشرين.
وإحدى تلك الحركات التي أصبحت تحظى بشعبية كبيرة هي منظمة Black Lives Matter أو "حياة السود مهمة" والتي تناضل ضد عنف الشرطة الأمريكية ضد السود وأحكام القضاء الأمريكي غير المتساوية مع الأعراق الأخرى ضد المتهمين السود.
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الحالية، يرى السود أن الجمهوريين يحملون الراية العنصرية ضد الأعراق الأخرى، خصوصا مع خطاب مرشحه دونالد ترامب المناهض للأقليات بشكل عام، بينما يضعون أملهم في خليفة أوباما الديموقراطية هيلاري كلينتون التي تعِد بعدالة أكثر للسود في فترتها إذا ما تم انتخابها، خصوصا أن 79% من الناخبين السود المسجلين يدعمون التيار الديموقراطي في الأساس بحسب إحصاءات معهد بيو الأمريكي للأبحاث.
وبالنسبة لحلم مارتن لوثر كينج الذي وصل عامه الـ 53، فلا يزال أمام السود الكثير لتحقيقه لنيل المساواة بأقرانهم الآخرين في دولة تمجّد الحرية والمساواة، لكن تأصل العنصرية في المجتمع الأمريكي فيما يسمى "أمريكا البيضاء" يجعل تحقيق حلم كينج صعبا، لكن ليس مستحيلا.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yMTAg جزيرة ام اند امز