ظاهرة الزواج المبكر تنتشر في المجتمع الأردني بشكل لافت، ولم تنخفض نسبتها على مدار عقد كامل.
زواج القاصرات هل أخذ بالتزايد في الأردن، أم أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تلعب دوراً اساسياً في تحديد النسب من حيث الارتفاع أو انخفاض الحالات؟!
أظهرت بيانات المجلس الأعلى للسكان حول التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، أن 13.5% من الإناث تزوجن قبل بلوغهن الثامنة عشرة أي أن النسب لم تتراجع خلال العقد الماضي.
وبلغت النسبة بين الإناث الأردنيات 11.2% في حين بلغت بين غير الأردنيات 19.9%.
وبالرغم من إلزامية التعليم ومجانيته للمرحلة الأساسية، إلا أن هذا لم يحدّ من وجود زواج القاصرات، فمن خلال الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2015، بيّن أن غالبية الأردنيات وغير الأردنيات اللاتي تزوجن زواجاً مبكراً وأعمارهن الحالية أقل من 18 سنة مستواهن التعليمي أساسي فأقل.
وأظهر التعداد السكاني لسنة 2015 أظهر أن أنثى من بين كل أربعة إناث (أردنيات أو غير أردنيات) تزوجن زواجاً مبكراً لا يعرفن القراءة والكتابة.
تروي لبنى شريف -وهو اسم مستعار- كيف أن والدها أخبرها أن زواجها سيكون قريبا ويجب أن تترك المدرسة التي لن توفر لها حياة كريمة.
وتقول لبنى: "قرار الزواج في منزلنا ليس من شأننا كفتيات، وحتى أمي لا تتدخل به. فقط والدي الذي يقرر الزوج المناسب وفي أي عمر يجب أن نتزوج. لم أكن الفتاة الوحيدة التي تزوجت في عمر 16 سنة، فبنات عمي تزوجن وأيضاً أخواتي الأربعة من قبلي، لهذا لم اعترض. كان يفوقني بـ10 سنوات وتفكيري مختلف تماماً عنه، وإلى هذه اللحظة وبالرغم أن لديّ طفلين إلا أنني أتمنى لو درست وأنهيت تعليمي. فالخوف يمنعني إلى هذه اللحظة من إخبار والدي وزوجي أنني ظلمت".
أما نبيل صلاح، ويعمل في قطاع النجارة فيرى أن زواج الفتيات الصغيرات أفضل من أن يتم تزويجها بعمر متأخر.
ويردف صلاح: "هذه الأيام لا يوجد فتاة صغيرة أو بمعنى أدق فتاة "جاهلة"، فالتلفاز وشبكة الإنترنت جعلت الفتاة التي يبلغ عمرها 15 عاماً، وكأنها فتاة الـ 25 في السابق. والكثير من الشباب اليوم يؤيدون الزواج من الفتيات قبل 18 حتى يكون الزواج بهن أسهل وتكون عقليتها بسيطة وغير متفتحة كثيرا ويستطيع الزوج أن يرسم شخصيتها كما يريد، أمهاتنا والكثير من الحالات تزوجن قبل 18 عاماً، ولم تحدث مخاطر صحية كما يدعون! وفي النهاية الأب يقرر حياة ابنته!".
في حين يؤكد المعلم خالد فيصل أن زواج القاصرات هو زواج ليس فقط مرفوضا من الناحية الحقوقية التي تمنح للفتاة، بل هنالك أسباب كل الأردنيين يعترفون بها ولكن بشكل مبطن، وهي أن الشاب الذي يريد الزواج لا يستطيع الزواج من فتاة لا تعمل كي تساعده في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، وأيضاً الشاب المتعلم يفكر في أسرته وأطفاله كيف ستيم تربيتهم وتعليمهم في ظل أم لا تستطيع أن "تفكّ الخط".
وجهة النظر المتباينة بين "لبنى" التي عاشت الظلم كما روت، و"نبيل" الذي يبحث عن فتاة صغيرة يرسم لها شخصيتها كما بين، وكذلك "خالد" الذي يعكس وجهة نظر المتعلمين تظهر تفكير المجتمع اتجاه زواج القاصرات.
مدير جمعية العفاف الخيرية المختصة بتيسير سبل الزواج، مفيد سرحان يؤكد أن زواج القاصرات مازال محدودا ولم يصل الى مستوى الظاهرة في الأردن.
ويضيف أن هذا الزواج موجود في كل العالم وليس مقتصراً على الأردن ولكن بنسب متفاوتة، مشيرا إلى أن القانون الأردني حدد سن الزواج بـ 18 عاماً وما دون ذلك بمبررات يجب أن يأخذ موافقة عليها من قبل قاضي القضاة.
ومن هذه المبررات، بحسب سرحان، أن تكون الفتاة يتيمة ولا أحد لها كي يرعاها، وأيضاً لدى والدها ظروف معينة والزواج هو أفضل حل، ومبررات عديدة يدرسها قاضي القضاة من ثم يمنح الموافقة أو لا.
وينوه سرحان إلى أهمية تسهيل الزواج وعدم وضع قيود عليه وتشديده خوفاً من لجوء الشباب إلى طرق منحرفة لإشباع رغباتهم، وأيضا اللجوء إلى أشكال الزواج الأخرى التي ينتج عنها مشاكل على جميع الأصعدة كالزواج العرفي وغيره.
واستدرك سرحان بضرورة أن نراعي أنه لا نستطيع وضع قيود على حق طبيعي وهو حق الزواج، ولكن من المهم توعية الناس على الآثار المترتبة على هذا الزواج وأهمية تعليم الفتاة وكيف سينعكس كل ذلك في نهاية الأمر على المجتمع.
ومن الناحية الطبية، يبيّن مستشار النسائية والتوليد في مستشفى الأمل، الطبيب ماهر الصراف أن حمل الفتاة التي هي ما دون سن 18، يؤدي في حالات عديدة منه إلى الاجهاض المبكر، أو الولادات المبكرة، أي مواليد الخدج، الذي يؤثر بدون شك على صحة الأم والطفل.
وأكدت دراسات حديثة تزايد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات، أي ما بين 15 و19 عاما عن الأمهات اللواتي تزداد أعمارهن عن العشرين عاما بسبب الحمل، كما تزداد نسبة وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً.
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMzkg جزيرة ام اند امز