إعلان تفاصيل السياسة الوطنية لقطاع الفضاء في الإمارات
تهدف السياسة الوطنية إلى بناء قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام يدعم ويحمي المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية ويساهم في تنويع الاقتصاد
أعلنت وكالة الإمارات للفضاء، الأربعاء، تفاصيل وثيقة السياسة الوطنية لقطاع الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي اعتمدها مجلس الوزراء برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في لرابع من شهر سبتمبر الجاري.
وتهدف السياسة الوطنية إلى بناء قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام يدعم ويحمي المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية، ويساهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، ويؤصل ثقافة الابتكار والاعتزاز القومي، ويرسخ دور دولة الإمارات ومكانتها إقليميًّا وعالميًّا.
واستهلت مقدمة الوثيقة بالتأكيد على علاقة دولة الإمارات التاريخية بالفضاء بالعودة إلى إتقان شعبها معارف الفلك والملاحة وطورها واستفاد منها في تنقله برًّا وبحرًّا مرورًا بالرؤية الثاقبة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي رسخ من خلال رؤيته الثاقبة رسالة إلى شعب الإمارات وشعوب والعالم، مفادها أن فضول وطموحات دولة الإمارات لا تعرف حدودًا ورسم طريق لمواصلة أمجاد الأجداد في معارف الفلك والملاحة والفضاء، والذي جسده خلال لقاء بوفد من وكالة "ناسا" وبعثة أبولو في سبعينيات القرن الماضي.
ومنذ ذلك الاجتماع استطاعت الدولة - بفضل من الله ومن ثم رؤية قيادتها وعزم وهمة أبنائها - أن تؤسس قواعد اقتصادية وبنية تحتية وكفاءات إماراتية وغيرها من القدرات والممكنات التي هيأت لدولة الإمارات أن تتبوأ مركزًا رياديًّا إقليميًّا في مجال الأنشطة الفضائية، وجعلها قادرة على المساهمة في استكشاف الفضاء السحيق.
وأشارت الوثيقة إلى نقطة التحول الكبيرة في تعزيز القطاع الفضائي الوطني والعمل على تنظيمه واستدامة تنميته، والتي تمثلت بتأسيس "وكالة الإمارات للفضاء" كأول وكالة فضاء عربية في المنطقة في العام 2014، وهو ما تزامن مع إعلان قيادة دولة الإمارات عزمها المساهمة في الجهود الدولية لاستكشاف كوكب المريخ وغلافه الجوي، وذلك من خلال إطلاق أول مسبار إماراتي عربي وإسلامي إلى المريخ عام 2020.
وتشمل الوثيقة المبادئ الرئيسية التي توضح كيفية مساهمة قطاع الفضاء في تحقيق الرؤية الوطنية وأولوياتها وأهدافها، والتي تنسجم مع رؤية وسياسات دولة الإمارات وخططها الإستراتيجية في القطاعات المختلفة؛ إذ تدعم برامج وأنشطة الدولة في مجال الفضاء بموجب الوثيقة وتوفير حياة كريمة لشعب الإمارات من خلال المساهمة في تقديم مستوى خدمات أفضل في مختلف النواحي الحياتية، ودعم المصالح الوطنية للدولة من خلال توفير الأمن والسلامة والاستقرار والقدرة على إدارة الكوارث والأزمات.
وشملت المبادئ تنمية وتنويع الاقتصاد من خلال مواصلة تنمية القدرات الفضائية الوطنية وتطويرها وتعزيز التعاون وترسيخ مكانة الدولة، عن طريق توطيد التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة على المستوى المحلي، وإبرام شراكات ذات منفعة مشتركة بمجال الفضاء على المستوى العالمي فضلًا عن احترام القوانين والمعاهدات الدولية.
ووضعت الوثيقة الأهداف والطموحات التي تصف غايات دولة الإمارات فيما يتعلق بأنشطتها الفضائية، والتي تشمل تعزيز الاستفادة من الفضاء لحماية ودعم القطاعات الحيوية وتطوير قطاع فضائي تجاري مستدام يمتاز بالتنافسية والابتكار وإرسال مهمات فضائية علمية بهدف إثراء المعرفة على المستويين الوطني والعالمي وبناء التقنيات والكفاءات الوطنية ودفع عجلة الابتكار وتوفير بيئة فضاء آمنة ومستقرة تدعم استدامة الأنشطة الفضائية، وتعزيز ريادة الدولة إقليميًّا وعالميًّا في مجال الفضاء، خاصة في مجال الاستخدام السلمي للفضاء وتطوير القدرات الفضائية.
وحددت الوثيقة الممكنات الأساسية التي تحدد القدرات وعوامل التمكين اللازمة لدعم تحقيق أهداف السياسة وهي البيئة التنظيمية الفضائية الفاعلة والجاذبة، وجهود التوعية المستمرة بأنشطة الفضاء وأهميتها، وإعداد كفاءات إماراتية متخصصة في مجال الفضاء والإدارة الفاعلة لموارد الطيف الترددي والمواقع المدارية للأقمار الاصطناعية وبرامج العلوم والتقنيات والابتكار الفاعلة التي تمتلكها الدولة والتعاون والتنسيق والشراكات وطنيًّا وإقليميًّا وعالميًّا والدعم المالي والاستثمار الملائم إلى جانب المرافق والبنية التحتية الداعمة.
يذكر أن الوثيقة نصت على مجموعة من التوجيهات والإرشادات للجهات المعنية حول الأنشطة اللازمة لدعم وتطوير القطاع الفضائي للدولة، والتي تصب في 3 أنواع رئيسية لأنشطة الفضاء هي الأنشطة الوطنية وأنشطة العلوم والتكنولوجيا والاستكشاف والأنشطة التجارية.
وتشمل هذه التوجيهات دعم الأمن الوطني والصناعات والقطاعات الرئيسية وتسخير تقنيات الفضاء لتحسين الحياة اليومية وإعداد وتحفيز خبراء إماراتيين في علوم وهندسة الفضاء، وإطلاق برامج فضائية وتنويع الاقتصاد وتطوير أسواق جديدة وبناء قطاع فضائي تجاري تنافسي ومستدام وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال.
ولضمان نجاح السياسة ودور وكالة الإمارات للفضاء والجهات المعنية الأخرى في تنفيذها ومتابعة أدائها، حددت الوثيقة عوامل النجاح الواجب مراعاتها وتطبيقها على رأسها القيادة الوطنية الفعالة للبرنامج الفضائي الوطني، حيث ستعمل وكالة الإمارات للفضاء على ترجمة السياسة من خلال إستراتيجية وخطة تنفيذ إلى سلسلة مستمرة من الأنشطة والمشاريع والمبادرات ذات الأولوية بالنسبة للدولة، وذلك ضمن برنامج فضائي وطني شامل وموحد.
ومن بين العوامل الأخرى التي حددتها الوثيقة تنسيق الجهود والمشاركة الفاعلة للمعنيين والتقييم الدوري والشامل للقطاع لتحديد أبرز الفجوات والفرص والمراجعة المنتظمة للسياسة وتحديثها.
وفي هذا السياق قال الدكتور خليفة محمد الرميثي، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، إنه تم وضع الوثيقة والسياسة الوطنية لقطاع الفضاء في دولة الإمارات، انطلاقا من رؤية قيادتنا الرشيدة بأن تكون الإمارات من ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء وأن تصل إلى المريخ احتفالًا باليوم الوطني الـ 50 لدولتنا الغالية.
وأضاف أن قطاع الفضاء العالمي يشهد تزايدًا ملحوظًا من حيث النمو والتغيرات، وازديادًا في استخدامات الفضاء، وتطورًا في التقنيات الفضائية، وذلك مع تزايد عدد الدول التي تسعى للاستفادة من الفضاء الخارجي، وهو ما استدعى وضع وثيقة السياسة الوطنية لضمان إدارة وتطوير واستغلال الإمكانيات والقدرات الوطنية بكفاءة، في ظل هذه التطورات والتغيرات الفضائية المستمرة.
وأوضح أن الوكالة عملت على وضع وثيقة السياسة الوطنية لقطاع الفضاء بغرض التعريف بنهج حكومة دولة الإمارات وأولوياتها وطموحاتها في القطاع الفضائي إلى جانب تنسيق الجهود الوطنية، وتركيزها على أولويات الدولة في القطاع الفضائي، إضافة إلى تنظيم القطاع الفضائي في الدولة وتعزيز دوره واستدامته، فضلًا عن التأكيد على أهمية التعاون الدولي في مجال الفضاء.
وأشار الرميثي إلى أنه تم إعداد السياسة بالتعاون مع العديد من الجهات المعنية في القطاع الحكومي والشركات الوطنية في القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والشركات العالمية العاملة في دولة الإمارات بجانب خبرات متخصصة من مختلف الاختصاصات العملية والتشريعية والقانونية، وذلك بهدف تحديد الأهداف المشتركة والمسؤوليات والصلاحيات لكل الأطراف المعنية بالقطاع الفضائي مع تحديد أولويات التنفيذ بما يناسب التوجهات الحكومية وأفضل الممارسات العالمية.
من جانبه قال الدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي، المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، إن جهود الوكالة ستتجه خلال الفترة المقبلة إلى استكمال تحديد الإطار التنظيمي لقطاع الفضاء الوطني، وذلك من خلال وضع الإستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، إضافة إلى التشريعات والقوانين التي تحدد عمل القطاع في الدولة بما يسهم في تعزيز دور القطاع بدعم المبادرات والبرامج والأنشطة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية المختلفة.
وأكد يوسف حمد الشيباني، مدير عام "مركز محمد بن راشد للفضاء"، أن السياسة الوطنية للفضاء حددت أسس ومستقبل قطاع تكنولوجيا الفضاء بما يتماشى مع رؤى وخطط وإستراتيجيات الدولة.
وشدد على أن المركز داعم لتوجهات الوثيقة في بناء قطاع فضاء قوي ومستدام، لافتًا إلى أن المركز مشارك في تطوير قطاع فضاء وطني يتمتع بمعايير عالية المستوى لتتبؤ دولة الإمارات مراكز متقدمة ومنافسة في العالم في مجال صناعة وتقنيات وأبحاث الفضاء.
ولفت الشيباني إلى استمرار إستراتيجية المركز في استقطاب الكوادر الوطنية وتنمية القدرات في صناعة الفضاء، إضافة إلى دعم المؤسسات التربوية على امتداد الدولة لتأسيس لبرامج أكاديمية جديدة مواكبة لاحتياجات مجالات العلوم والتقنية والفضاء.
وأكد حرص المركز على تنفيذ المشاريع الحالية أبرزها "مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ" – "مسبار الأمل" وخليفة سات" وغيرها بكفاءة عالية.
وأشار الشيباني إلى مواصلة المركز إطلاق مشاريع فضائية جديدة وتطوير تقنيات مبتكرة تسخر لخدمة الإنسان والإنسانية، إما عبر استخداماتها الفاعلة في خطط التنمية الشاملة أو دورها في حالات الكوارث والأزمات.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDcuMTgxIA== جزيرة ام اند امز