تونس تُحيي الذكرى الخامسة لثورتها "ودار لقمان على حالها"
نوبل لم تُفلح في تنقية الأجواء الباهتة بمهد "الربيع العربي"
أحيت تونس في أجواء كئيبة وباهتة الذكرى الخامسة لانطلاق الثورة التي أطاحت بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي
أحيت تونس مهد "الربيع العربي"، الخميس، في أجواء كئيبة وباهتة، الذكرى الخامسة لانطلاق الثورة التي أطاحت بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي، وكان "الشغل والحرية والكرامة" من أبرز شعاراتها.
وفي مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة الثورة، أقيمت فعاليات بسيطة تزامنًا مع مرور 5 سنوات على إقدام البائع المتجول محمد البوعزيزي، مُفجِّر الثورة، على حرق نفسه يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 أمام مقر الولاية.
وأحرق البوعزيزي (26 عامًا) نفسه احتجاجًا على مصادرة الشرطة البلدية عربة الخضار والفاكهة التي كان يعتاش منها.
وقد توفي البائع المتجول في الرابع من كانون الثاني/يناير 2011 في المستشفى متأثرًا بحروقه البالغة، لتؤجج وفاته احتجاجات شعبية عارمة انتهت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بهروب بن علي إلى السعودية.
ونشرت السلطات، الخميس، تعزيزات أمنية كبيرة في وسط سيدي بوزيد خصوصًا أمام مقر الولاية حيث تمركزت عربة مصفحة، وفق صحفي فرانس برس.
وفي قلب المدينة كتب على صورة عملاقة لمحمد البوعزيزي "ثورة 17 ديسمبر 2010 رمز الوحدة الوطنية". وصباحًا، أقيم عرض فروسية وسط المدينة أمام جماهير متفرقة.
ومن المنتظر أن تضع وزيرة الثقافة لطيفة لخضر، اليوم، "حجر الأساس لبناء متحف الثورة" وأن تفتتح "المعهد الجهوي للموسيقى" و"المكتبة العمومية" في سيدي بوزيد حسبما أعلنت وزارتها الأربعاء في بيان.
5 سنوات ولا إجابة للمطالب
في الأثناء وفي المستوى التنموي، قال حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، الخميس، خلال اجتماع في سيدي بوزيد "ما زالت دار لقمان على حالها؛ حيث لم تجد جهة سيدي بوزيد منذ دولة الاستقلال أية عناية، وبقيت من الجهات المحرومة والمهمشة".
وأمام مقر ولاية سيدي بوزيد تظاهر العشرات مرددين "شغل، حرية، كرامة وطنية" وهي نفس الشعارات التي تم رفعها خلال الثورة التي أطاحت ببن علي.
أحد المتظاهرين ويُدعى رمزي الحمزاوي، قال لفرانس برس بمرارة: "مرَّت 5 سنوات ولم تتحقق مطالبنا".
صحيفة "الصباح" اليومية قالت في عدد الخميس: إن "حكومات ما بعد الثورة لم تنصف جهة سيدي بوزيد ولم تحقق أحلام وانتظارات أبنائها؛ إذ لا شيء تحقق، بل -بالعكس- الوضع ازداد سوءًا بسبب بروز ظواهر اجتماعية سلبية كتفشي البطالة والمخدرات والتهريب وأيضًا الإرهاب الذي تمركز في عدد من جبالها".
وكتبت يومية "المغرب" -من جهتها- أن "الثورة لم تحقق من كل أهدافها سوى حرية التعبير، وحتى هذه الحرية مهددة اليوم بتلاعب لوبيات متعددة".
وأشارت الصحيفة إلى "ارتفاع منسوب المخاطر الإرهابية وركود الآلة الاقتصادية وتفاقم المطالب الاجتماعية المشروعة في التنمية والشغل دون قدرة على تلبيتها".
وتواجه تونس صعوبات في إنعاش اقتصادها الذي لحقت به أضرار بالغة في 2015 جراء ثلاث هجمات دموية تبنَّاها تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.
وأسفر هجومان في 18 مارس/ آذار و26 يونيو/حزيران الماضيين عن مقتل 59 سائحًا أجنبيًّا وشرطي تونسي واحد. في حين أسفر هجوم انتحاري استهدف حافلة للأمن الرئاسي في العاصمة تونس يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن مقتل 12 من عناصر الأمن.
وإثر الهجوم الانتحاري الأخير فرضت السلطات ولمدة شهر حالة الطوارئ في البلاد اعتبارًا من 24 نوفمبر/تشرين الثاني.
حرب شرسة
وقال رئيس الحكومة الحبيب الصيد، الخميس: "وطننا يواجه اليوم تحديات جسيمة ومخاطر جمَّة في مقدمتها مخاطر الإرهاب الذي يستهدف وجود الدولة وكيانها ومؤسسات النظام الجمهوري ونمطنا المجتمعي".
وأفاد في خطاب مكتوب "بمناسبة ذكرى اندلاع ثورة الحرية والكرامة" نشرته الحكومة على صفحتها الرسمية في فيس بوك: "إنّنا نخوض حربًا شرسة ضد هذه الآفة".
وقال الصيد: إن "القضاء على الإرهاب شرط أساسي لحماية الأرواح والمكتسبات وبسط الأمن والاستقرار وتعزيز الأرضية الملائمة للاستثمار وإحداث المشاريع ودفع التشغيل وتحسين أوضاع الفئات الهشَّة وتكريس التمييز الإيجابي لفائدة الجهات الأقل حظًّا".
وتواجه حكومة الصيد التي باشرت مهامها في 6 فبراير/شباط 2015 انتقادات جمة نتيجة ضعف الإنجازات.
وتعتبر تونس "استثناء" في منطقة الربيع العربي؛ لأنها تجنَّبت الوقوع في الفوضى التي عمَّت دولًا أخرى مثل سوريا واليمن وليبيا.
وفي 27 كانون الثاني/يناير 2014 أقرَّت تونس دستورًا جديدًا، وأجرت نهاية العام ذاته أول انتخابات رئاسية وتشريعية ديمقراطية وحرة في تاريخها.
وأسندت جائزة نوبل للسلام لهذا العام إلى أربع منظمات تونسية كان لها دور حاسم في إنقاذ مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، هي "الاتحاد العام التونسي للشغل" (المركزية النقابية) و"الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية" (المنظمة الرئيسية لأرباب العمل) و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"عمادة المحامين".
وقادت المنظمات الأربع التي أصبحت معروفة باسم "الرباعي الراعي للحوار الوطني" مفاوضات سياسية طويلة وشاقة بين حركة النهضة الإسلامية ومعارضيها وحملتهم على "التوافق" لتجاوز أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال اثنين من القيادات السياسية المعارضة للإسلاميين.
وأفضى "الحوار الوطني" إلى استقالة حكومة "الترويكا" التي كانت تقودها حركة النهضة، لتحل محلها مطلع 2014 حكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة قادت البلاد حتى إجراء انتخابات عامة نهاية العام نفسه.
وأكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن جهود الرباعي أدت إلى "إنقاذ البلاد من شبح الحرب الأهلية والفوضى".
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز