مجموعة من الشبان السوريين هربوا من جحيم الحرب في بلادهم إلى كرواتيا، وبدؤوا بنقل معاناة شعبهم بحناجرهم وآلاتهم الموسيقية إلى العالم
طالما حملت رحلة المهاجرين السوريين في عرض البحر بين طياتها قصصًا أليمة أذابت القلوب من وجع تفاصيلها، إلا أن بصيصًا مشرقًا من الأمل يلوح في أفق بعضهم.
أنس المغربي (26 عامًا)، فنان سوري ألقى بروحه وأحلامه في البحر، عله يجد ملاذًا ينسيه ويلات الحرب، التي تدور رحاها في سوريا منذ 2011، ولا تزال تحصد الأرواح والأحلام سويا.
يصف أنس الحياة المريرة في سوريا خلال سنوات الحرب بحزن وألم، خاصة بعدما قضت الحرب على "ربيع" أحد أصدقائه الذي كان ضمن فرقته الموسيقية في 2012، حينها بات حلم أنس في الموسيقى مستحيلاً.
ومع تبعات الحرب، التي لم تهدأ وتيرتها، قرر أنس الانتقال إلى لبنان حيث التقى هناك بفرقة "خبز دولة" الموسيقية، إلا أن أفراد الفرقة الأربعة وهم: "المغربي، محمد باز، حكمت القصار، وبشار درويش"، قرروا جميعًا أن يقدموا أدواتهم الموسيقية ثمنًا لتحقيق أحلامهم في الموسيقى فقاموا ببيعها ودفع مبلغ 1200 دولار أمريكي لتهريبيهم عبر البحر.
وكانت أول جزيرة يصادفها قارب أنس، المكون من 16 شخصًا، هي جزيرة ليسبوس اليونانية شمال بحر إيجة، وهنا يحوّل أفراد الفرقة الأربعة رحلتهم المخيفة إلى أمل ينبض بالحياة.
ويقول أنس لصحيفة "غارديان" البريطانية: "قمنا بتوزيع نسخ من إصداراتنا الموسيقية على السياح، حاولنا جاهدين أن نغير الصورة النمطية لوجوه المهاجرين الحزينة والباكية إلى فرح وسرور".
وبعد أسبوع من وصول الفرقة إلى مخيم إيواء للاجئين في كرواتيا، تلقت "خبز دولة" دعوات كبيرة لإحياء حفل موسيقي هناك، حينها استجابت الفرقة لذلك وأحيت حفلة في مدينة زغرب الكرواتية بعد أن استعارت الأدوات الموسيقية لفرقة "موغواي"، الأمر الذي لقي حفاوة وإعجابًا كبيرين من الحضور وسط دعوات بالمشاركة في احتفالات في القارة الأوروبية.
ويذكر مغربي رحلته إلى كرواتيا المحفوفة بالمخاطر، إلا أن أمل الموسيقى الذي ينبض بداخله كان يمكنه دومًا من تحويل المعاناة إلى حياة، ويقول: "ألقت الشرطة الكرواتية القبض علينا بالقرب من الحدود الكرواتية، تعاملنا بلطف واحترام كبيرين كي لا يسيئوا الظن بنا، حينها قام أحد أفراد الشرطة بالاستماع لإحدى أغنياتنا عبر يوتيوب وبدت الدهشة واضحة على وجهه، كأنه كان يريد أن يقول ما الذي جاء بكم إلى هنا؟.. لا يعرف الآخرون حجم المعاناة في سوريا".
وتعتمد فرقة "خبز دولة" على استخدام مزيج من الموسيقى السورية الشعبية وموسيقى الروك الغربية، لتسير على خطى فرقتي بينك فلويد وريديو هيد البريطانيتين.
وتمخضت رحلة معاناة "خبز دولة" عن ألبوم موسيقي تم طرحه في الأسواق في شهر أغسطس/آب بتمويل من الصندوق العربي للثقافة والفنون .
وتسعى الفرقة إلى نشر معاناة الشعب السوري دون تحيز سياسي لأي من الأطراف المتصارعة، خاصة وأن سوريا باتت موطنًا للألم والحزن ورائحة الموت في كل مكان.
aXA6IDE4LjIyMi4xMDguMTg1IA== جزيرة ام اند امز