حكم بعدم قانونية "رسوم الاشتراك" يضع شركة الاتصالات الفلسطينية في مأزق
الشركة مُلزَمة بإعادة الرسوم إضافة إلى عدم المطالبة بها مستقبلا
أصدرت محكمة النقض الفلسطينية حكمًا بعدم قانونية الرسوم الشهرية الثابتة المفروضة من شركة الاتصالات الفلسطينية.
فتح حكم محكمة النقض الفلسطينية لصالح محامٍ بعدم قانونية رسوم الاشتراك الشهري المفروضة على المواطنين من قبل شركة الاتصالات الفلسطينية، الباب حول قانونية الرسم الشهري المفروض من شركة الاتصالات الوحيدة العاملة في الأراضي الفلسطينية.
محكمة النقض أصدرت حكمًا لصالح المحامي تامر الحروب، بعدم قانونية الرسوم الشهرية الثابتة المفروضة من الشركة على مستهلكي خدمة الاتصالات، بعد رفعه دعوى ضد الشركة عام 2005.
"الحروب" رفع دعوى تؤكد عدم قانونية الرسوم الشهرية الثابتة المفروضة من الشركة على المواطنين، وقال: "لا يوجد أي نص قانوني في الأراضي الفلسطينية يجيز لشركة الاتصالات المطالبة بهذه الرسوم أو استيفاءها"، وأضاف: "الرسوم تُفرض بقانون من الدولة فقط، وليس من اختصاص الشركات فرض الرسوم".
وبموجب الحكم القضائي الصادر من أعلى جهة قضائية فإن الشركة ملزمة بإعادة الرسوم إلى المدعي إضافة إلى عدم المطالبة بهذه الرسوم مستقبلا. وتتقاضى الشركة رسومًا شهرية ثابتة مقدارها 28 شيكل (7 دولارات).
ويصل عدد المشتركين في خدمة الهاتف الثابت من شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) 403 آلاف مشترك نهاية الربع الثالث من العام 2015، حسب أحدث بيانات للشركة التي بدأت عملها عام 1997 كشركة مساهمة عامة لتقديم خدمات الاتصالات السلكية واللا سلكية والإنترنت في فلسطين.
وغرّد المئات من الفلسطينيين فور انتشار خبر الحكم القضائي أمس، لمطالبة شركة الاتصالات برد الرسوم المالية لكل المشتركين، وحثّوه على تسوية البند القانوني قبل التحرك لاستصدار أمر قضائي ملزِم برد الأموال لكل المشتركين.
لكن شركة الاتصالات التي اكتفت بتصدير بيان توضيحي حول القضية، أوضحت أن ما يتم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول قانونية رسوم الاشتراك، مرتبط بإعادة رسم اشتراك لأحد المشتركين فقط (الحروب) نتيجة لحالة خاصة تخص المشترك المذكور.
وأشارت الشركة في بيانها إلى أن القرار ذاته ألغى أي ادعاء بعدم قانونية رسوم الاشتراك عمومًا، وكذلك ألغى الادعاء بمنع الشركة من المطالبة بها.
وأوضحت أنه لا يوجد أي صحة لأي ادعاء بوجود أي أثر رجعي للقرار ولا صحة لانطباقه باي شكل على أي مشترك أو مشتركين آخرين.
وأشارت الشركة إلى أن هناك أحكامًا قضائية أخرى صدرت تؤكد أحقية الشركة في رسوم الاشتراك، علمًا بأن رسم الاشتراك هو بدل مالي تعاقدي بين الشركة والمشترك مقابل خدمات محددة بما فيها الربط بالشبكة والإدامة والصيانة للخطوط، شأنها في ذلك شأن الشركات المرفقية الأخرى.
أستاذ القانون في جامعة الأمة بغزة د. رامز العايدي، يرى أن تمسك شركة الاتصالات بفرض الرسم الشهر "فيه اعتداء على القانون خصوصا بعد الحكم الأخير".
وأوضح العايدي لبوابة "العين"، أن فرض الرسوم من قبل الشركة مخالف للقانون، عملًا بنص المادة رقم (88) من القانون الأساسي، التي تنص على أن فرض الضرائب العامة والرسوم، وتعديلها وإلغاءها، لا يكون إلا بقانون، ولا يُعفى أحد من أدائها كلها أو بعضها، في غير الأحوال المبينة في القانون.
ويؤكد أستاذ القانون أن الحكم القضائي لا يتعلق بصاحب الدعوى فقط بل ينسحب على جميع الأفراد المشتركين في خدمات الهاتف الثابت "لأن جميع الأفراد تعاقدوا مع شركة الاتصالات بنفس الشروط والبنود" والحكم هنا "موجه إلى الشركة لا إلى الفرد".
وتابع: "الحكم القضائي هنا يؤكد لشركة الاتصالات أن لديها خللًا قانونيًّا واضحًا عليها تصحيحه ليس مع رافع الدعوى فقط بل عليها تصحيحه من الأساس وذلك بمعالجة الشرط غير القانوني".
رسوم مؤقتة
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، د. نائل موسى: "إنْ كان هناك من مبرر للشركات لفرض رسوم ثابتة مقابل خدماتها، فإنها تكون مبرَّرة عرفًا وليس قانونًا مع البدايات الأولى لإنشاء الشركات.. لكن هذه الرسوم تجب مراجعتها من جهات الاختصاص في الدولة كل سنة للتأكد من حاجة الشركات العامة إليها أم أن الحاجة قد انتفت".
ويؤكد موسى لبوابة "العين"، أن رسوم شركة الاتصالات الشهرية على فواتير المواطنين لا يوجد فيها نص قانوني إنما هي أنظمة داخلية للشركة تبررها في العقد الموقع بين الشركة والمواطن المشترك في الخدمة.
ويشير أستاذ الاقتصاد، أن إبقاء الرسوم الثابتة يعتبر "تعديًا على أموال المواطنين لا يوجد له أي مبرر في الوقت الحالي"، خصوصًا "في ظل الاستقرار المالي للشركة والأرباح السنوية العالية التي تحققها".
تدخل السلطة
ويخشى موسى من تدخل السلطة التنفيذية لصالح شركة الاتصالات "فهذه شركة تدفع ضرائب عالية جدًّا للسلطة، ومن يمتلك الإمكانيات المالية باستطاعته تجيير السلطات التنفيذية لصالح قراراته حتى لو كان في ذلك تغوّل على المواطن".
ويشاطره العايدي الرأي بقوله: "هذه شركة سيادية، ومن الصعب على السلطة التنفيذية أن تسلم بالحكم القضائي بسهولة "، مشيرًا إلى "وجود جهات في السلطة التنفيذية مستفيدة من إمكانيات الشركة.. وسلسلة الشركات المماثلة".
ويدعو موسى والعايدي إلى ضرورة إعادة النظر في كل الرسوم الشهرية الثابتة التي تفرضها إلى جانب شركة الاتصالات، مجموعة شركات تقدم خدمات حيوية للمواطنين، مثل شركات (الكهرباء، والمياه، والبلديات..)، مشددين على أنه علاوةً على عدم قانونية ذلك الرسم، فإنه يرهق كاهل المواطن في رسوم يدفعها شهريًّا عن 4-5 خدمات، في منطقة تعد نسب البطالة والفقر فيها من الأعلى عالميًّا.