"غزو الكويت".. موقف عربي حاسم بقيادة سعودية عصي على المتآمرين
تأتي الذكرى هذا العام بالتزامن مع خطوات حثیثة من قیادتي الكويت والعراق لطي صفحة الماضي المؤلم، وفتح صفحة جدیدة من التعاون المثمر
تحل اليوم الجمعة الذكرى الـ 29 للغزو العراقي للكویت التي أظهرت موقفا عربيا تاريخيا بقيادة المملكة العربية السعودية؛ لإنهاء المحنة وسط دعم دولي غير مسبوق.
وتأتي الذكرى ھذا العام بالتزامن مع خطوات حثیثة من قیادتي الكويت والعراق لطي صفحة الماضي المؤلم وفتح صفحة جدیدة من التعاون المثمر وحل المشكلات بین البلدين.
وفي 2 أغسطس/آب 1990 نفذ الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اعتداء غاشما على الكويت، ظنا منه أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقتنع بوجهة نظره التي بررها، وأن الاتحاد السوفيتي سيقف بجانبه حتى إذا عارضته واشنطن، كما أن الدول العربية لن تفعل أكثر من التجمع في قمة عربية والخروج ببيان يدين ويشجب، لكن الرياح أتت بما لا تشتهيه السفن العراقية.
وكان من اللافت للانتباه أن الغزو لم يستغرق سوى يومين اثنين، حيث أعلنت القوات العراقية استيلاءها على كل الأراضي الكويتية في 4 أغسطس/آب، ثم شُكلت حكومة صورية تحت مسمى "جمهورية الكويت".
ثم في يوم 9 من الشهر ذاته، أي بعد الاعتداء بـ7 أيام، أعلنت بغداد ضم الكويت واعتبارها المحافظة رقم 19 للعراق، وإلغاء جميع السفارات الدولية، بما يعني أن صدام حسين كان لا ينوي التراجع عن أهدافه بضم الكويت.
وبعد فترة، أضاف الرئيس العراقي كلمة "الله أكبر" على العلم العراقي، في محاولة منه لإضفاء طابع ديني على العدوان، على أمل كسب جماعة الإخوان الإرهابية إلى جانبه.
فضلا عن اتجاه بغداد لربط مسألة اجتياح الكويت بقضايا الأمة العربية، فأعلنت أن أي انسحاب من الكويت يجب أن يصاحبه انسحاب سوري من لبنان وانسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان.
** غفوة الغزو
شهدت الفترة التي سبقت الاعتداء العراقي على الكويت توترات بين البلدين العربيين الإسلاميين، خاصة بعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية، التي بررتها بغداد بأنها تأتي حماية للأمن الخليجي من المطامع الإيرانية.
واعتبرت بغداد أن الجيران الخليجيين لم يوفوها أجرها المستحق تعويضا لخسائرها الكبيرة في تلك الحرب، فأعلنت أكثر من مرة أنها في حاجة إلى الدعم الخليجي، وأنها على وشك وقف المساعدات لأهالي ضحايا حربها مع إيران لأن إمكانياتها ضئيلة.
فضلا عن ذلك تصاعدت خلافات بين العراق والكويت حول عدة قضايا، منها الخلاف حول ترسيم الحدود وإنتاج النفط، بالإضافة إلى اتهام العراق للكويت بالقيام بأعمال تنقيب غير مرخصة عن النفط في الجانب العراقي.
بعد ذلك كان الاعتداء، فقامت القيامة الكويتية بل العربية خاصة الخليجية، وفزع الكويتيون بغزو أشقائهم العراقيين، وزادت أعمال الجلبة مع فرار المدنيين الكويتيين إلى الأراضي السعودية، واتجاه آخرين إلى الدفاع عن بلادهم في وجه الشقيق المعتدي.
رغم تزايد القوة العسكرية للعراق على نظيرتها للكويت فقد سطر الكويتيون ملاحم خالدة في التاريخ في صد الاعتداء، حيث خرج الكويتيات للمظاهرات الرافضة للعدوان العراقي.
وكان من بين تلك الكويتيات مناضلة تدعي سناء الفودري -أول كويتية تستشهد في المظاهرات المناهضة للغزو- والتي كانت رافضة للوجود العراقي ببلادها، ففكرت في القيام بمظاهرات رافضة للغزو العراقي، وتزعمت جموعا غفيرة من الكويتيات، حتى اغتالتها رصاص القوات العراقية.
** دور عربي
حاول العرب تدارك الأمر وإيجاد مخرج للأزمة، حيث تزامن الغزو مع وجود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مدينة الإسكندرية (شمال مصر)، حيث عقد مباحثات عاجلة مع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، تلاها زيارة خاطفة إلى جدة لمناقشة الأزمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز.
وبدأت السعودية في حشد كل إمكاناتها وعلاقتها بالقوى الدولية لعقد قمة طارئة في 10 أغسطس/آب لتدين الغزو العراقي على الكويت، واعتبرت ضم بغداد للكويت وما يترتب على ذلك من نتائج باطلًا، كما شجبت التهديدات العراقية لدول الخليج العربي، واستنكرت حشد القوات العسكرية العراقية على حدود المملكة العربية السعودية، كما أعلنت الاستجابة لطلب الرياض بنقل قوات عربية إليها.
وأمر الملك فهد بفتح الحدود أمام اللاجئين الكويتيين وتوزيعهم على جميع مناطق المملكة، إضافة إلى ذلك فتح بعض المشاريع السكنية ليستفيد منها الكويتيون.
ومن الدبلوماسية إلى القوة العسكرية، حيث أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الجنود إلى السعودية، كما أرسلت الإمارات ومصر وحدات كبرى من جيشهما وكذلك سوريا.
واستمر نطاق التحالف في الاتساع تحت قيادة السعودية حتى وصل إلى أكثر من 30 دولة مشاركة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وإيطاليا.
حتى جاءت عملية "درع الصحراء" (7 أغسطس 1990 وحتى 17 يناير 1991) ثم عملية عاصفة الصحراء (17 يناير إلى 28 فبراير 1991)، هي حرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
ورغم مواقف بعض الدول إلا أنه كان للدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر وقفة حاسمة إلى جانب دولة الكويت في محنة الغزو العراقي حتى التحرير، بعد أن خضبت دماء جنودها الطاهرة معركة التحرير.
** مؤامرات لتقليل حجم الدور العربي
وكثّف دول محور الشر وعلى رأسها قطر من عملية تجنيد مزيد من الذباب الإلكتروني خلال الفترة الأخيرة، والتي أوكل إليها التدوين في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف النيل من الجهود العربية وعلى رأسها الإمارات والسعودية ومصر في إنهاء الاحتلال العراقي الغاشم لدولة عربية شقيقة.
فيما اعتبر مراقبون الأدوار الخبيثة لقطر وذبابها الإلكتروني "ظاهرة صوتية" لا تثير قلقا إلا من لا يفهم دورهم وطبيعتهم.
** علاقات تتنامى
وبعد سنوات عجاف كانت فيها الكويت تمد يد العون للشعب العراقي، وتفرق بينه وبين النظام الذي حرق أراضيها، تحل اليوم الذكرى الـ29 بالتزامن مع خطوات حثیثة من قیادة البلدین لطي صفحة الماضي المؤلم، وفتح صفحة جدیدة من التعاون المثمر وحل المشكلات بین البلدين.
وجاءت الزیارة التي قام بھا أمیر الكويت الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى العراق في یونیو/حزيران الماضي أقل ما توصف بأنھا "تاریخیة" وتعد "مؤشرا مھما" لتعزیز الاتفاقات السابقة بین حكومتي البلدین وحل ما تبقى من أمور عالقة واحدة تلو الأخرى، وتذلیل العقبات أمام التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
كما كانت لزيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى الكويت في مايو/أيار الماضي دلالة واضحة على أن سياسة البلدين "أصبحت متقاربة" لاسيما بعد اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين.
وبات واضحا لدى البلدين الشقيقين أنهما يعملان على توطيد العلاقات وأن استحضار الذكرى "ألأليمة" فرصة مهمة لبناء الحاضر والمستقبل.
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA== جزيرة ام اند امز