عامان على الحرب.. ملحمة إنسانية إماراتية تخفف أوجاع أهل غزة

التزام إماراتي بدور سياسي وإنساني فاعل ومسؤول لإنهاء معاناة أهل غزة وتحقيق سلام دائم.
التزامٌ يتجدّد بالتزامن مع ذكرى مرور عامين على حرب غزة، فيما بدأت تلوح في الأفق آمالٌ بإنهائها عبر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي دعمتها الإمارات وعددٌ من الدول العربية والإسلامية.
وكما كانت الإمارات حاضرةً بمبادراتها الإنسانية والإغاثية على مدار عامَي الحرب، التي ساهمت في تخفيف وجع وألم ومعاناة أهل غزة، فإنها ستكون حاضرةً دائمًا لدعم أهل غزة في المرحلة المقبلة.
هذا ما أكّد عليه أيضًا الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، عبر حسابه في موقع "إكس" قبل يومين، قائلًا:
"كل الأنظار تتجه اليوم إلى غزة، إلى إنهاء معاناة أهلها وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، والبحث عن أفقٍ لسلامٍ دائمٍ يُجنِّب المنطقة وشعوبها دوّامة الحروب المدمّرة".
وأضاف: "وكعهدها، ستضطلع الإمارات بدورها السياسي والإنساني الفاعل والمسؤول في هذه المرحلة الدقيقة، دعمًا لاستقرار المنطقة وأمنها".
ومع حلول الذكرى الثانية لاندلاع الحرب، يستذكر أهل غزة جهود ومبادرات الإمارات الإنسانية على مدار العامين الماضيين، وسط امتنانٍ وتقديرٍ لدولة الإمارات التي تربّت دائمًا على قلوبهم، لمداواة جروحهم وتخفيف آلامهم وبثّ الأمل في نفوسهم.
مبادراتٌ لم تتوقّف على مدار الساعة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما زالت متواصلةً، تتويجًا لحراك الإمارات المتواصل لدعم غزة على مختلف الأصعدة، برًّا وبحرًا وجوًّا.
رسمت الإمارات عبر تلك المبادرات ملحمةً إغاثيةً إنسانيةً، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وجعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة لأهل غزة بشكلٍ خاص، والعمل الإنساني بشكلٍ عام، في مسارٍ توثّقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكّده لغة الأرقام، التي تُبرز جهود الإمارات القياسية في دعم القطاع، إذ تؤكّد التقارير الأممية أن المساعدات الإماراتية شكّلت نسبة 44% من إجمالي المساعدات الدولية إلى غزة حتى الآن.
مبادرات شاملة
لم تألُ الإماراتُ جهدًا في دعم أهل غزة منذ بدء التصعيد الإسرائيلي، فأطلقت عديدًا من المبادرات لدعم القطاع، أبرزها:
"تراحم من أجل غزة"، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي شارك فيها أكثر من 24 ألف متطوع داخل دولة الإمارات، قاموا بتحضير 71 ألف سلة من المواد الإغاثية تم تجميعها محليًا.
إطلاق مبادرة "الفارس الشهم 3" يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومن رحم تلك المبادرة وُلدت مبادرات عدة، إذ سيّرت الإمارات جسرًا جويًا وآخر بحريًا لإيصال المساعدات الإغاثية والطبية، وافتتحت مستشفى ميدانيًا داخل قطاع غزة، ومستشفى عائمًا آخر في العريش المصرية، وأقامت محطاتٍ لتحلية المياه لإمداد سكان القطاع بمياه الشرب، وكذلك وفّرت وشغّلت الأفران الآلية والمطابخ لتوفير الخبز والوجبات في غزة.
أيضًا، تحت مظلة مبادرة "الفارس الشهم 3"، تم إطلاق مبادرة "طيور الخير" في 28 فبراير/شباط 2024، لإسقاط المساعدات الإنسانية والإغاثية بواسطة طائرات القوات الجوية لدولة الإمارات فوق المناطق المعزولة التي يتعذر الوصول إليها شمال القطاع.
مساعداتٌ نجحت خلالها الإمارات في تحقيق أرقامٍ قياسيةٍ وسوابقَ تاريخيةٍ دعمًا لأهل غزة.
ريادة إنسانية
بلغ إجمالي المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها منذ بدء عملية "الفارس الشهم 3" نحو 90 ألف طن، بتكلفة 1.8 مليار دولار.
قدّمت الإمارات تلك المساعدات الإنسانية، التي شملت المواد الغذائية والطبية والإغاثية، عبر 18 باخرة، وأكثر من 8 آلاف شاحنة، و697 رحلة جوية.
كما نفّذت الإمارات 81 عملية إنزال جوي ضمن مبادرة "طيور الخير"، التي أسقطت 4076 طنًّا من المساعدات الإغاثية مباشرةً إلى المناطق المنكوبة.
ولم تقتصر الجهود على المساعدات الفردية، بل أطلقت الإمارات وقبرص مبادرةً مشتركة عبر "صندوق أمالثيا" لإيصال المساعدات إلى غزة، حيث بادرت قبرص بإرسال 1200 طن من المساعدات عبر ميناء أشدود، بدعمٍ إماراتيٍّ لوجستيٍّ وماليٍّ.
رسالة أمل
ومع حلول ذكرى عامين على الحرب، أكدت الإمارات مجددا التزامها بمواصلة دورها الإنساني لتخفيف معاناة أهل القطاع.
وقبيل أيام من تصريحات د. أنور قرقاش، شددت لانا زكي نسيبة وزيرة الدولة بحكومة الإمارات خلال كلمة الإمارات في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 سبتمبر/أيلول الماضي على مواصلة بلادها "دورها كأكبر مانح للمساعدات في غزة مسخرة لذلك كل ما لديها من علاقات وموارد وإمكانيات وستستمر في القيام بهذا الدور رغم القيود والعراقيل".
تصريحات متتالية بمثابة رسالة أمل ودعم نفسي لأهل غزة، فيما تسابق الإمارات الزمن لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي لأهل غزة، لتخفيف معاناة مئات آلاف العائلات المتضررة من الحرب، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والدواء.
وأطلقت الإمارات مبادرات عدة لدعم أهل غزة بالغذاء والماء والدواء، وسط تفاقم معاناة أهل غزة.
مكافحة العطش
ففي ظل الانهيار شبه الكامل لشبكات المياه والصرف الصحي، كثفت الإمارات جهودها لمكافحة العطش الذي يهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة،
ضمن أحدث تلك الجهود، افتتحت الإمارات في 29 أغسطس/آب 2025 أضخم مشروع مياه في قطاع غزة، لتأمين مياه محلاة لعشرات آلاف الأسر التي تعاني من أزمة عطش خانقة.
ويمتد خط المياه الإماراتي بطول 7.5 كيلومتر بإنتاجية تصل إلى نحو مليوني غالون يوميًا، ويخدم أكثر من 600 ألف شخص.
كما جرى ربطه بخزان البراق في خان يونس بسعة 5000 متر مكعب لتغذية مناطق واسعة إضافية.
ويقوم مشروع خط المياه بنقل محطات التحلية الإماراتية في الأراضي المصرية إلى قطاع غزة، في خطوة نوعية تهدف لتأمين المياه المحلاة لعشرات آلاف الأسر التي تعاني من أزمة عطش خانقة منذ اندلاع الحرب.
وتولي دولة الإمارات قطاع المياه أهمية خاصة ضمن مشاريع "الفارس الشهم 3" المستمرة منذ بداية الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث نفذت سلسلة من المشاريع النوعية.
وفي إطار الجهود لتأمين الاحتياجات الأساسية من المياه تم ما يلي:
- إنشاء 6 محطات تحلية تنتج مليوني غالون مياه يوميا يجري ضخها إلى قطاع غزة، لتوفير مياه الشرب النقية للمتضررين، - توفير صهاريج مياه لضمان إمدادات المياه للمرافق الطبية والمخيمات.
- أطلقت دولة الإمارات مجموعة من المشروعات لتنفيذ أعمال حفر وصيانة آبار المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة.
- نفذت الإمارات مجموعة من مشاريع صيانة شبكات الصرف الصحي في عدد من المناطق.
دعم غذائي
يأتي هذا فيما تواصل دولة الإمارات جهودها الإغاثية عبر "عملية الفارس الشهم 3"، لدعم أهل غزة بالغذاء والطعام، وسط تفاقم خطر المجاعة في القطاع المحاصر والمدمر.
ضمن أحدث تلك الجهود، عبرت أكثر من 8 قوافل محملة بمساعدات إنسانية إماراتية متنوعة إلى قطاع غزة سبتمبر/أيلول الماضي عبر معبر رفح المصري.
تتألف القوافل من 128 شاحنة حملت على متنها أكثر من 2000 طن من المساعدات الإنسانية التي شملت المواد الغذائية و مواد الايواء.
ونجحت دولة الإمارات في إيصال عشرات آلاف الأطنان من المواد الغذائية إلى سكان قطاع غزة سواء عبر القوافل التي دخلت القطاع من المعابر البرية، أو عبر عمليات الإسقاط الجوي من خلال عملية "طيور الخير، أو عبر البحر وذلك من خلال إرسال عدد من سفن المساعدات.
يأتي هذا الدعم فضلا عن المبادرات المستدامة في هذا المجال مثل توفير المخابز الأوتوماتيكية وإقامة المطابخ الميدانية.
وأسهمت دولة الإمارات في تشغيل عدد من المطابخ الميدانية، إضافة إلى ما يزيد عن 50 تكية خيرية تعمل على تقديم الوجبات الساخنة يوميا للعائلات المتضررة في قطاع غزة.
ورغم قساوة المشهد داخل قطاع غزة بسبب معاناة الجوع والعطش، إلا أن الأمور كانت لتصبح أكثر مأساوية لولا الدعم الإماراتي الذي لم ينقطع عن الأشقاء الفلسطينيين منذ إطلاق “عملية الفارس الشهم 3”.
إنقاذ الأطفال والمرضى
جنبا إلى جنب مع تلك المبادرات، تواصل دولة الإمارات تنفيذ مبادرتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بعلاج 1000 طفل فلسطيني من المصابين وعلاج 1000 من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة في مستشفيات دولة الإمارات، استمراراً للجهود الإماراتية الرائدة للتخفيف من معاناة المدنيين في قطاع غزة، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم، والحد من التداعيات السلبية في مثل هذه الأوضاع الصعبة.
ضمن أحدث الجهود في إطار تنفيذ المبادرتين، قامت دولة الإمارات وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية؛ 17 سبتمبر/أيلول الماضي بتنفيذ رحلة إخلاء جديدة ضمت 119 مريضاً ومصاباً برفقة ذويهم من قطاع غزة، وذلك عن طريق مطار رامون في إسرائيل وعبر معبر كرم أبوسالم، ليصل العدد الإجمالي حتى الآن إلى 2904 مرضى ومرافقين أجلتهم دولة الإمارات ووفرت لهم الرعاية العلاجية منذ بدء هذه الأزمة الإنسانية.
وتعكس هذه المبادرات حرص دولة الإمارات ونهجها الإنساني الراسخ في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، والتخفيف من معاناته، وتوفير سبل الرعاية للمتضررين من الحروب والكوارث، وخاصة الأطفال الأبرياء.
وقبل نحو عام، نفذت الإمارات حملة تطعيم أكثر من نصف مليون طفل في قطاع غزة ضد شلل الأطفال.
مبادرات تجسد حرص الإمارات على دعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة وتخفيف معاناتهم، من خلال علاج الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان، وذلك بعد التدهور الكبير الذي أصاب القطاع الصحي وعدم قدرته على تلبية الحد الأدنى من الرعاية الصحية اللازمة للمصابين، وكذلك من خلال عملية "الفارس الشهم 3" الإنسانية.
دعم طبي
أيضا على صعيد الدعم الإنساني المتواصل لأهل غزة، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر عملية "الفارس الشهم 3"، تقديم الدعم الطبي لأهل غزة.
ضمن أحدث تلك الجهود، دخلت 4 سبتمبر/أيلول الماضي قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، تتألف من 23 شاحنة، من بينها 16 شاحنة محملة بالمساعدات الطبية مقدمة من دولة الإمارات إلى منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة ليتم توزيعها على المستشفيات داخل قطاع غزة.
وتضمنت هذه المساعدات الأدوية والمحاليل الطبية والأجهزة الطبية المنقذة للحياة "أجهزة التنفس الصناعي، غسيل الكلى وفلاترها، وأجهزة الاستنشاق لدعم حالات الجهاز التنفسي، و مضخات المحاليل، وأجهزة قياس السكر.
كما تضمنت بعض تجهيزات الرعاية والأثاث الطبي مثل الأسِرة الطبية المتطورة وأسِرة الأطفال وحديثي الولادة ونقالات المرضى المخصصة لنقل المصابين بين الأقسام والكراسي المتحركة والعصي الطبية "عكاكيز" إضافة إلى التجهيزات المساندة مثل الثلاجات المخصصة لحفظ الأدوية الحساسة واللقاحات وغيرها.
ويُعد هذا الدعم الطبي الجديد امتداداً لسلسلة من المبادرات الإماراتية المستمرة عبر عملية "الفارس الشهم 3"، من أبرزها:
- إنشاء مستشفى ميداني في غزة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وتم افتتاحه في 2 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه.
- تدشين مستشفى عائم متكامل قبالة ساحل مدينة العريش في 26 فبراير/شباط 2024 بسعة 100 سرير وغرف عمليات وعناية مركزة وأشعة ومختبر وصيدلية ومستودعات طبية لتقديم الدعم الطبي اللازم إلى الأشقاء الفلسطينيين.
وقد ساهمت تلك المستشفيات في تقديم الرعاية الطبية لأكثر من 72280 من الجرحى الفلسطينيين.
إشادة أممية
زار وفدٌ من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" المستشفى الميداني الإماراتي في قطاع غزة، يوم 28 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث اطّلع على الجهود الإنسانية الواسعة التي تقدمها دولة الإمارات من خلال عملية "الفارس الشهم 3"، في ظلّ الأوضاع الكارثية التي يعيشها السكان، كما قام الوفد بجولةٍ ميدانية داخل أقسام المستشفى الميداني الإماراتي.
وأشاد الوفد بالدور البارز لعملية "الفارس الشهم 3" في دعم الفئات الأكثر تضررًا، ومساندة آلاف الأسر النازحة عبر توفير المساعدات الإغاثية العاجلة والبرامج التي تخفف من معاناتهم اليومية.
وأكد وفد "أوتشا" أن ما تقدمه الإمارات من خلال هذه العملية يُعَدّ أكبر إسنادٍ إنسانيٍّ لسكان غزة، مشيرين إلى أن استمرار هذه الجهود يبعث برسالة أملٍ وسط الظروف الإنسانية غير المسبوقة التي يمرّ بها القطاع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNSA= جزيرة ام اند امز