بنات سوريا.. طوق نجاة لشباب الأردن من المغالاة في المهور
الفتاة الأردنية تدفع ثمن المبالغة في شروط الزواج
شهد المجتمع في الآونة الاخيرة إقبالا ملحوظا من الشباب الأردني للزواج من فتيات سوريات، مما انعكس بدون شك على نسب زواج الفتيات الأردنيات
فضّل الشاب الأردني ماجد عبد الغني الزواج من فتاة سورية تعرف عليها وعلى عائلتها من خلال عمله الإغاثي التطوعي مع اللاجئين السوريين.
وقصة "ماجد" لا تعتبر الأولى من نوعها وليست الأخيرة، عن شاب أردني يفضّل الزواج من فتاة سورية على أن يتزوج من فتاة أردنية، فقد تأثر المجتمع الأردني بشدة بقدوم أمواج بشرية هائلة من اللاجئين السوريين.
فقد شهد المجتمع في الآونة الأخيرة إقبالا ملحوظا من قبل الشباب الأردني للزواج من فتيات سوريات، مما انعكس بدون شك على نسب زواج الفتيات الأردنيات. الزواج الذي جاء تحت مظلة "السترة" حرم الفتاة السورية الكثير من الحقوق، ومنح الشاب الأردني تسهيلات بزواجه لم يكن يحلم بها.
أفكار مغلوطة
يروي "عبد الغني" حكاية زواجه من فتاة سورية، ويقول: "سادت في المجتمع الأردني أفكار مغلوطة عن الزواج من السوريات منذ بداية قضية اللاجئين السوريين، ومن هذه الأفكار أن الفتاة السورية لا تريد أي مهر، ولا يريد الأب المكلوم سوى السترة لها، بالفعل العائلات كانت خائفة في بداية اللجوء، ولكن هذا لا يعني أن يفرط الأب في ابنته، فأمل كل أب أن يجد ابنته سعيدة في زواجها، وبعد الأيام السوداء التي عاشوها في سوريا، أصبحوا يبحثون عن بصيص راحة وأمل ورجل قادر على حمايتها".
ويضيف: "الفتاة السورية كالفتاة الأردنية لها حقوق في زواجها من أي شخص، وعلى الشاب الأردني أن يعاملها ويوفر لها حقوقها إن أراد زواجها، فكونها لاجئة لا يعني أن تفقد حقوقها، فهي إنسانة في نهاية المطاف. فقد انتشرت شائعات في بداية اللجوء، في مخيم الزعتري في محافظة المفرق، أن هنالك إعلانات على الأعمدة تعلن عن زواج أي فتاة سورية بمائة دينار. الأب السوري عندما كان يزوج ابنته بمهر أقل من مهر الفتاة الأردنية، كان خائفاً أن ابنته إن لم تتزوج ستتعرض لقضايا تنتهك من كرامتها".
تأثير المسلسلات
أما الشاب الأردني إيهاب اللوزي فيقول: "تعاملت مع العائلات السورية كثيراً، وعاداتهم وتقاليدهم لا تختلف كثيرا عن المجتمع الأردني، ولكن يوجد صفات في الفتاة السورية لا توجد بأي فتاة أخرى، فالفتاة السورية معروفة بأنها تحترم زوجها وتقدسه، وأيضاً بأنها زوجة مدبرة وتعلم الأبناء كيفية التدبير، ولا ننسى دور المسلسلات السورية في بث فكرة الزوجة السورية المثالية، ومن أشهر هذه المسلسلات، باب الحارة، الذي أثر كثيراً على عقليات الشباب".
ويؤكد الشاب الأردني محمود صدقة أن التوجه نحو الفتاة السورية لم يكن عشوائيا، فمعظم الشباب الذين يرغبون بالزواج يعانون من مشكلة المهر المبالغ به، وفي ظل الحالة الاقتصادية وعدم توفر فرص العمل، والرواتب المتدنية، ويقول: "يبحث الشاب عن فتاة محترمة، وتكون طريقة الزواج بها سهلة، ومهرها معقول، فالكثير من الفتيات الأردنيات وعائلاتهن يضعون شروطا صعبة على الشاب، لا يستطيع توفيرها من مهر مرتفع ومتطلبات حفل الزفاف وغيرها، أما الأسر السورية فتعمل على تيسير سبل الزواج، وبالتالي تكون زيادة العنوسة لدى الفتيات الأردنيات واتجاه الشباب نحو الفتاة السورية نتيجة طبيعية".
للسورية حقوق
مدير جمعية العفاف الخيرية، مفيد سرحان، يرى أن زواج الأردني من الفتاة السورية ليس بالأمر الجديد، إذ كان موجودا قبل ظهور قضية اللاجئين السوريين، وهنالك الكثير من العائلات السورية التي استقرت في الأردن منذ القديم وحصلت على الجنسية الأردنية واختلطت وتمازجت بين العائلات الأردنية، ويقول: "بحسب دائرة قاضي القضاة أن عدد الأردنيين الذين تزوجوا من سوريات قد بلغ 1174 حالة زواج في عام 2013، وهو رقم عادي مقارنة مع 60 ألف حالة زواج في المملكة، والظروف التي يعيشها الأشقاء السوريون تتطلب منا مساندتهم لا استغلالهم، والحفاظ على أسرهم، وإعطاء الفتاة السورية حقها عند الزواج بها من مهر مناسب ومعاملة حسنة".
ويضيف سرحان: "مشكلتنا الرئيسية في المجتمع الأردني هي ارتفاع المهور وارتفاع تكاليف الزواج، ويوجد لدينا ما يزيد عن 100 ألف فتاة تجاوزت أعمارهن 30 عاماً ولم يتزوجن، وبحسب الدراسات فإن متوسط سن الزواج للذكور يزيد عن 29 عاماً، وللإناث 27 عاماً، ولكن التزاوج بين ثقافات مختلفة مهم، فهو يعمل على تحسين النسل وتوسيع دائرة العلاقات، والزواج من الفتاة السورية يجب أن يكون ضمن القانون، فالمادة رقم 269 من قانون العقوبات الأردني، تنص على السجن من شهر إلى 6 أشهر لكل من أجرى مراسم زاوج بصورة لا تتفق مع أحكام قانون الأحوال الشخصية، وهي الأحكام التي تحدد الثامنة عشرة سنا قانونيا للزواج لكل من الخاطب والمخطوبة".
وتجد الأخصائية الاجتماعية رواند أبو خلف أن اللجوء السوري لم يكن اللجوء الأول في المجتمع الأردني، ولكنه الأكثر انخراطا مع فئات المجتمع المختلفة، مشيرة إلى استضافة الأردن حوالي مليون وأربعمائة ألف لاجئ سوري على أراضيه، وحوالي 630 ألف لاجئ مسجلون في منظمات الأمم المتحدة، وهذا يشكل ما نسبته 20 بالمائة من عدد سكان المملكة الأردنية الهاشمية بحسب التصريحات الرسمية الأخيرة.
وتتابع أبو خلف: "يجب أن تنتبه العائلات الأردنية لتوجه الشاب الأردني إلى الفتاة السورية، وأن يعملوا على تسهيل أمور الزواج، إلى أن تتغير العقلية المجتمعية مع الوقت، فمتوسط المهر لدى العائلات الأردنية يقارب 3 آلاف دينار، والمهر الذي يتضمن الجزء الأكبر منه شراء ذهب بمبلغ كبير وشراء ملابس وغيرها، هذا المهر معظم الشباب غير قادرين على تأمينه، كون الذهب مكلف جداً، وهذه التعقيدات في الزواج ستؤثر على زواج الفتاة الأردنية وتجعل الشاب الأردني يذهب ليس فقط للفتاة السورية، بل لجنسيات أخرى ايضاً، وهنا ستتشكل لدينا مشاكل مجتمعية مع الوقت".