اللون الأحمر يكسو البورصات العربية خلال 2015
سيطر الاتجاه الهابط على البورصات العربية خلال العام 2015، نتيجة حالة الترقب التي عاشها المستثمرون
سيطر الاتجاه الهابط على البورصات العربية خلال العام 2015، نتيجة حالة الترقب التي عاشها المستثمرون المحليون والأجانب على حدٍ سواء، في ظل تقلبات سعر النفط واضطرابات الاقتصاديات العالمية والتوترات التي شهدتها المنطقة.
(العين) رصدت حركة البورصات العربية خلال العام 2015
سوق تداول يطمح في الخروج من دائرة الخسائر
لم يكُن العام 2015، إيجابيًا بالمرة على البورصة السعودية "تداول" - أكبر سوق مالي بالوطن العربي -، حيث فقد المؤشر العام تاسي 17.1% من رصيده لتنهي البورصة السعودية تعاملات العام عند 6911.76 نقطة، نزولًا من مستوى 8333.3 نقطة نهاية العام الماضي.
وقاد قطاع الأسمنت موجة الهبوط بالبورصة السعودية، بعد أن انخفض خلال 2015 بنسبة 33.1%، ثم جاء خلفه قطاع التشييد والبناء بمعدل هبوط 30%.
في حين أنهت بعض القطاعات الاقتصادية بالبورصة السعودية العام على ارتفاع في مقدمتها قطاعي الإعلام والنشر والنقل.
وتعتبر سوق تداول من أكثر الأسواق التي تأثرت سلبًا بانخفاض أسعار النفط خلال العام 2015 والأزمات الاقتصادية العالمية، وهو ما دفع إدارة البورصة السعودية إلى بحث سُبل جديدة لزيادة قيم التداول وإنعاش السوق ومنها تخفيف قواعد الاستثمار الأجنبي المباشر في سوق الأسهم.
وسلط رئيس هيئة السوق المالية السعودية، محمد الجدعان، الضوء أكثر من مرة على أهمية هذه الخطوة، إذ قال، إن البورصة السعودية أصدرت قرارًا في يونيو الماضي يقضي بفتح البورصة السعودية للاستثمار المباشر من قبل المستثمرين الأجانب، ونحنُ الآن نضع أمام نصب أعيُننا هدف الانضمام للمؤشرات العالمية.
وبلغ متوسط قيمة التداول اليومي في سوق تداول حوالي 6.667 مليار ريال خلال العام 2015، في حين سجلت القيمة السوقية للبورصة السعودية نحو 1.560 تريليون ريال.
دبي تفقد مكاسب 8 أشهر
وعلى الرغم من ملاحقة الاتجاه الهابط لمؤشر سوق دبي العام، خلال العام 2015، إلا أنه كان أفضل حالًا، في ظل اقتصار نسبة التراجع على 16.51% بإغلاق المؤشر نهاية جلسة العام عند 3151 نقطة، مقارنة بـ 3774 نهاية العام 2014.
وقد شهد العام 2015 تذبذبًا ملحوظًا لأداء مؤشر سوق دبي، حيث بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له في 20 أبريل عند 4172 نقطة، ونجح في التماسك على مدار 4 أشهر، بدأ في مطلع أغسطس الدخول في رالي الهبوط حتى نهاية العام.
وتزامن هبوط سوق دبي المالي مع سيطرة الاتجاه الهابط على أسعار النفط خلال النصف الثاني من 2015 وانخفاضه دون مستوى 40 دولارًا للبرميل، وسجل رأس المال السوقي لسوق دبي 273 مليار درهم.
ولم تختلف الأهداف الاستراتيجية الجديدة لهيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية لتطوير السوق عن فكر إدارة سوق المال السعودية، فقد صرح الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع عبيد الزعابي أن الهيئة تتبنى مجموعة من الإجراءات الرامية إلى جذب المستثمر الخارجي وهو الهدف الرئيسي للهيئة الآن.
وبحسب الزغابي فإن هذه الإجراءات تشمل التنسيق مع أحد كبار بيوت الخبرة العالمية في مجال الأنظمة المالية لإطلاق منظومة الأسواق الأولية، وتعديل قانون الشركات بهدف تنظيم صناديق الاستثمار وحوكمة الشركات.
وتعزيزًا لهذا التوجه، تم عقد مؤتمر سوق دبي المالي للمستثمرين العالميين في نيويورك بالتنسيق مع بنك أوف أمريكا ميريل لينش في منتصف أكتوبر الماضي، بغرض تسليط الضوء على فرص الاستثمار في 12 شركة مدرجة في كل من سوق دبي المالي وناسداك دبي.
وتستهدف أسواق الإمارات عبر هذه الخطوات استثمار قرار ترقيتها لمؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI.
انخفاض طفيف لسوق أبوظبي
تشابه أداء سوق أبوظبي كثيرًا مع سوق دبي المالي، بإتخاذ مؤشر ADI اتجاه صاعد منذ بداية العام حتى الأسبوع الأخير من شهر فبراير بالارتفاع من مستوى 4529 نقطة إلى 4679 نقطة، ثم الدخول في مرحلة تذبذب لمدة 4 أشهر.
جاء ذلك قبل الارتفاع مجددًا وتسجيل أعلى مستوى للسوق عند 4881 نقطة في في 20 يونيو، ولكن الاتجاه الهابط تمكن من أداء السوق على مدار 5 أشهر ليغلق المؤشر العام عند مستوى 4307 نقطة، مُسجلًا انخفاضًا سنويًّا نسبته 4.89%.
وكان العام الماضي 2014 أفضل حالًا لسوق أبوظبي، والذي نجح حينها المؤشر الرئيسي في تسجيل الصعود السنوي الثالث على التوالي، وتسجيل ارتفاع بمُعدل 5.56% رغم موجة الهبوط التي لحقت بالسوق إثر انخفاض أسعار النفط عالميًّا.
وسجل متوسط قيمة التداول اليومي في سوق أبوظبي نحول 238.3 مليون درهم خلال هذا العام، في حين بلغ رأس المال السوقي 401.7 مليار درهم.
الكويت تستقر في نفق الهبوط
للعام الثاني على التوالي، تُنهي بورصة الكويت تعاملاتها السنوية على تراجع ملحوظ، بفقدان المؤشر السعري للبورصة 14.09% من رصيده ليغلق عند مستوى 5615 نقطة، مقارنة بـ 6536 نقطة نهاية العام 2014.
وشهدت المؤشر السعري للبورصة الكويتية خلال العام الماضي 2014 انخفاضًا بنسبة 13.43%، بعد أن استهل العام عند مستوى 7549.5 نقطة.
والملفت في أداء البورصة الكويتية خلال 2015 هو دخول مؤشرها السعري نفق الهبوط على مدار 11 شهرًا تقريبًا اعتبارًا من شهر فبراير حتى نهاية العام، وبلغ رأس المال السوقي للبورصة 23.4 مليار دينار.
وبحسب خبراء سوق المال، فإن معدلات السيولة انخفضت إلى مستويات لم تشهدها بورصة الكويت منذ 5 سنوات، حيث تدنى متوسط السيولة اليومي إلى 15.84 مليون دينار مقارنة مع 24 مليونًا في 2014.
ويشكل انخفاض حجم السيولة المُعضلة الرئيسية أمام البورصة الكويتية، لذا تعتزم هيئة أسواق المال إطلاق نظام صانع السوق في 2016، خاصةً بعد أن وصلت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في 2015.
ومن جهة أخرى تشهد بورصة الكويت ظاهرة انسحاب الشركات بسبب انخفاض احجام التداول وتراجع أسعار الأسهم بشدة والتغير في المتطلبات القانونية، وذكرت هيئة سوق المال قبل يومين أن إجمالي القيمة السوقية للشركات المنسحبة من البورصة بلغ حوالي 335 مليون دينار، بما نسبته 1.3% من القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة الكويتية.
بورصة قطر تفشل في الاستفادة من ترقيتها
خسرت بورصة قطر الحصة الأكبر من الخسائر الضخمة التي حققها خلال العام 2014 بنحو 18.36%، وذلك بعد أن هبط المؤشر العام في 2015 من 12286 نقطة إلى 10429.4 بنسبة هبوط 15.11%.
وعلى الرغم من توقعات مراقبي سوق المال القطرية في بداية العام أن يواصل المؤشر العام ارتفاعه وجذب المستثمرين الأجانب، مُستفيدًا من ترقية البورصة إلى مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI، غير أنها تعرضت إلى ضغوط بيعية من قبل المؤسسات المالية الأجنبية.
وترجع هذه الضغوط البيعية إلى عدة عوامل داخلية وخارجية، في مقدمتها الانخفاض المُستمر في أسعار النفط، وتراجع السوق أكثر من مرة عند الإعلان عن استقالة جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا والتحقيق معه بتهم فساد يرتبط بعضها بملف استضافة قطر لكأس العالم، فضلًا عن غياب الطروحات و اضطرابات الاقتصاديات العالمية.
وعلى صعيد قيم التداول سجلت بورصة قطر أقل مستوى لها منذ 5 سنوات، فبلغ متوسط قيمة التداول اليومي 292.02 مليون ريال، في حين تراجعت القيمة السوقية للأسهم القطرية إلى 553.7 مليار ريال مقابل 676 مليار ريال بنهاية عام 2014.
هبوط جماعي لمؤشرات بورصة مسقط
للعام الثاني على التوالي، يكسو اللون الأحمر سوق مسقط، فبعد أن فقد مؤشر سوق مسقط 30 نحو 7.14% من رصيده خلال العام2014، انخفض بنسبة 14.77% خلال 2015 هابطًا من مستوى 6343.22 نقطة إلى 5406.22 نقطة.
وسيطر الاتجاه الهابط على جميع المؤشرات القطاعية بسوق مسقط، فتراجع المؤشر المالي بـ 16%، ومؤشر الصناعة بنحو 19.06%، ومؤشر الشريعة 11.48%، فضلًا عن تراجع مؤشر الخدمات بنسبة 12.07%.
وبلغ إجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة بسوق مسقط 7.5 مليار ريال خلال 2015.
وتُفسر التقارير المالية هذا الهبوط، بحالة الترقب التي سيطرت على المستثمرين المحليين والأجانب وانعكست سلبًا على قيم التداول التي بلغت في المتوسط 14.543 مليون ريال، وذلك في ضوء الصراعات التي شهدتها المنطقة، وانخفاض أسعار النفط.
ومن ضمن العوامل الأكثر تأثيرًا، هو ترقب الإجراءات الحكومية لهيكلة الإيرادات والنفقات، وبالفعل أعلنت الحكومة في 30 ديسمبر عن حزمة إجراءات تستهدف استيعاب تداعيات انخفاض أسعار النفط.
وتشمل هذه الإجراءات رفع معدلات الضريبة على أرباح الشركات ومراجعة ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية وتعديل أسعار المنتجات النفطية بما يتوافق مع الأسعار العالمية لتلك المنتجات ابتداء من منتصف يناير 2016.
وجاء هذا الإعلان بعد أن صوّت مجلس الشورى الأسبوع الماضي بالموافقة على زيادة ضريبة الشركات إلى 15% بدلًا من 12%.
البحرين تفقد مكاسب العام الماضي
فشلت سوق البحرين في الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي سجلتها خلال العام 2014 بنحو 14.23%، بعد أن هبط المؤشر العام خلال العام 2015 من مستوى 1426.5 نقطة إلى 1215.9 نقطة بمُعدل تراجع سنوي 14.77%.
وعانت سوق البحرين على غرار غيرها من بورصات الخليج من اضطرابات المنطقة وتراجع عائدات النفط ، وبلغت القيمة السوقية الإجمالية للأسهم 7.206 مليار دينار.
وتستهدف البحرين إجراء تطوير جذري في 2016، عبر إطلاق سوق البحرين الاستثماري، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة أنه سيتم إطلاق هذه السوق في الربع الأول من 2016.
وقال خليفة، إن مميزات سوق البحرين الاستثماري، تتمثل في توفير سوق مخصصة للشركات التي تتطلع للنمو وليس للتخارج، عبر الحصول على تمويلات طويلة الأمد لمشاريع كبيرة على شكل سندات أو صكوك أو طرح أسهم.
عام التناقضات للبورصة المصرية
على الرغم من إغلاق البورصة المصرية العام 2014 على مكاسب تاريخية بارتفاع المؤشر الرئيسي للسوق EGX 30 بنحو 32%، إلا أن العام 2015 كان مُتناقضًا تمامًا في ظل انخفاض المؤشر بنسبة 21.51%، هابطًا من مستوى 8926.5 نقطة إلى 7006 نقطة.
وفقد رأس المال السوقي للأسهم 70.227 مليار جنيه من قيمته، بعد أن هبط من 500.020 مليار جنيه إلى 429.793 مليار جنيه.
ويعلق الدكتور محمد عمران رئيس البورصة المصرية على تراجع مؤشرات السوقية، قائلًا بأنه قلما تشهد السوق تحديات كبيرة ومتعددة بهذا الشكل بدءً من وجود نقص في موارد النقد الأجنبي وانخفاض أسعار العملات وتراجع عائدات السياحة، فضلًا عن وجود تحديات إقليمية إثر انخفاض أسعار البترول واندلاع توترات سياسية وعسكرية بالمنطقة.
ورغم ذلك، يؤكد عمران أن البورصة حققت أداءً إيجابيًا في بعض الجوانب مثل توفير تمويلات بقيمة 14 مليار جنيه للشركات في صورة زيادة رؤوس الأموال، وتسجيل أعلى مستوى لطروحات الشركات منذ 10 سنوات بقيمة قدرها 6.2 مليار جنيه لصالح شركات غذائية وإنشائية وسياحية.
ولعل أبرز التحديات التي واجهت البورصة المصرية خلال 2015 هو وجود أموال مُعلقة للمستثمرين الأجانب نتيجة نقص موارد النقد الأجنبي، ولكن البنك المركزي أعلن في شهر نوفمبر الماضي عن تخصيص موارد كافية لتغطية كافة هذه الأموال المعلقة وتمكين الأجانب من تحويل أرباحهم للخارج.