3 أعوام على هجوم الحوثي الإرهابي.. ملحمة إماراتية تخلد «يوم النخوة»
ملحمة دبلوماسية وسياسية وعسكرية واقتصادية قادتها دولة الإمارات للرد على هجوم الحوثي الإرهابي على منشآت مدنية بالبلاد قبل 3 سنوات.
ملحمة جسدت خلالها دولة الإمارات قيادة وحكومة وجيشا وشعبا ومقيمين، كلٌّ في موقعه، معاني النخوة والمروءة والشهامة والبسالة والشجاعة والولاء والانتماء والوفاء.
كل تلك المعاني والقيم يستذكرها أهل دولة الإمارات والمقيمون فيها اليوم الجمعة الذي يصادف ذكرى 3 أعوام على هجوم الحوثي الإرهابي الآثم على منشآت مدنية بالإمارات.
هجوم أراد من يقف وراءه نشر الخراب والفزع والدمار، إلا أن رد فعل دولة الإمارات الحاسم والحازم والسريع والشامل على مختلف الأصعدة الرسمية والدبلوماسية والعسكرية والشعبية خلّد تلك الذكرى كيوم للنخوة والشجاعة.
وفي مثل هذا اليوم قبل 3 أعوام، وتحديدا في 17 يناير/كانون الثاني 2022، تعرضت منشآت مدنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي لهجوم إرهابي حوثي، أسفر عن وفاة 3 مدنيين من جنسيات آسيوية.
مكانة تتعاظم وإنجازات تتزايد
تحل الذكرى فيما دولة الإمارات اليوم أكثر قوة ونهضة وعزا وازدهارا، حيث تتعاظم مكانتها وتتزايد إنجازاتها في مختلف المجالات، لتؤكد الإمارات عاما تلو الآخر فشل الهجوم الحوثي الإرهابي بشكل ذريع في تحقيق أهدافه في النيل من أمن واستقرار وازدهار الدولة.
كما تأتي الذكرى بعد 3 أيام من نجاح دولة الإمارات في إطلاق القمر الاصطناعي الأكثر تطورا في المنطقة "محمد بن زايد سات" الذي يعتبر نقلة نوعية في مسارها لاستكشاف الفضاء، وإطلاق أكبر وأول مشروع من نوعه على مستوى العالم يجمع بين الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الطاقة في أبوظبي.
أيضا تحل الذكرى فيما يتقاطر قادة العالم على دولة الإمارات للمشاركة في فعالياتها وإجراء مباحثات مع قيادتها لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، الأمر الذي توج، الثلاثاء الماضي، بتوقيع 3 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة بين دولة الإمارات و3 دول من 3 قارات مختلفة هي نيوزيلندا (أوقيانوسيا) وماليزيا (آسيا) وكينيا (أفريقيا).
واستقبلت دولة الإمارات عددًا من قادة العالم خلال الأيام القليلة الماضية، من بينهم إلهام علييف رئيس أذربيجان، وشوكت ميرزيايف رئيس أوزبكستان، وقاسم جومارت توكاييف، رئيس كازاخستان، والدكتور ويليام ساموي روتو رئيس كينيا.
كما استقبلت بول كاغامي رئيس رواندا، وأنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا، وكريستوفر لوكسون رئيس وزراء نيوزيلندا، للمشاركة في فعاليات "أسبوع أبوظبي للاستدامة"، وإجراء مباحثات مع القيادة الإماراتية.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات لتعزيز العلاقات مع قادة أذربيجان وكازاخستان ورواندا،.كل على حدة.
كما أجرى مباحثات مع أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا، وكريستوفر لاكسن رئيس وزراء نيوزيلاندا، وبيتيري أوربو رئيس وزراء فنلندا.
كذلك تحل الذكرى في وقت تواصل فيه الإمارات حراكها المتواصل لدعم أمن واستقرار المنطقة، حيث بدأت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح سفارتها في بيروت، في خطوة على مسار تعزيز العلاقات بين البلدين ودعم استقرار لبنان، بعد انتخاب جوزيف عون رئيسا جديدا للبلاد قبل أسبوع.
خطوات تأتي بالتزامن مع جهود دبلوماسية مستمرة لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لإعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، جنبا إلى جنب مع دعم إنساني متواصل عبر عملية "الفارس الشهم 3" للتخفيف من تداعيات الحرب المتواصلة على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
نشاط دبلوماسي مكثف تمضي عبره دولة الإمارات في ظل قيادتها الرشيدة خلال عام 2025 بثبات نحو دعم الاستقرار والسلم الدوليين وتعزيز التسامح والتعايش الإنساني، والالتزام الراسخ بحل النزاعات بين الدول بالحوار والطرق السلمية.
يأتي ذلك بعد أن اختتمت الإمارات عام 2024، بعقد وساطة في آخر أيام العام لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا تعد العاشرة خلال 2024، تعزز حراكا سياسيا وإنسانيا لدولة الإمارات نحو حل الأزمة الأوكرانية.
وبموجب تلك الوساطة تم إنجاز عملية تبادل أسرى حرب جديدة شملت 300 أسير مناصفة بين الجانبين، ليصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين البلدين في 10 وساطات خلال العام الجاري إلى 2484، وهو رقم يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
جهود ووساطات تأتي في وقت يتواصل فيه التصعيد العسكري الواسع بين الطرفين، الأمر الذي يبرز حجم وأهمية وثقل الدور الذي تقوم به الإمارات، ومدى الثقة والتقدير اللذين تحظى بهما من طرفي الأزمة.
وأسهمت القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في تعزيز مكانة دولة الإمارات ورفعتها، ودعم مركزها وتعزيز حضورها الفاعل عربيًا وإقليميًا وعالميًا، ونجاح جهودها في نشر قيم السلام والتسامح والحوار.
برز ذلك في نجاح دولة الإمارات في تعزيز شراكاتها التنموية والاستراتيجية مع مختلف دول العالم، الأمر الذي توج خلال عام 2024 بتوقيع اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع 9 دول، وإعلان أمريكا، دولة الإمارات "شريكًا دفاعيًا رئيسيًا" لها، لتكون ثاني دولة في العالم تحظى بتلك الشراكة، إضافة إلى الانضمام إلى مجموعة "بريكس".
أيضًا، وضحت تلك المكانة في حرص العديد من قادة العالم على إجراء مباحثات مع القيادة الإماراتية لتعزيز "الشراكة الاستراتيجية" بين بلدانهم ودولة الإمارات، وبحث جهود دعم الأمن والاستقرار الدوليين، وسط حرص متزايد للاستماع لرؤاها والاستفادة من مبادراتها.
إنجازات عززت عبرها دولة الإمارات ريادتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية، يمكن رصدها في مؤشرات عدة:
- تصدرت دولة الإمارات عام 2024، التصنيف العالمي لأقوى جوازات السفر في العالم للعام الرابع على التوالي، وفقاً لمؤشر «باسبورت إندكس» العالمي .
- احتلت دولة الإمارات المرتبة العاشرة في مؤشر القوة الناعمة العالمي 2024 والذي شارك فيه 193 دولة من كافة أرجاء العالم، واحتلت المرتبة التاسعة عالمياً في الأمن والأمان وفق المؤشر نفسه.
- حافظت دولة الإمارات على مسارها التصاعدي في تقارير التنافسية العالمية خلال عام 2024، وحصدت المركز الأول عالمياً في 223 مؤشراً، مقابل 215 مؤشراً في العام 2023.
- جاءت الإمارات ضمن أفضل 5 دول عالمياً في 444 مؤشراً، مقابل 406 مؤشرات في 2023، ومن أفضل 10 دول عالمياً في 661 مؤشراً، مقارنة بـ604 مؤشرات في 2023، و508 مؤشرات في 2022.
إنجازات في مختلف المجالات تعد ردا عمليا على هجوم الحوثي الإرهابي، الذي تمر ذكراه اليوم.
ذكرى يستذكر فيها أهل الإمارات والعالم الملحمة السياسية والدبلوماسية والعسكرية والشعبية التي قامت بها الإمارات للرد على الهجوم.
الرد الدبلوماسي
شنت الدبلوماسية الإماراتية حملة دولية رائدة تُوجت بانتصارات عديدة كان أبرزها:
- إصدار مجلس الأمن الدولي بياناً يوم 22 يناير/كانون الثاني 2022 يدين فيه بالإجماع الهجمات الإرهابية للحوثيين.
- اتخذ مجلس جامعة الدول العربية قرارا بالإجماع في 23 يناير/كانون الثاني 2022 يطالب كافة الدول بضرورة تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية.
- قيام مجلس الأمن الدولي باعتماد قرار في 28 فبراير/شباط بتصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية" للمرة الأولى، وإدراجهم في قائمة عقوبات اليمن، وفرض حظر الأسلحة عليهم.
- إدراج الاتحاد الأوروبي مليشيا الحوثي على القائمة السوداء في مارس/آذار 2022 وفرض عقوبات ضدها.
- لاقى الهجوم الحوثي الإرهابي إدانات عربية ودولية واسعة، وسط تضامن إقليمي وأممي كبير مع دولة الإمارات.
رد عسكري حاسم
على الصعيد العسكري، جاء الرد على الهجوم في نفس الليلة بتوجيه التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ضربات جوية لمعاقل ومعسكرات مليشيات الحوثي بالعاصمة صنعاء، في أعقاب إعلان وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان أصدرته، أن استهداف ميليشيات الحوثي الإرهابية لمناطق ومنشآت مدنية على الأراضي الإماراتية "لن يمر دون عقاب".
ونجحت القوات العسكرية الإماراتية في إحباط هجومين للميلشيات الحوثية الإرهابية يومي 24 و31 يناير/كانون الثاني من نفس الشهر واعتراض وتدمير 3 صواريخ باليستية في الهجومين، والرد بشكل فوري بتدمير منصات إطلاق تلك الصواريخ البالستية باليمن بعد تحديد مواقعها.
وأكدت وزارة الدفاع الإماراتية أنها على أهبة الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أي تهديدات، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الدولة من جميع الاعتداءات.
ومنذ تأسيسها أخذت دولة الإمارات على عاتقها بناء جيش وطني متطور وعصري يمتلك أسباب القوة والمنعة ويستطيع الحفاظ على المكتسبات الوطنية في الداخل والدفاع عن الأشقاء، والمساعدة في تنفيذ أهداف السياسة الخارجية الإماراتية في الخارج، وخاصة فيما يتعلق بتعزيز السلام والاستقرار والأمن والعدل على الساحتين الإقليمية والدولية، باعتبار أن ذلك هو الطريق لتحقيق التنمية والرفاهية لشعوب العالم.
ومرارا أكدت دولة الإمارات، أن رسالتها للعالم كله هي رسالة سلام، لكنها تؤمن دائما بأن امتلاك القوة هو أكبر ضمانة للحفاظ على هذا السلام، لذلك يعد تطوير وتحديث وتقوية القوات المسلحة أولوية أساسية لدى القيادة الإماراتية.
وبحسب تصنيف «غلوبال فايررباور» لأقوى الجيوش في العالم 2025، فقد حلت الإمارات في المركز الخامس عربيا، والمركز الـ54 عالميا.
الرد الشعبي
على الصعيد الشعبي، أطلق الإماراتيون رسالة حازمة عبر مواقع التواصل دشنوها عبر هاشتاغ حمل اسم "ثأرنا ما يبات".
وهاشتاغ "ثأرنا ما يبات" مستلهم من مقولة سابقة للشيخ محمد بن زايد، أكد خلالها الرئيس اليمني -آنذاك- عبدربه منصور هادي، أن دولة الإمارات ماضية قدما في الدفاع عن اليمن والمنطقة حتى يعود الأمن والاستقرار والسلام إلى اليمن.
وحينها، قال: "لقد عودنا أهلنا أن ثأرنا ما يبات ولا ننساه، وأن استشهاد عدد من أبنائنا يزيدنا إصرارا وعزيمة وقوة لتحقيق الأهداف الأمنية والإنسانية في المنطقة".
وأطلق مغردون إماراتيون عدة هاشتاغات رفضا لهجمات الحوثي الإرهابية وتأييدا للرد عليها وتأكيدا على فشلها في تحقيق أهدافها، عبروا خلالها عن جاهزيتهم التامة للدفاع عن الوطن، مؤكدين أن هذا الأمر "واجب مقدس".
ومن أبرز الهاشتاغات التي جرى إطلاقها: "ثأرنا ما يبات، وأبوظبي بخير وأمان، والإمارات خط أحمر، والحوثي جماعة إرهابية".
بدورهم، أطلق المقيمون في الإمارات هاشتاغ: "نفديك بالأرواح يا وطن".. وهي عبارة في النشيد الوطني الإماراتي مثقلة بالمعاني، تحوي الكثير من الدلالات، وتحمل العديد من الرسائل، يدشن خلالها المقيمون والجاليات في دولة الإمارات ملحمة في الوفاء، لبلد زرع عبر قيادته وسياساته وقيمه وشعبه في أرواحهم ونفوسهم أنهم يعيشون في وطنهم، فحصد محبة ووفاء وانتماء واستعدادا تاما للتضحية لفداء ذلك الوطن.
وتعد دولة الإمارات وطنا للإنسانية وواحة للتسامح ونموذجا يحتذى به؛ إذ تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والثقافات يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام، ويضمن القانون الحق للمقيمين في استخدام مرافق الدولة الصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية أسوة بمواطنيها دون أي تمييز.
وعندما تستهدف مليشيات الحوثي الإرهابية منشآت مدنية بها، فإن هذا يعد استهدافا لوطن الإنسانية بكل ما يجسده من قيم ومبادئ التسامح والسلام والأمن والاستقرار، وفق ما يرى مقيمون على ثرى هذا البلد.
لذلك هب كثير من المقيمين بدولة الإمارات للتضامن مع أشقائهم وإخوانهم في هذا البلد، مؤكدين أن الدفاع عنه "فرض مقدس"، معربين عن استعدادهم للتضحية بأرواحهم وأبنائهم وأموالهم فداء لوطن الإنسانية ودفاعا عنها ضد كل معتد أثيم، لأنهم يعتبرونها وطنهم الثاني.
وفاضت مواقع التواصل برسائل التضامن وتغريدات المحبة الصادقة والوفاء من قبل المقيمين في دولة الإمارات.