3 أعوام من حكم هيثم بن طارق.. إنجازات ترسم مستقبلا زاهرا لعُمان
تحل، الأربعاء، الذكرى الثالثة لتولي سلطان عمان، هيثم بن طارق، مقاليد الحكم، في وقت تشهد فيه البلاد إنجازات في مختلف المجالات.
إنجازات ترسم ملامح مستقبل زاهر للسلطنة وتقود لتنمية شاملة في إطار "رؤية 2040"، والتوجيهات السلطانية الساعية لمواجهة التحديات وتعزيز الإنجازات.
ويحتفي العمانيون بهذه المناسبة وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التنموية التي تحققها بلادهم على مختلف الأصعدة.
وتحل الذكرى في وقت تشهد فيه السلطنة تطورات إيجابية تؤكدها لغة الأرقام، حيث تحسن الأداء المالي لميزانية الدولة للسنة المالية 2022؛ محققا فائضا ماليا يقدر بنحو مليار و146 مليون ريال عُماني، حسب أداء النتائج الأولية للميزانية.
وتحسن الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجارية ليصل إلى 44.9 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2022، بمعدل نموّ بلغ 32.4% مقارنة بعام 2021.
كما تأتي تلك الذكرى بعد أيام من إصدار السُّلطان هيثم بن طارق، مرسوما سُلطانيا بالتصديق على الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023، بإيرادات تقدر بنحو 10.05 مليار ريال عماني، وإنفاق متوقع يبلغ 11.35 مليار ريال.
وخصصت الميزانية المعتمدة لعام 2023 حوالي 900 مليون ريال عُماني للمشاريع الإنمائية، فيما تم استحداث بند (مشاريع ذات أثر تنموي) بتخصيص نحو 200 مليون ريال عُماني، وبند دعم منظومة الحماية الاجتماعية بتخصيص نحو 384 مليون ريال عُماني.
وبلغ إجمالي الإنفاق المعتمد في الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023م للقطاعات الاجتماعية والأساسية نحو 4.3 مليار ريال عُماني، أي بنسبة 38 % من إجمالي الإنفاق العام، موزعة على: نسبة 44 % لقطاع التعليم، و22 % للضمان والرعاية الاجتماعية، و12 % لقطاع الإسكان، و22 % لقطاع الصحة.
كما تحل الذكرى بعد أسبوعين من إجراء أول انتخابات بلدية في عهد السلطان هيثم بن طارق لتشكيل 11 مجلسا بلديا في 11 محافظة، أسفرت عن فوز 126 مرشحا من بينهم امرأة من إجمالي 696 مرشحا من بينهم 27 امرأة .
وحملت تلك الانتخابات أهمية خاصة كونها جاءت بعد إصدار عدة مراسيم سلطانية رسمت خارطة طريق لتفعيل دور المجالس البلدية في تنمية مختلف المحافظات، بما يسهم في تحقيق مرتكزات وأهداف رؤية "عُمان 2040".
أيضا تم إجراء انتخابات المجالس البلدية عبر تطبيق "انتخب"، على الهواتف الذكية، في تجربة هي الأولى من نوعها في السلطنة.
أيضا تعد هذه أول انتخابات بلدية يتم إجراؤها بعد زيادة عدد ولايات السلطنة من 61 ولاية إلى 63 ولاية بحسب مرسوم سلطاني في يونيو/حزيران الماضي، تم بموجبه رفع المستوى الإداري إلى كل من نيابتي الجبل الأخضر، وسناو، ليكونا بمستوى ولاية لكل منهما.
توجيهات مهمة
إنجازات ونتائج إيجابية على كافة المستويات، عبر السلطان هيثم بن طارق عنها خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء 3 يناير/كانون الثاني الجاري عن ارتياحه لتحقيقها، مشددا على أهمية مواصلة تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الهادفة إلى استدامة التنمية والحفاظ على المكتسبات الوطنية.
وخلال تلك الجلسة، استعرض أهم المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تحققت خلال العام الماضي 2022، وأسدى توجيهاته لمواصلة تحقيق تلك الإنجازات.
توجيهات تعد خارطة طريق لمختلف جهات الدولة لمواصلة مسيرة الإنجازات، ومن أبرز تلك التوجيهات:
- تعزيز الاستثمار وتنويعه، وتبسيط وتسهيل الإجراءات المتعلقة به، والتصدي للتحديات التي تواجهه.
- توجيه استثمارات جهاز الاستثمار العُماني في المجالات التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتعزز تنويع الهياكل الإنتاجية، بما في ذلك زيادة المحتوى المحلي، وتوفر المزيد من فرص العمل للمواطنين.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة البيئة المناسبة التي تساعد المواطنين على الالتحاق بكافة الأعمال.
- استمرار التطوير والتحديث لرفع مستويات الأداء الحكومي لتحقيق الأهداف والرؤى والتطلعات بما يواكب المتغيرات وينسجم مع الإمكانيات.
- قيام كافة المؤسسات باتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع وتحسين تقييمها، والوقوف على مواطن القوة والضعف لديها وتحديد أفضل السبل لمعالجة التحديات التي تواجهها.
- مواصلة جهود تبسيط إجراءات الخدمات الحكومية لتحقيق رضا المواطن والمقيم وقطاع الأعمال.
- التركيز خلال المرحلة القادمة على تطوير الخدمات البلدية، وتنمية المحافظات حتى تتمكن من القيام بأدوارها المنشودة في عملية البناء والتنمية.
- العمل على ترسيخ المبادئ والقيم العُمانية الأصيلة المستمدة من تعاليم الدين الحنيف، وحث الأسر على الأخذ بأيدي أبنائها وتربيتهم التربية الصالحة.
إجازة لأول مرة.. وعفو
واحتفاءً بتلك المناسبة تشهد السلطنة للمرة الأولى، هذا العام، إجازة رسمية بمناسبة يوم تولّي السُّلطان مقاليد الحكم في البلاد.
وقالت وكالة الأنباء العمانية، إنه بناءً على الأوامر السامية للسُّلطان هيثم بن طارق فقد تقرر أن يكون يوم الخميس 12 يناير/كانون الثاني الجاري إجازة رسمية للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية الأخرى والعاملين في منشآت القطاع الخاص بمناسبة يوم تولّي السُّلطان مقاليد الحكم في البلاد.
كما أصدر السُّلطان هيثم بن طارق عفوا خاصا عن مجموعة من نُزلاء السّجن المُدانين في قضايا مختلفة بتلك المناسبة.
مسيرة حافلة
وتولى هيثم بن طارق بن تيمور آل بوسعيد، 11 يناير/كانون الثاني 2020، مقاليد الحكم سلطانا لعمان خلفًا لابن عمه السلطان قابوس بن سعيد، الذي وافته المنية.
ومنذ توليه الحكم، وضع السلطان هيثم بن طارق أسسا وقواعد للحفاظ على المنجزات التي حققتها النهضة العمانية خلال العقود الخمسة الماضية، والبناء عليها، وصون مكتسبات النهضة لقيادة بلاده لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار واستكمال بناء الدولة الحديثة وتسريع وتيرة الإنجازات.
ففي العام الأول من حكمه أصدر سلسلة مراسيم لإعادة هيكلة مفاصل الدولة وتسريع وتيرة الإنجازات، كان من أبرزها إصداره في أغسطس/آب 2020، 28 مرسوما، أعاد بموجبها هيكلة الكثير من مفاصل الدولة، حيث تضمنت إلغاء قوانين وإعادة هيكلة بعض الوزارات واستحداث أخرى وتغيير مسميات بعضها، ضمن مسارات واضحة، لتحسين الأداء وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية.
كما تضمنت خطة الهيكلة ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدولة وتمكين الشباب لتولي المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار.
وشهد مستهل العام الثاني من حكم السلطان هيثم بن طارق مرسومين تاريخيين أصدرهما في 11 يناير/كانون الثاني 2021 في الذكرى الأولى لاعتلائه العرش، يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة، والآخر بالسلطة التشريعية.
مرسومان تم بموجبهما وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد.
وفي العام الثالث من حكمه، توالت القرارات لتعزيز مسيرة النهضة المتجددة، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في 16 يونيو/حزيران الماضي ليؤكد حرصه على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040.
كما تم إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسته تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز رؤية عُمان 2040 وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.
أيضا كان لافتا حرص السلطان هيثم بن طارق منذ توليه الحكم على الالتقاء بالمواطنين مباشرة ليطلع على احتياجاتهم ومتطلباتهم.
وجرى أول لقاء شعبي مباشر بين السلطان وشعبه منذ توليه مقاليد الحكم في منتصف سبتمبر/أيلول 2020، حيث التقى عددا من شيوخ ولايات محافظة ظفار جنوبي السلطنة، أعقبته لقاءات شعبية عديدة استمع فيها السلطان لأبناء شعبه، وأكد لهم أن الحكومة ماضية قدما في كل ما من شأنه الارتقاء بالمواطن في كافة ربوع الوطن، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي؛ لينعم بحياة أكثر هناء ورخاء.
السياسة الخارجية
على الصعيد الخارجي، حافظت السلطنة في عهد السلطان هيثم بن طارق على ثوابت سياستها الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات.
وكان السلطان هيثم أكد عقب توليه الحكم أن السلطنة ستبقى كما عهدها العالم داعية ومساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلة الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، كما أنها ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين.
وفي هذا الصدد، أجرى السُّلطان هيثم بن طارق زيارة إلى السعودية في 11 يوليو/تموز 2021 هي الأولى له خارجيا منذ توليه مقاليد الحكم، تُوّجت بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العماني.
ولاحقا، أجرى زيارات إلى قطر والمملكة المتحدة وألمانيا، فيما كانت أحدث زياراته إلى البحرين 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتم خلالها توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم هي الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين.
أيضا أجرى عدد من قادة الدول زياراتٍ إلى سلطنة عُمان كان من أبرزها الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات التاريخية للسلطنة 27 و28 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي أجرى خلالها مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق، وتوجت بتوقيع 16 اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
أيضا سبق أن زار السلطنة كل من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود وليِّ العهد السعودي، وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسامية صولوحو حسن رئيسةِ جمهورية تنزانيا والدكتور حسين علي مويني رئيسِ زنجبار، تُوّجت جميعُها بعقد شراكات وتوقيع مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في مجالات عدة أبرزها المجالات الاستثمارية والتجارية.
زيارات ومراسيم وإنجازات شهدتها السلطنة خلال الفترة الماضية، تؤسس لمستقبل واعد، كما تتضمن أطرا ومعايير تسهم في تسريع الخطى لتحقيق "رؤية عٌمان 2040" التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق.
النهوض بالتعليم
وفي إطار سعيه للنهوض بالتعليم، أكّد السُّلطان هيثم بن طارق على الدور المحوري لقطاعي التعليم والتدريب المهني في رفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية الماهرة، حيث وجّه بإعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير هذا القطاع بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني ضمن مخرجات التعليم العام ومواءمة مخرجات التعليم العام (المسار التقني) مع برامج التعليم والتدريب المهني.
ونتيجة لتلك الجهود، فقد حازت سلطنة عُمان المرتبة العاشرة عالميًّا في ركيزة التعليم ضمن نتائج مؤشر الابتكار العالمي 2022 متقدمة بـ34 مرتبة عن العام السابق، وحصلت على المرتبة الـ19 في مؤشر سياسات ممارسة الأعمال.
حماية البيئة
كما أولت سلطنة عُمان اهتمامًا بالغًا بحماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة.
ظهر ذلك جليا في اعتماد السُّلطان هيثم بن طارق عام 2050م موعدًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وإعداد خطة وطنية له، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة بناء على مخرجات مختبر إدارة الكربون، في خطوة مهمّة في تقليل آثار التغير المناخي.
كما تم إصدار المرسوم السُّلطاني رقم (54/ 2022) بإنشاء محمية المتنزه الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم تحقيقًا للتنمية المستدامة في صون الموارد الطبيعية من خلال المحافظة على التنوع الأحيائي وحماية الأحياء الفطرية والثراء الجيولوجي وهي المحمية الأولى في محافظة مسندم والـ 22 في سلطنة عُمان.
ودعمًا لحلول الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة اُفتتح مشروع عبري للطاقة الشمسية في يناير/كانون الثاني الماضي كأول محطة لتوليد الطاقة الشمسية تُربط بشبكة الكهرباء الرئيسة بهدف تنويع مصادر الطاقة المتجددة وتعظيم إسهام مشروعات الطاقة النظيفة ودعم الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمار.
جهود في مختلف المجالات تكللت بتمكن السلطنة خلال هذا العام من سداد جزء من المديونية العامة؛ ما أسهم في خفض إجمالي حجم الدَّيْن العام من 20.8 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2021م إلى 17.7 مليار ريال عُماني في عام 2022م.
وأثّر استمرار تنفيذ إجراءات ضبط الأوضاع المالية في رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان مع تعديل النظرة المستقبلية لها من قبل وكالات التصنيف الائتمانية الدولية خلال عام 2022م.
ويحتفل العمانيون بالذكرى الثالثة لتولي سلطان عمان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في وقت تمضي فيه بلادهم قدما لتنفيذ الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، وسط تفاؤل بمستقبل زاهر لبلادهم تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق.