ما الفرق بين العملات الرقمية والمشفرة؟.. 4 اختلافات جوهرية
يتوجه العالم بقوة نحو استخدام العملات المشفرة والرقمية في التعاملات اليومية بعد أن باتت سوقا قوية تنافس نظيرتها الورقية.
وتتردد تساؤلات عن هوية الاختلاف بين العملات المشفرة والعملات الرقمية.. هل هما متماثلتان أم هناك أوجه خلاف؟
بشكل واضح هناك نقاط مهمة تجمع العملتين، أهمهما على الإطلاق استخدام تقنية البلوك تشين، التي تشترط الوصول لهذه العملات عبر أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة فقط، لأنها موجودة فقط في شكل إلكتروني.
وعلى الجانب الآخر، هناك اختلافات جوهرية بين هاتين العملتين، تتعلق بطريقة الإصدار والتداول والمخاطر وأوجه الاستخدام.
1- جهة الإصدار
العملات المشفرة هي أحد أوجه العملات الرقمية والتي ظهرت في أسواق المال منذ قرابة 10 سنوات، وبرزت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بقوة، ومن أبرز نماذجها بيتكوين، وإيثريم، وبينانس كوين، وكاردانو، ودوج كوين.
هذه العملات غير خاضعة للتنظيم من جهة رسمية فهي لا تصدر بواسطة البنوك المركزية مثل غيرها من العملات.
بل يتم الحصول عليها عبر ما يعرف بآلية التعدين التي تعتمد على حل معادلات محاسبية معقدة من قبل أجهزة كمبيوتر متطورة وتستخدم أيضا لإدارة إنشاء وحدات العملة الجديدة والتحكم بها.
هذه العملية تتضمن التحقق من صحة البيانات وإضافة سجلات المعاملات إلى السجل العام باستخدام البلوك تشين.
على الجهة الأخرى، فإن العملات الرقمية يتم إصدارها من جانب البنوك المركزية وتخضع لتنظيم الدول وفقا لسياستها النقدية والاتساق مع السياسات المالية، وتسمى العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC).
وفي إطار التنظيم المركزي فيكون للعملة الرقمية سجلا إلكترونيا لتمثيل الشكل الافتراضي للعملة الورقية للدولة، وتكون على غرار العملات الورقية التي تحمل رقما تسلسليا مميزا، لمنع تزويرها أو إتاحة إمكانية تتبعها.
المحدودية
يرصد ألبرتو مونيوز كابانيس ، الأستاذ في قسم الاقتصاد التطبيقي و الإحصاء في الجامعة الوطنية للتعليم عن بعد (UNED)، أحد أبرز الاختلافات هي الكمية التي يمكن إصدارها.
يشير كابانيس في مذكرة نشرها بنك "BBVA" الإسباني إلى أن العملات الرقمية يمكن أن تصدرها البنوك المركزية بلا حدود وفقا لمعطيات الأداء الاقتصادي لكل دولة.
ويضيف "في حين أن العملات المشفرة تكون التكلفة النقدية لها محددة مسبقا، فعلى سبيل المثال لن يتجاوز إصدار البيتكوين 21 مليون وحدة".
ويقترب إجمالي قيمة العملات المشفرة في العالم والتي يتجاوز عددها 5300 عملة من نحو تريليوني دولار.
المخاطر
تظهر تداولات العملات المشفرة أنها حادة التذبذب ما بين الارتفاع والهبوط بنطاق كبير خلال مدة زمنية قصيرة، وذلك نظرا لاعتمادها على السعر الذي يحدده العرض والطلب فقط وغير مدعومة من جهات حكومية رسمية وهو ما يعكس مستوى مخاطر مرتفع، بحسب ما تقول ناتاليا إسبانيول ، الخبيرة الاقتصادية في BBVA.
وتشير إسبانيول إلى أن العملات الرقمية لن تخضع للأمر ذاته لكون سعرها يرتبط بالأداء الاقتصادي والسياسي للدول، وتخضع لما يعرف بالعطاء القانوني أي أنها الوسيلة المعترف بها لتسوية الدين العام أو الخاص أو الوفاء بالتزام مالي على عكس العملات المشفرة المحظور التعامل في العديد من دول العالم.
مشروعية الأنشطة
تواجه العملات المشفرة عدة انتقادات ترتبط بسهولة استخدامها في أنشطة غير قانونية مثل تجارة المواد المخدرة وغسيل الأموال واختراق العقوبات الدولية، إلى جانب ضعف البنية التحتية.
ولكونها لا تصدر من قبل أي سلطة مركزية يعتبرها البعض محصنة ضد تدخل الحكومة أو التلاعب بها، ويتعامل بها البعض الآخر كأداة تحوط ضد التضخم.
في حين، أن العملات الرقمية التي تخضع لتسلسل مميز ورقابة مركزية يمكن تتبع أنشطة توظيفها، ورصد المعاملات غير المشروعة.
وبشكل عام حدد بنك التسويات الدولية (BIS) حزمة خصائص لعملات البنوك المركزية الرقمية، تشمل أن يكون المبلغ المحول هو القيمة التي يتم الحصول عليها عند الاستلام، وقبولها وإتاحتها لجميع أنواع المعاملات عبر الإنترنت وغير المتصلة بالإنترنت على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وأن تكون تكلفتها منخفضة وتقريبا صفرية في لحظات الإنشاء والتوزيع النهائي للمال، مع وجود نظام آمن ومرن في جميع الأوقات ضد الهجمات الإلكترونية المحتملة أو فشل النظام أو الاضطرابات.
ومن ضمن خصائص العملات الرقمية أن تكون قابلة للتشغيل بين الأنظمة المصرفية المختلفة، مع كونها قوية وقانونية بفضل دعم البنك المركزي.
قطار العملات الرقمية المركزية ينطلق
بدأت عدة بنوك مركزية بدأت تهيئة الأسواق لاستقبال عملات مشفرة رسمية مضمونة مركزيا، من أجل عدم ترك الساحة للعملات المشفرة الصادرة عن الشركات والمؤسسات الخاصة.
وتعد كمبوديا الدولة الصغيرة الواقعة جنوب شرق آسيا هي أول من قاد العالم في إطلاق العملاق الرقمية، تحت اسم "باكونج".
وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي أعلنت الصين عن إطلاق عملة رقمية مدعومة بتقنية البلوك تشين، مع خطة طموحة لتوسيع استخدام اليوان الرقمي وخفض كمية العملة المادية المتاحة في السوق.
قال بنك الشعب (البنك المركزي) الصيني، في أوائل هذا الشهر إنه يختبر إمكانية استخدام اليوان الرقمي للمدفوعات عبر الحدود، وتم تجريب اليوان الرقمي منذ العام الماضي في عدة مدن في الصين.
وهناك اقتصادات كبرى مثل الهند وباكستان تستعد لاستكشاف خطوة مماثلة، وبدأ بنك اليابان المركزي تجارب لدراسة جدوى إصدار عملته الرقمية الخاصة.
فيما أعلنت السلطات البريطانية عن احتمالية إصدارها عملة رقمية جديدة، وقال وزير الخزانة البريطاني، ريشي سوناك، إنها قد تسمى “بريتكوين”.
وأكد بنك إنجلترا أن العملة الجديدة، إذا تم تمريرها، ستكون شكلا جديدا من النقود الرقمية لتستخدمها الأسر والشركات جنبًا إلى جنب مع الودائع النقدية والمصرفية، بدلا من استبدالها.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، دعا وزير المالية الألماني أولاف شولتز لإطلاق عملة رقمية أوروبية مشتركة، وأن ألمانيا ستدعم بشكل بناء العمل الذي يقوم به البنك المركزي الأوروبي بهدف إنشاء عملة يورو رقمية.
وشدد على أن أوروبا تحتاج إلى حلول مبتكرة وتنافسية لعمليات الدفع.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إن الفيدرالي يدرس إصدار دولار رقمي، مؤكدا أن هذا المشروع يعتبر من الأولويات بالنسبة للفيدرالي، لكنه بنفس الوقت لا يريد العجلة في المشروع بل سيكون حذرا.
وكانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قالت سابقا إن العملات الرقمية قد تؤدي إلى مدفوعات أسرع وأرخص، ولكن هناك مسائل كثيرة لابد من دراستها، بينها حماية المستهلك وغسل الأموال.