محللون تعليقا على خطب أوباما: أمريكا بلد قوي لكنه ليس عظيمًا
لفتوا إلى أن واشنطن مهددة بالتراجع
كلام الرئيس أوباما، في خطابه الأخير حول حالة الاتحاد، أوجد توافقا بين المحللين على أن أمريكا ما تزال البلد الأقوى لكنها تواجه صعوبات
لم يُحدِث كلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في خطابه الأخير حول حالة الاتحاد، انقساماً حادًّا في آراء معلقين وكتاب سياسيين استطلع آراءهم موقع "العين"، حيث وافق بعضُهم الرئيسَ الأمريكي، الذي تنتهي ولايته العام المقبل، اعتقاده بأن الولايات المتحدة هي "الأقوى في العالم" وأنّ المتشددين لا يشكلون "خطراً وجوديًّا" على البلد، غير أنهم لفتوا إلى أن الولايات المتحدة مهددة –كغيرها من القوى العظمى تاريخيا بالتراجع- بل ورأى البعض أنها بلد قوي ولكنه "ليس عظيما".
وكان أوباما الذي أقرّ قائلا: "إننا نعيش في زمن يشهد تغييرات استثنائية"، قد طمأن مواطنيه مذكّراً إياهم بأنّ أمريكا شهدت في الماضي تغيّرات كبرى، من حروب، وكساد اقتصادي، وتدفق مهاجرين، ونضال من أجل الحقوق المدنية.
ويعترف المحلل السياسي المقيم في لندن، محمد مشارقة، في رده على سؤال "العين": "نعم أمريكا ما زالت أقوى أمة في العالم"، موضحاً: "لست في وارد تظهير الأرقام والبيانات الخاصة بالاقتصاد الأمريكي، أو موازنات الأبحاث العلمية في الجامعات، ولا نوعية ومصادر العقول والمهارات والكفاءات التي تُستقطب في أمريكا سنويًّا، ولن آتِ على التنوع في الأعراق والأجناس والقوميات الذي بات سمة وعلامة لعظمة أمريكا وقوتها" لكنني أعرب عن دهشتي من قيام "فلسطينيي أمريكا" بالتعريف عن أنفسهم بأنهم "أمريكيون أولاً، رغم أهمية توكيد هويتهم الوطنية المعرّضة للتغييب والتذويب والإلغاء".
ولئن كانت الكاتبة في صحيفة "الواشنطن بوست" ياسمين بحراني تؤكد، في تصريحها لـ"العين" قوة أمريكا ومتانة اقتصادها، لكنها- وهي التي تحمل الجنسية الأمريكية - تقرّ بأن بلادها ليست "عظيمة" كما صوّرها أوباما في خطاب الاتحاد، وتدلل على رأيها بأنه "لو كانت قوية جدًّا لتخلصت من العصابات التي تخرّب البلد بالمخدرات".
وتعترف بحراني بأنّ "التخلص من تنظيم داعش ليس بالمهمة السهلة لأي رئيس"، منتقدة تصريح الرئيس أوباما العام الماضي بأن "داعش عبارة عن فتيان مراهقين يلهون بكرة قدم. لكنّ هؤلاء الفتيان المراهقين احتلوا الموصل بعد أشهر قليلة على تصريح أوباما" الذي قال في خطابه الأخير الثلاثاء: إنّ "القاعدة" و"داعش" مصيرهما "الفناء"، وإنّ "الخطر الذي يمثلانه ليس وجوديًّا، لكن يجب اقتلاعهما".
وتضيف بحراني: "من الواضح أنّ مستشاري أوباما لم يفهموا وزن داعش وتأثيرها وقدراتها، وقللوا من تهديداتها، وهذا خلل في الاستراتيجية الاستخباراتية للولايات المتحدة يمكنه أن يبعث على الشك بأنها أمة قوية".
وأشار الرئيس الأمريكي في خطاب الاتحاد إلى أنّ "جموعاً من المقاتلين المتمركزين فوق شاحنات صغيرة وأشخاصاً نفوسهم معذبة يتآمرون في شقق أو مرائب سيارات، يشكلون خطراً هائلاً على المدنيين، وعلينا وقفهم" داعياً الكونغرس إلى الموافقة على استخدام القوة العسكرية ضد داعش.
ويشاطر بحراني في رأيها الكاتبُ الصحفي ماهر أبو طير الذي قال لـ"العين": إن "أمريكا قوية حتى إشعار آخر" موضحاً بأن الولايات المتحدة مازالت أقوى أمة، "لكنها أيضاً مهددة مثل كل القوى العظمى التي عبرت التاريخ"، بيْد أنه يستدرك قائلا: "قوة أمريكا هنا غير مطلقة، بل مقيدة باشتراطات سياسية وعسكرية واقتصادية وأخلاقية، وهي اشتراطات متوفرة حالياً لكنها من باب المطابقة مع قوى عظمى قديمة، مؤهلة لفقدانها بشكل طبيعي".
وتتكرر في أدبيات الجماعات الأيديولوجية عبارات "التبشير" بقرب انهيار الولايات المتحدة، وتداعي اقتصادها، وهزيمة جيوشها، وتآكل مؤسساتها، لكن ذلك، في نظر مشارقة، لا يعدو أن يكون "إرادوية رغائبية" تكشف عن "النزعة الأبدية عند الإسلاميين واليساريين العرب في التبشير الدائم بقرب انتهاء دولة الشيطان الأكبر وموطن الإمبريالية الأول"، ويرى أن هذه التصورات تعبّر عن "قراءة مسطحة للتاريخ وصعود الإمبراطوريات واندثارها، أو لانحرافات جوهرها الأخلاقي والقيمي".
ويكرر: "اليسار العربي الشيوعي والقومي منذ وصول ملخصات ترجمات ستالين في المادية التاريخية إلى يومنا معزوفة وصول الرأسمالية إلى مرحلتها النهائية، وهي الإمبريالية والاحتكارية، ما يعكس أفكاراً لا تتبدل، ولا صلة لها بالواقع ومجريات التاريخ".
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xMTUg جزيرة ام اند امز