ميسي يدين بكراته الذهبية لفلسفة "الاندفاع من الخلف"
بنية ميسي الجسدية لا تسمح له باللعب كمهاجم صريح، كما أن طريقة لعبه لا تشبه الأجنحة التقليدية
لا يختلف اثنان على الموهبة الكبيرة والإبداع الفردي الرائع الذي يمتلكه الأرجنتيني ليو ميسي الفائز بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم قبل أيام للمرة الخامسة في تاريخه، محققًا رقمًا قياسيًّا يصعب تكراره.
لكن الإعجاب بمهارات ميسي لا تغني عن مناقشة التكتيكات التي أفسحت المجال أمامه لاستعراض مهاراته الفردية، بدليل أنه غاب عن التألق في مناسبات مختلفة عندما لم يجد التكتيك المناسب الذي يوظف إمكانياته بشكل جيد.
أكثر طريقة لعب تناسب أداء ميسي هي 4-3-2-1 بوجوده مع لاعب ثانٍ خلف رأس حربة صريح؛ حيث تتيح له التنقل بحرية في الثلث الهجومي دون التقيد بواجبات مركز معين، والاندفاع من الخلف نحو مرمى الفريق المنافس، مستغلا ميزتي السرعة والمهارة العالية في الاحتفاظ بالكرة بين قدميه.
لذلك لم يوفق عندما حاول تاتا مارتينو ولويس انريكي في بداية عمله مع البارسا إلزامه باللعب كجناح، وفقا للخطة التي حاولا الاعتماد عليها وهي 4-3-3.
كما أن نجاح البرغوث يتوقف على فعالية لاعبي الوسط في توفير ميزتين مهمتين له؛ الأولى هي تبادل الكرات معه في مساحات صغيرة بسرعة وإتقان، وهي المهمة التي قام بها طوال السنوات الماضية تشافي وانييستا، وحل الكرواتي راكيتيتش محل الأول في الموسمين الماضي والحالي، مثلما أضيف إليهما نيمار.
أما الميزة الثانية فهي قدرة لاعبي الوسط على استخلاص الكرة من لاعبي الفريق المنافس مبكرًا، وتحديدًا في منطقة وسط الملعب وتسليمها للبرغوث الأرجنتيني لكي يبدأ ألعابه السحرية قبل أن يعود منافسوه للتمركز الدفاعي.
كذلك فإن بنية ميسي الجسدية لا تسمح له باللعب كمهاجم صريح؛ لأنه سيخسر ببساطة أي صراع بدني مع المدافعين، كما أن طريقة لعبه لا تشبه الأجنحة التقليدية؛ حيث يجيد لعب الكرة وتناقلها على الأرض وليس رفع الكرات العرضية من جانب الملعب داخل المنطقة.
بداية ميسي مع المدرب الحالي لويس إنريكي، عند توليه مهام عمله قبل بداية الموسم الماضي لم تكن جيدة، وظهر البرغوث الأرجنتيني بعيدًا عن مستواه لدرجة دفعت انريكي لعدم الدفع به من البداية في عدة مباريات، وتردد وقتها قرب النجم القصير من الرحيل عن البارسا.
المشكلة التي أثرت على مستوى ميسي سلبًا في تلك الفترة تلخص ما قلناه سابقًا عن أسباب تألقه من عدمه، فقد تذاكى انريكي وحاول تعديل مركز ميسي ليكون جناحًا ثابتًا مثلما كان عندما بدأ اللعب أساسيًّا عام 2005، ومثلما كان في جزء من فترة قيادة تاتا مارتينو، أما السبب الثاني فهو كثرة تبديلات انريكي في لاعبي خط الوسط.
ونسى المدرب أن ميسي وبرشلونة كله أخفق بشكل مؤسف نتيجة تكتيك مارتينو، كما أنه عندما نبغ في مركز الجناح في بداياته لم يكن النجم الأول للفريق وإنما ناشئ يبحث عن صنع اسم وسط العمالقة من أمثال رونالدينيو وتشافي وايتو وديكو وفان بومل ولارسون.
كذلك أدت كثرة تجريب اللاعبين في خط الوسط لإفقاد ميسي ميزتين مؤثرتين بقوة على عطائه في أي مباراة، الأولى هي التفاهم بينه وبين لاعبي الوسط في نقل الكرة بينهم بسرعة، والثاني عدم قيام لاعبي الوسط مثل سيرجيو روبرتو ورافينيا بدورهما في قطع الكرات من الفريق المنافس في وسط الملعب وتسليمها بسرعة لميسي حتى يبدأ الهجمة قبل أن يعود لاعبو الفريق المنافس لمراكزهم الدفاعية.
وعندما عاد انريكي لعقله أو أجبر على ذلك بإعطاء ميسي حرية مطلقة في الملعب والعودة إلى منطقة الوسط، وفي الوقت نفسه قام بتثبيت التشكيل بعدما استقر على راكيتيتش بجوار بوسكتس وانييستا، عاد ميسي للتألق وعاد البارسا لحصد البطولات.