مئات القتلى والجرحى يسقطون بسبب الألغام التي زرعتها وتزرعها مليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن
مئات القتلى والجرحى يسقطون تباعًا، بسبب الألغام التي زرعها وتزرعها مليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح في المحافظات اليمنية.. عشرات الآلاف من الألغام تحول حياة الناس إلى جحيم قاتل، لا يسهل الخروج منه.
قصص مؤلمة وحكايات يومية يرويها الناس؛ تكشف بشاعة أفعال قوى التمرد الانقلابية، وما تحمله من رغبة بانتقام ضد المدنيين الأبرياء، من دون أن تميز بين كبير وصغير، ذكر أو أنثى".
"همجية ميليشيا الحوثي وقوات صالح المتمثلة بزراعة عشرات الآلاف من الألغام أمر غير مقبول ولا يمكن وصفه".. يقول مسؤول في برنامج مكافحة الألغام لـ "العين"، مضيفًا: "ما يفعلونه ليس إلا وسيلة غدر جبانة، وانتقام المهزومين في ساحات المعارك".
ويؤكد المسؤول أن المتمردين "زرعوا آلاف الألغام في محيط عدن ولحج وأبين وتعز ومأرب والضالع، وكل الأماكن التي سيطروا عليها".
ضحاياها من المدنيين
قصص ضحايا الألغام تكاد تُسمع في كل بيت، ودموع الأمهات تذرف كل يوم.. لن تنسى أم سامح (15 سنة) يوم ألحت عليه للخروج لشراء عبوة غاز، استجاب سامح لطلب الأم وخرج على دراجته النارية، وكان الموت ينتظره بالشارع الترابي المجاور لمعهد مدين المهني بصبر لحج.
ما إن مر الطفل فوق أحد الألغام حتى انفجر وحوله إلى أشلاء، كانت هذه الحادثة الأولى التي تقع في المنطقة بعد خروج الحوثيين بـ17يوليو/تموز من عدن.
وعلى مقربة من منطقة صبر شمال عدن؛ انفجر لغم أرضي مضاد للعربات بسيارة أحد أبناء يافع، بينما كان برفقتة عائلته ذاهباً لزيارة أحد الأقارب بمنطقة الوهط، مما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متن السيارة.
الألغام تنتشر بجنبات الشوارع الرئيسية كـ (خط العلم والعريش وخط تعز عدن وصبر وباب المندب)؛ وحتى المناطق المأهولة بالسكان لم تسلم من الموت كـ(جعولة واللحوم والمدينة الخضراء ومصعبين والعريش وحي النصر والممدارة والمطار والمعاشيق.
أكثر من ألف قتيل وجريح
تشير آخر الإحصائيات لدى شعبة الهندسة لنزع الألغام إلى أن عدد ضحايا الألغام وصل إلى 150 قتيلا وأكثر من ألف مصاب، تتراوح درجة إصابتهم ما بين بتر للأطراف أو ارتجاج في المخ.
ويؤكد أحد ضباط معسكر شعبة الهندسة العسكرية لنزع الألغام بعدن لـ"العين"؛ "أن الألغام المزروعة بمحافظات لحج وأبين وعدن وتعز أكثر خطراً على حياة الناس؛ كونها تعمل على حصد الأرواح بطريقة مستمرة على المدى الطويل".
ويقول العقيد عادل سعيد حديثه لـ"بوابة العين الإخبارية" :"نحن ممتنون بالاهتمام الذي توليه الدولة ممثلة بالرئيس هادي، ودعم دول التحالف العربي، واستشعارها لهذه الخطر الكبير، وقيامها بتشكيل عشر فرق متخصصة لنزع الألغام، وتطهير المناطق منها " لكننا بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام في هذا الجانب، حتى تستطيع الفرق المتخصصة تحقيق نجاحات ترقى إلى تجنيب المواطنين المدنيين هذه الكارثة التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق الأبرياء، وتقدر بعشرات الآلاف من الألغام المزروعة.
مئة ألف لغم في الطرقات
وزرعت جماعة الحوثي عقب اجتياحها لعدن بـ 25مارس/آذار الماضي ألغامًا مضادة للأفراد وللآليات؛ فزرعت ألغام الراجلين، والذي يتراوح وزن اللغم ما بين 8 و 12 كيلوغرام لمسافة خمسة أمتار يُزرع 5 إلى 10 ألغام؛ فيما تزرع ألغام الآليات الثقيلة والذي يزيد وزن اللغم الواحد عن 150 كيلو غرام، ويزرع لغم واحد لمسافة 2.5 متر.
ويقدر مجمل ما زرعه الحوثيون من الألغام بمئة ألف لغم "أفراد وآليات"، حيث تم نزع ما يقارب من عشرة آلاف لغم مضاد للدبابات، وألف لغم مضاد للأفراد، حسب تقدير مدير التخطيط والتدريب في مركز التدريب الوطني لمكافحة الألغام بعدن.
عمل إنساني
"إن عملية نزع الألغام هي أكبر عمل إنساني نقوم به".. هكذا يجيبنا ضباط وأفراد المركز التنفيذي لمكافحة الألغام بدار سعد أثناء تجوالنا بأروقة المعسكر..
وأثناء زيارتنا لمستشفيات عدن المختلفة بحثًا عن جرحى الألغام؛ يرد علينا الدكتور عبدالله سالم بقوله: "إن جرحى الألغام سرعان ما تعطى لهم الأدوية العاجلة ليعودوا إلى بيوتهم معاقين بفعل الأبتار الناتجة عن تفجير الألغام.
ويشير نائب مدير إدارة مستشفى الوالي بالمنصورة لـ "العين الإخباري"؛ إلى "أننا تلقينا مئات من حالات الإصابة بالألغام وأغلبهم في فترة ما بعد الحرب".
فيما تؤكد إدارة مستشفى النقيب بالمنصورة إلى أن مجمل الجرحى الذين دخلوا المستشفى قرابة ألف جريح خلال فترة الحرب وما بعدها.
مأرب: 98 قتيلا ومصابًا، وتلف المحاصيل الزراعية
تسجل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح كل يوم صفحة دموية جديدة في كتاب الإجرام.. ضحايا القتلة مدنيون رفضوا الانصياع للانقلاب، وانحازوا إلى خيارات الوطن.
من لم يُقتل برصاص الحوثيين قبل خروجهم مهزومين من منطقته في جنوب محافظة مأرب يموت بانفجار ألغامهم التي يزرعونها، لتكون وريثهم في إكمال مسيرة الموت، وحصد أرواح النازحين العائدين إلى منازلهم بعد فرارهم من جحيم الموت الأول عند احتلال مناطقهم.
في الخامس من أكتوبر الماضي؛ أعلنت قوات التحالف والسلطة المحلية في مأرب تحرير المحافظة، لكن مليشيا الانقلاب غادرت مأرب، وتركت خلفها آلاف الألغام لتتولى مهمة القتل التي تنتهجها الجماعة المجرمة.
ويقدّر مدير مكتب الصحة في المحافظة الدكتور عبدالعزيز الشدادي في اتصال مع " العين" عددَ المدنيين الذين قتلوا جراء انفجارات الألغام بنحو 40 شخصًا، و58 مصابًا بجراح بعضها بالغة الخطورة.
ولم تتوقف مآسي الألغام عند الإنسان فقط، بل تعدتها لتلحق أضرارًا بالمزارع التي فقدت 60 في المئة من محاصيلها بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون في المزارع، بمسافات متفاوتة على مساحات لا تتجاوز 150 متراً مربعاً.
وأكد وكيل المحافظة عبدربه مفتاح أن المحصول الصيفي تأثر كثيراً من جراء المعارك مع الحوثيين الجبناء الذين غرسوا الألغام في كل مكان.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA==
جزيرة ام اند امز