توحيد القوات المسلحة الإماراتية.. تاريخ فريد وحاضر رائد ومستقبل واعد
تحل، غدا الإثنين، الذكرى الـ48 لتوحيد القوات المسلحة الإماراتية في وقت تواصل فيه الإمارات والمنطقة والعالم جني ثمار ذلك القرار التاريخي.
ففي مثل هذا اليوم، قبل 48 عاما، وبالتحديد في السادس من مايو/أيار 1976 أقر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد القرار التاريخي بتوحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة مركزية واحدة، تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة.
قرار أثبتت السنوات والحقائق والوقائع إنه لم يكن مجرد خطوة تنظيمية، بل كان تأسيساً لنهج وطني يقوم على رؤية حكيمة واستراتيجية بعيدة المدى، ساهمت في توطيد دعائم الاتحاد وتعزيز مسيرته، وتوطيد أركانه وتعزيز استقراره وأمنه وازدهاره.
قرار شكل نقطة الانطلاق نحو بناء جيش وطني متطور وعصري، يصنف حاليا من بين الأقوى في المنطقة والعالم، يمتلك أسباب القوة والمنعة، التي تعززت على مدار 48 عاما عبر التطوير والتحديث والتأهيل على أرفع المستويات، الذي يتواصل بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
أيضا كان هذا القرار التاريخي حجر الزاوية في بناء دولة قوية ومتحدة، قادرة على حماية أمنها واستقرارها وضمان مستقبل مشرق لأبنائها.
وأثبتت القوات المسلحة الإماراتية منذ توحيدها وعلى مدار العقود المتعاقبة قدرتها على تحقيق الاستقرار الوطني والجاهزية المستمرة للدفاع عن سيادة البلاد ومصالحها ومكتسباتها الوطنية، ومواجهة التحديات الجيوسياسية، وردع كل من تسول له نفسه تهديد أمن واستقرار الإمارات، حتى أضحت دار زايد ومدنها تصنف الأكثر أمانا في العالم، بشهادات دولية.
إنجاز أسهم في تعزيز مسيرة التنمية التي تجني الإمارات ثمارها حتى اليوم، ووضع أسس وقواعد مستقبل واعد، يستهدف أن تكون الإمارات أفضل دول العالم مع حلول ذكرى مئوية تأسيسها عام 2071.
أيضا ساعد هذا القرار التاريخي الإمارات في تنفيذ أهداف سياستها الخارجية الداعمة للأمن والاستقرار والسلام.
ويسجل التاريخ بحروف من نور للإمارات وجيشها جهودا متواصلة حتى اليوم في مختلف أرجاء العالم لتعزيز الجهود الإنسانية ونشر السلام ودعم الاستقرار والأمن والعدل على الساحتين الإقليمية والدولية.
أهمية خاصة
على الصعيد الإماراتي، تحل تلك الذكرى فيما تتوالى شهادات وتقارير دولية من مؤسسات مرموقة حول العالم تتفق جميعها على أن دولة الإمارات أكثر بلدان العالم في مؤشرات الأمان، وأن جيشها من أقوى جيوش المنطقة والعالم.
وتحل تلك المناسبة في وقت تحافظ فيه دولة الإمارات على مكانتها كواحة عالمية للأمن والاستقرار، حيث نجحت مدنها في حجز موقعها ضمن المدن العشر الأكثر أماناً في العالم وفقاً لمؤشر أمن المدن الصادر من موقع "نومبيو" المتخصص.
وأظهر المؤشر، أن مدينة أبوظبي جاءت في المرتبة الأولى عالمياً في العام 2024 لتحافظ على صدارتها لهذا التصنيف للعام الثامن على التوالي منذ 2017، فيما حجزت دبي المرتبة الرابعة عالمياً.
أيضا عززت الإمارات موقعها بين أقوى جيوش العالم بحسب الترتيب الصادر عن موقع "غلوبال فاير باور" فبراير/شباط الماضي، لتتقدم من المرتبة 56 التي كانت تحتلها عام 2023، إلى المرتبة 51 في عام 2024، فيما حافظت على ترتيبها إقليميا كخامس أقوى الجيوش العربية.
تقارير وشهادات دولية تجسد جهود تطوير القوات المسلحة الإماراتية التي بدأها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويواصلها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي حققت القوات المسلحة بتوجيهاته نقلة نوعية كبيرة.
نقلة نوعية كبيرة شهدتها القوات المسلحة كماً وكيفاً في جميع أفرعها البرية والبحرية والجوية كانت نتيجة خطط ودراسات متأنية ونتيجة دعم واهتمام متواصلين من القادة وإحساساً بأهمية دور القوات المسلحة كإحدى ركائز الدولة العصرية.
وطوال العقود الماضية، واكبت القوات المسلحة الإماراتية متطلبات التطوير والتنظيم والإعداد والتدريب للعنصر البشري، حيث أسست دولة الإمارات العديد من الأكاديميات والكليات العسكرية لتلبية احتياجات القوات المسلحة من الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة تأهيلاً علمياً، وعسكرياً مناسباً.
أيضا وظفت علاقاتها وثقلها الإقليمي والدولي في إجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة، لتبادل الخبرات وصقل المهارات وتعزيز التعاون.
كما عززت كفاءة قواتها المسلحة باقتناء مدروس لأحدث ما توصلت إليه التقنية العسكرية من أسلحة ومعدات تتلاءم مع الاحتياجات الدفاعية للذود عن حمى الوطن، حتى أصبحت واحدة من أفضل وأقوى جيوش المنطقة، وأكثرها تسليحاً واحترافية.
وتحل تلك المناسبة في توقيت يبرز الأهمية الخاصة لتلك الذكرى التاريخية على مختلف الأصعدة.
ضمن أحدث جهود التطوير، أبرمت وزارة الدفاع خلال معرضي الأنظمة غير المأهولة «يومكس» والمحاكاة والتدريب «سيمتكس2024» في يناير/كانون الثاني الماضي 18 صفقة بقيمة مليارين و932 مليون درهم إماراتي.
مناخ الأمن والأمان الذي وفرته الإمارات، ساهم في تعزيز تقدمها الملحوظ في سباق التنافسية العالمية بعد نجاحها في حصد المراكز الأولى في العديد من المؤشرات والتقارير الدولية والإقليمية ذات الصلة.
إنجازات تبرز أهمية الاحتفال بقرار توحيد القوات المسلحة الإماراتية الذي شكل حجر الزاوية في بناء دولة قوية ومتحدة، قادرة على حماية أمنها واستقرارها وضمان مستقبل مشرق لأبنائها، بعد أن أثبتت القوات المسلحة أنها بالفعل ركيزة التنمية الشاملة والمستدامة والضامن للمكتسبات الاقتصادية التي حققتها دولة الإمارات في المجالات كافة.
ويعد الاحتفال بذكرى توحيد القوات المسلحة تأكيدا على الالتزام بالاستمرار بتطوير القوات المسلحة لزيادة قدراتها على التكيف مع التغيرات العالمية.
وتحظى القوات المسلحة بالدعم الكامل من حيث طبيعة التنظيم، والتسليح، والتدريب بغية زيادة قدراتها، وتطويرها لمواكبة التطور التكنولوجي والواقع العملي.
ويتمثل الدور الرئيسي للقوات المسلحة في حماية الوطن ومكتسباته، والحفاظ على أمنه واستقراره، إضافة لتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات في العالم.
قوة إنسانية.. ومنارة سلام
وعلى الصعيد الإقليمي، تحل تلك المناسبة فيما تواصل القوات المسلحة الإماراتية جهودها الإنسانية الرائدة ضمن عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العمليات المشتركة في وزارة الدفاع بتنفيذها لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.
مبادرة تتوج سجلا إماراتيا مضيئا في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية حول العالم الأمر الذي يؤكد أن القوات المسلحة الإماراتية ليست فقط درع قوي للدفاع عن الوطن، بل هي أيضاً قوة إنسانية فاعلة.
أيضا تحل تلك الذكرى بعد 3 شهور من قيام الإمارات ومعها العالم الحر بوداع 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها في فبراير/شباط الماضي إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، التي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.
تضحيات طاهرة ودماء ذكية سطر بها شهداء الإمارات ملحمة فداء جديدة تحاصر الإرهاب وتنشر السلام بالعالم، دعما للأشقاء ونصرة للحق.
استشهاد أبناء الإمارات في ميادين الحق والواجب يؤكد إن دولة الإمارات العربية المتحدة ستظل رائدة في مجال الأمن والاستقرار، والعمل على نشر السلام في العالم أجمع.
ومنذ عهد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كرست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام ودعم الجهود الإنسانية على المستوى الإقليمي والدولي.
وخلال العقود الماضية، شاركت دولة الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، من أبرزها ما يلي:
-شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
-سطر الإماراتيون قيادة وحكومة وجيشا وشعبا أروع معاني الوفاء والدعم والحب للكويت وشعبها، حيث شاركت دولة الإمارات ضمن قوات "درع الجزيرة" في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي، وقدّمت 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
- ترجمة لالتزام دولة الإمارات بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
- وقفت الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع مع الصرب.
وأسهمت دولة الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة على إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
- أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين من كوسوفو الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.
وكانت دولة الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
- في عام 2001 كان للقوات المسلحة الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.
- بعد ذلك بعامين، شاركت دولة الإمارات عام 2003 ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركين في القوة أكثر من 1200 عنصر.
ولعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.
- إثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات "درع الجزيرة" التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني، ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
- انضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا، إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
- في مارس/آذار 2015 شاركت الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.
- في فبراير/شباط 2023، أطلقت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع الإماراتية، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عملية "الفارس الشهم 2" ، لدعم الشعبين السوري والتركي بعد الزلزال الذي ضرب البلدين 6 فبراير/شباط من العام نفسه.
محطة تاريخية
وتحتفل الإمارات بذكرى توحيد قواتها المسلحة الذي أضحى محطة مهمة في تاريخها، في وقت تتواصل فيه جهودها الفعالة في تعزيز الأمن والاستقرار ونشر السلام عبر التعاون الإقليمي والدولي.
الاحتفال بتلك الذكرى التاريخية يعد أيضا بمثابة شهادة دامغة على شجاعة وتفاني أولئك الذين يبذلون الغالي والنفيس للحفاظ على السلام والازدهار.
احتفال بقرار شكل خطوة مهمة وحاسمة جاءت لتؤكد الرؤية الاستراتيجية والحنكة القيادية التي تميز بها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وإخوانه حكام دولة الإمارات.
قرار جعل الولاء للاتحاد والدولة فوق كل ولاء، وأكد المصير المشترك لكل أبناء الإمارات وتصميم القيادة والشعب على ترسيخ قواعد الاتحاد، والمضي قدماً في تحقيق الأهداف الكبرى للتطور والنهوض.
قرار لا يرمز فقط لوحدة القوات المسلحة، وإنما أيضاً يعبر عن تجذر قيم الولاء والانتماء في شرايين أبناء الوطن جميعاً، والتي تجعل الجميع يتنافس للالتحاق بصفوف القوات المسلحة، والخدمة فيها، باعتبارها مصنع الرجال ودرع الوطن المتين وسياجه الحصين.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز