الذكرى الـ49 "للوطني الاتحادي" الإماراتي.. مسيرة رائدة وإنجازات واعدة
أهمية خاصة تحملها الذكرى الـ49 لتأسيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي في 12 فبراير 1972، التي تحل اليوم الجمعة، لعدد من الأسباب.
أول تلك الأسباب أنها تأتي بعد 3 أيام من تحقيق الإمارات حلما تاريخيا بإرسال "مسبار الأمل" إلى المريخ، كأول دولة عربية وخامس دولة بالعالم تحقق هذا الإنجاز.
وكان للمجلس الوطني الاتحادي دور هام في تعزيز مسيرة الإمارات نحو الفضاء بإقراره مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم قطاع الفضاء، لتصبح الإمارات بذلك أول دولة عربية وإسلامية لديها تشريعات وقوانين فضائية متكاملة.
السبب الثاني أن ذكرى تأسيس المجلس الوطني الاتحادي هذا العام تتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وبدء الاستعداد للخمسين عاما القادمة وصولا لمئوية الإمارات 2071.
ويعول على المجلس في هذا الصدد القيام بدور هام في مسيرة البناء والنهضة التي تشهدها الدولة والارتقاء بالمجتمع وتحقيق تطلعاته من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، بما يحقق أهداف مئوية "الإمارات 2071" التي تستهدف تحقيق أفضل المراكز في جميع المجالات.
طموحات تثق القيادة الإماراتية في قيام أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بدور بارز لتحقيقها.
وفي كلمته خلال افتتاحه "عن بعد" دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السابع عشر 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نيابة عن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لأعضاء المجلس: "أنا واثق أنكم ستواكبون بإيجابية مسيرة نهضتنا وطموحات شعبنا وأدعوكم لتعزيز التواصل مع أبناء وبنات وطننا والاهتمام بأفكارهم واقتراحاتهم ومطالبهم".
السبب الثالث أن تلك الذكرى تحل بعد نحو أسبوع من احتفال العالم لأول مرة 4 فبراير/ شباط الجاري باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، تخليدا لذكرى توقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي انطلقت من الإمارات قبل عامين.
وفي اليوم نفسه، وقع المجلس الوطني الاتحادي والبرلمان الدولي للتسامح والسلام مذكرة تفاهم، بهدف تعزيز سبل التعاون المشترك بين الجانبين في مجالات التسامح والسلام.
السبب الرابع أن تلك الذكرى تحل فيما يتواصل الفصل التشريعي الـ17، الذي تحقق فيه عدد من الإنجازات، والعديد من السوابق البرلمانية التي جاءت في إطار حرص المجلس على مواكبة رؤية القيادة وتوجهات الحكومة وتطلعات المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم ودولة الإمارات، وما تتطلبه من إجراءات احترازية لمواجهة وباء كورونا.
ويواصل المجلس القيام بأدوار مهمة في دعم مسيرة التنمية الشاملة والارتقاء بالمجتمع وتحقيق تطلعاته، بعد تمكينه من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، بدعم لا محدود من قبل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
سوابق وإنجازات
يمثل المجلس الوطني الاتحادي امتدادا طبيعيا لنهج الشورى الذي قامت عليه الإمارات والذي أرساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
ومنذ انطلاق أولى جلساته قبل 49 عاما، قام المجلس الوطني الاتحادي بدور رائد من خلال ممارسة اختصاصاته الدستورية في مسيرة البناء والنهضة الشاملة، عبر تحديث وتطوير التشريعات ومناقشة الموضوعات وتبني التوصيات بشأنها، ومن خلال دوره المساند والمرشد لعمل الحكومة في الاهتمام بشؤون الوطن والمواطنين.
وتجسد هذا الأمر من خلال "17" فصلا تشريعيا عقد خلالها "627" جلسة، أقر خلالها "626" مشروع قانون، ووافق على "7" تعديلات دستورية، وناقش "327" موضوعا عاما، ووجه "961" سؤالا إلى ممثلي الحكومة تبنى بشأنها "358" توصية، ووقع "35" مذكرة تعاون مع برلمانات إقليمية ودولية.
وتمثلت الإنجازات التي حققها المجلس الوطني الاتحادي خلال الفصل التشريعي السابع عشر، على مدى "19" جلسة عقدها خلال دوري انعقاد، في مناقشة "19" مشروع قانون، وتبنى عددا من التوصيات التي رفعها إلى الحكومة، ووجه "70" سؤالا تناولت عددا من القطاعات، فضلا عن الدور المهم للجان المجلس التي عقدت "225" اجتماعا.
وواصلت لجان المجلس الدائمة دورها في مناقشة وإعداد تقاريرها بشأن ما هو مطروح على جداول أعمالها، حيث عقدت "225" اجتماعا منها "93" عن بعد، ونظمت "11" حلقة نقاشية منها "5" عن بعد.
وشهد الفصل التشريعي السابع عشر تحقيق العديد من السوابق البرلمانية التي جاءت في إطار حرص المجلس على مواكبة رؤية القيادة وتوجهات الحكومة وتطلعات المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم ودولة الإمارات وما تتطلبه من إجراءات احترازية لمواجهة وباء كورونا.
وفي هذا الصدد فقد عقد المجلس وفي سابقة هي الأولى منذ تأسيسه سبع جلسات "عن بعد"، وناقش وأقر مشروع قانون اتحادي بشأن ضمان الحقوق في الأموال المنقولة الذي ورد إلى المجلس بصفة الاستعجال في ثلاثة أيام لتعد أقصر مدة يستغرقها مشروع قانون لدى المجلس، والذي أقره في جلسته التي عقدت يوم خميس في غير الأيام المحددة للانعقاد حسب اللائحة الداخلية وهما يوما الثلاثاء والأربعاء، وناقش "13" سؤالا في سابقة برلمانية هي الأولى من نوعها منذ تأسيس المجلس يتم فيها توجيه هذا العدد من الأسئلة في الجلسة الإجرائية الأولى لدور الانعقاد.
كما شهدت "قاعة زايد التي يعقد فيها المجلس جلساته" أول إعلان لوزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي عبدالرحمن بن محمد العويس، عن الاستراتيجية الوطنية للتعامل مع فيروس كورونا منذ أولى مراحل ظهوره، وذلك خلال الجلسة الرابعة التي عقدها المجلس بتاريخ 11 فبراير/شباط 2020، بما يجسد مدى أهمية التواصل والتعاون والشراكة القائمة بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية في طرح ومناقشة القضايا الملحة، ويؤكد أن ما نشهده تحت قبة المجلس من مداولات وحوارات ومناقشات شفافة وبناءة توضح أن عملية تكامل الأدوار المنوطة بالمجلس والحكومة تشكل السند الأساسي للمجلس للوفاء بمسؤولياته الوطنية.
الدبلوماسية البرلمانية
أيضا لا يمكن إغفال الدور السياسي للمجلس المتمثل في الدبلوماسية البرلمانية التي يمارسها المجلس الوطني الاتحادي عبر الشعبة البرلمانية التي تمثل دولة الإمارات في المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بالمؤتمرات والاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، كما تفتح جسور التعاون والعلاقات البرلمانية مع المؤسسات التشريعية والمنظمات الدولية في مختلف دول العالم، وتمارس دورا دبلوماسيا داعما ومساندا للدبلوماسية الرسمية التي تمثلها وزارة الخارجية والتعاون الدولي الجهة المعنية بالسياسة الخارجية للدولة.
في إطار حرص المجلس على تفعيل الدبلوماسية البرلمانية الإماراتية بما يواكب توجهات الدولة ورؤيتها حيال مختلف القضايا، حقق المجلس العديد من الإنجازات تمثلت برئاسة الاجتماع الدوري السابع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي، ورئاسة المجموعة العربية في الاتحاد البرلماني الدولي، والاجتماع الدوري الثالث عشر لرؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد "عن بعد" بتاريخ 21 يوليو/تموز 2020، والفوز بمنصب نائب رئيس البرلمان العربي، ونائب رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان إحدى اللجان الدائمة للبرلمان العربي.
محطات هامة.. من التأسيس للتمكين
محطات هامة مر بها المجلس منذ عقد أولى جلساته في 12 فبراير/شباط 1972، بعد فترة وجيزة من انطلاق مسيرة الاتحاد في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971.
وحظي المجلس بدعم كبير من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لدوره الوطني في تمثيل شعب الاتحاد وتجسيد نهج الشورى المتأصل والمتجذر في مجتمع الإمارات.
وشكل خطاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في افتتاح أول فصل تشريعي، في 13 فبراير/شباط 1972، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به، وخلاله، حدد مهام المجلس ودوره بقوله إن "جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا".
وحرص المغفور له الشيخ زايد على تضمين الدستور عددا من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر بشكل دقيق عن نهج الشورى في الإمارات وفي فكر المغفور له الشيخ زايد، الذي كان يطالب دائما بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة.
وجاء إطلاق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات برنامج "التمكين" عام 2005 في خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للاتحاد، ليكون نقلة نوعية في مسيرة المجلس الوطني الاتحادي، حيث استهدف تفعيل دور المجلس وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية ويكون مجلسا أكثر قدرة وفاعلية والتصاقا بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم.
وشكل "خطاب التمكين" منذ إطلاقه خطة عمل وطنية للعمل بمقتضاها في إطار خطوات مدروسة ومتدرجة وصولا إلى الهدف الذي تتطلع إليه القيادة الرشيدة وشعب الإمارات من خلال تطور مسيرة التنمية السياسية والعمل البرلماني في الدولة.
وتتبنى الإمارات برنامجا واضحا للتمكين السياسي يقوم على التدرج وزيادة عدد الهيئة الانتخابية في كل دورة بهدف تعزيز الوعي السياسي والمشاركة الفعالة من قبل المرشح والناخب للحفاظ على الإنجازات والمكتسبات الوطنية.
وفي إطار تفعيل برنامج التمكين شهدت الدولة 4 دورات انتخابية أولها في ديسمبر/كانون الأول عام 2006، حيث تم انتخاب نصف الأعضاء وتعيين النصف الآخر من ممثلي كل إمارة عن طريق الحاكم وتم تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات لتولي الإشراف برئاسة وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي.
وفي خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر بتاريخ 12 فبراير/شباط 2007، بعد أول دورة انتحابية، قال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان: "نفتتح اليوم الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلسكم الموقر، في انطلاقته الجديدة، بعد أن خاضت بلادنا أول تجربة انتخابية في تاريخ المجلس الوطني الاتحادي، وهو الآن أكبر تمثيلاً، وأعظم قدرةً، صيانةً للمكتسبات، وتعزيزاً للمسيرة الاتحادية المباركة التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان".
وشهد عام 2009 خطوة مهمة في برنامج التمكين، إذ صدر تعديل دستوري ينص على تمديد مدة عضوية المجلس الوطني الاتحادي لأربع سنوات بدلا من اثنتين وتمديد أدوار الانعقاد لسبعة أشهر.
وفي التجربة الانتخابية الثانية عام 2011 تم توسيع نطاق المشاركة السياسية للمواطنين، حيث أصبح الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئات الانتخابية لا يقل عن ثلاثمئة ضعف عدد ممثلي كل إمارة في المجلس الوطني الاتحادي، حيث بلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية 135308 أعضاء؛ ما أتاح الفرصة لشريحة كبيرة من المواطنين لاختيار ممثليهم في المجلس.
وفي عام 2015 شهدت التجربة الانتخابية الثالثة زيادة أعداد الهيئات الانتخابية ضمن خطوة جديدة من التدرج للتمكين السياسي، حيث أصبحت الفئة العمرية "أقل من 40 عاما" النسبة الأكثر تمثيلا من بين أعضاء الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة بنسبة "67٪".
وشهد الفصل التشريعي الـ 16 مرحلة هامة في تطوير أداء المجلس باستشراف المستقبل وتبني وإطلاق أول استراتيجية برلمانية للأعوام 2016-2021، التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحياة البرلمانية في الدولة والمنطقة، ونموذجاً للعمل البرلماني المتوازن الحكيم الذي يقدم كل ما هو أفضل لإسعاد شعب الإمارات ودعم توجهات القيادة الحكيمة في تحقيق مصلحة الوطن والمواطن وتعزيز مكانة الدولة وريادتها العالمية.
كما حققت الإمارات في هذا الفصل سبقا عربيا وإقليميا بانتخاب الدكتورة أمل القبيسي كأول امرأة لرئاسة المجلس الوطني الاتحادي، ليتأكد مضي برنامج التمكين وفق خطى مدروسة بعناية محققا إنجازات كبيرة للحياة البرلمانية والسياسية في دولة الإمارات.
وشهدت الدورة الانتخابية الرابعة 2019 مرحلة مهمة وتاريخية في مسيرة التمكين، وذلك بتطبيق قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50% بحيث ضم المجلس وللمرة الأولى في تاريخه نصف الأعضاء من النساء، ليتحقق بذلك التمكين الكامل للمرأة الإماراتية، وتتعزز مكانة دولة الإمارات في مقدمة الدول من حيث تمثيل المرأة برلمانياً.
وتم خلال الدورة نفسها زيادة قوائم الهيئات الانتخابية بنسبة 50.58% مقارنة مع قوائم عام 2015 لتصل إلى نحو 337738 مواطنا ومواطنة، بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتطوير مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في الإمارات.
ويواصل المجلس دوره الوطني في المساهمة في مسيرة النهضة الشاملة وتعزيز نهج الشورى وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتكريس قيم الولاء والانتماء والتلاحم الوطني.