تجاوب من الطوائف المسيحية واليهودية في مؤتمر مراكش
الكثير من الطوائف عاشت بسلام بين المسلمين على مر العصور
الأقليات أبدت ترحيبها بالمؤتمر وأشارت إلى أنها استمتعت بحقوق كثيرة في العالم الإسلامي
شهدت الجلسة العامة الثانية لمؤتمر مراكش للأقليات، المنعقد في الفترة من 25 إلى 27 يناير 2016، تجاوبا من كثير من المنظمات الدينية وعلى رأسها الطوائف اليهودية والمسيحية في المغرب. ثم تلا ذلك شهادات لعدد من العلماء والشيوخ في كيفية تعايش تلك الأقليات والطوائف في ظل المجتمعات الإسلامية على مر العصور.
وبدأت الجلسة برسالة لرئيس الطائفة اليهودية في المغرب، سيرج برديغو، ألقاها بالنيابة عنه السيد جاكي كادوش، حيث أكد أن المغرب له تجربة فريدة من نوعها في التعايش السلمي بين الطوائف، حيث إن هذا التعايش يعتبر جزءا من التراث الثقافي والتنمية المستقبلية للمغرب.
ثم تلا ذلك كلمة لممثلة الطائفة المسيحية في المغرب كارين سميث، حيث قالت "نحن هنا كمراقبين ومتحمسين وداعمين لهذه الجهود لتوحيد العلاقات بين الطوائف، فنحن أخوة في الإنسانية، ونعمل على توحيد الإنسانية تحت مسمى السلم والرحمة والعدل".
وأكدت أن هناك تحديات حول جمع الشباب على مبدأ الإنسانية وتعدد الأديان واحترامها في ظل توجهات الإرهاب العالمي، وأنه لا بد من تدريب وصنع قادة للمستقبل يستطيعون الحوار والعيش في ثقافة تعدد الأديان.
وختمت بقولها "نحن نصلي للسلام والعدل للبشرية، لكي يعيش البشر في سلام ولمستقبل مليء بالأمل".
ثم تلا ذلك جلسة نقاش نظمتها الدكتورة أماني لوبيز من إندونيسيا، حيث شكرت المنظمين والحضور، ثم شرحت تجربة إندونيسيا في التعايش السلمي مع الأقليات ذات التعددية الدينية، وأكدت أن المواطنة المعاصرة مستوحاة عن وثيقة "صحيفة المدينة".
تلا ذلك كلمة للدكتورة عزيزة الهبري –مدرس بكلية الحقوق في جامعة ريتشموند بأمريكا- حيث أكدت أن الرسول (ص) عانى من التمييز والاضطهاد الديني ولذلك أكد على الحرية الدينية، وأن الإيمان بالله يتضمن الإيمان بالواجبات والحقوق التي أقرّها الإسلام، ومن ضمنها احترام الأديان الأخرى وحقوق الآخرين في الحياة، حيث إن الحريات والحقوق المذكورة في القرآن هي مصدر للنضج السياسي والاستقرار في المجتمعات المسلمة، وأن الكرامة الإنسانية كفلها القرآن، والعدل هو أساس الشريعة الإسلامية، حيث إن السماحة والغفران جزء كبير من تعاليم الإسلام.
وأضافت أن مؤسس الولايات المتحدة، توماس جيفيرسون، اقتبس آية من القرآن ليضع مبادئ الحرية الدينية في الولايات المتحدة "لا إكراه في الدين".
وتلا ذلك كلمة للشيخ الصوفي حمزة يوسف مساعد رئيس منتدي تعزيز السلم ورئيس كلية الزيتونة في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، حيث ذكر أن القرآن يعترف بوجود اليهود المسيحيين والديانات الأخرى، وأن المدارس الحنفية والمالكية تقبلت وجود الديانات الأخرى.
أضاف يوسف أن الإسلام نشأ في ظل الاضطهاد الديني في مكة، حيث عذب الكثير من الصحابة لاعتناقهم الإسلام، ووصف كيف أن الجهاد هو في الأصل الدفاع ضد مقدسات الدين الإسلامي ومقدسات وطوائف ومجتمعات الأديان الأخرى في ظل البلدان الإسلامية، حيث كانت هناك فترة للإسلام عندما كان أقلية وهاجرت إلى الحبشة ليلقوا معاملة حسنة من المسيحيين هناك، إنه كان هناك الكثير من اليهود في المدينة، وكانوا من علية القوم هناك، وقد استقبلوا المسلمين الذين هاجروا إلى هناك بصورة حسنة. وأضاف أن الرسول كان يجلس مع أحبار اليهود للنقاش معهم في أمور المدينة والمجتمع آنذاك، وعندما خان بعض اليهود الرسول بعد إحدى غزواته، لم يقتلهم، بل سمح لهم بمغادرة المدينة بكل ثرواتهم.
وتبع ذلك كلمة للدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية في بيروت، الذي تطرق إلى آفاق المواطنة في الفكر الإسلامي المعاصر. حيث أكد أن هذا الموضوع هو من أكبر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، بسبب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية. حيث إن الاضطراب في مسألة الشرعية يحدث بسبب الارتباك في العلاقات الاجتماعية والسلطوية في دول كثيرة، منها علاقة النخب الحاكمة مجتمعاتها، وظهور تيارات الإسلام السياسي والجهادي وهشاشة منظمات المجتمع المدني المفترض أن تكون رقيبا وحاميا لكل فئات المجتمع المختلفة، ومن ضمنها الأقليات.
وشدد أن التطرف والإرهاب ناتجان عن عدم توصيل أصول الدين والشريعة الصحيحة وانتشار الجهل في المجتمعات الإسلامية، حيث لا بد من نشر ثقافة التسامح الإسلامية بين الشباب للحفاظ على الهوية الإسلامية الصحيحة. وختم بأن من أهم النقاط التي يجب العمل عليها هي إبعاد الدين الإسلامي عن الصراعات السياسية.
وختمت الجلسة بكلمة للدكتور عبد المجيد الصغير، أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بجامعة الرباط، الذي أكد أن هناك الكثير من الفتاوى المبتورة والمنصوصة على مفاهيم خاطئة عن الإسلام. وأضاف أن وثيقة المدينة هي دستور وقانون عام دشّن به الرسول عهدا من التراحم والرفق بالأقليات، وأن الإسلام فتح ذراعيه للبشرية جمعاء، حيث قبل التعايش مع كل الأديان. وأكد في خطابه أن التجمعات اليهودية ذاقت السلام في ظل المجتمعات المسلمة وحماية الإسلام لها.