«العين» استطلعت آراء قراء وكتاب وناشرين عن حصاد الأيام السابقة، الإيجابي والسلبي، كذلك طرحت عددًا من الأسئلة حول المعرض.
بعد 10 أيام من انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ47، بأرض المعارض بمدينة نصر، بدا الحدث الثقافي الأبرز مصريًّا وعربيًّا، يجمع بين عديد من المتناقضات، فهو من ناحية الأكبر عربيًّا من حيث المشاركات وعدد دور النشر والفعاليات، وأيضًا هو الأكثر جذبًا لجمهور يصل عدد زائريه إلى 250 ألف في اليوم الواحد.
ومن ناحية أخرى، لا يخفى على عين أي زائر أو متابع كم المشكلات التي تظهر كل عام، منها المزمن والمتكرر ومنها الطارئ أو العارض، مثل مشكلة الطوابير والتزاحم أمام بوابات الدخول، وغياب التنسيق والمتابعة في أمور تنظيمية عديدة في ما يخص الفعاليات والأنشطة والضيوف، لكن ورغم كل ذلك فهناك إجماع على أن معرض العام الحالي قد ظهر بصورة جيدة وثمة تجديدات طرأت على نشاطاته وكذلك بعض الأمور الأخرى التي أضفت لمسة تطويرية ولو بسيطة لكنها مبشرة وداعية للتفاؤل في ما هو قادم من سنوات.
«العين» استطلعت رأي قراء وكتاب وناشرين عن حصاد الأيام السابقة، الإيجابي والسلبي، كذلك طرحت عددًا من الأسئلة حول المعرض؛ مثل مدى الإقبال عليه .. هل اختلف عن الأعوام السابقة؟ هل كان لذلك تأثير على المبيعات وحركة البيع والشراء؟ ما الكتب الأكثر جذبًا للجمهور؟ أسئلة تدور حول المعرض الأكبر والأبرز، والأكثر جماهيرية ومتابعة بين المعارض العربية، وكذلك الأقدم ورغم ذلك لا تتوافر إجابات دقيقة يمكن أن تساهم في تكوين تصورات مكتملة يمكن أن تبنى عليها سياسات ثقافية واضحة حول القراءة وما يتعلق بها من موضوعات.
أحمد كمال، شاب في الـ27 من عمره، يتجول في أحد سرايات البيع، «العين» سألته عن تفضيلاته الخاصة من الكتب وكذلك ملاحظاته بشكل عام، فأجاب: "يمكن أن أدعي بأن هناك إقبالًا على القراءة في السنوات الأخيرة وظهور كتاب شباب، ولكن لنوعية معينة من الكتب والروايات ذات طابع تجاري، أهمها الكتب الساخرة وروايات الغموض والأكشن، ولكن هذه الكتب كانت مدخلًا لكثيرين كي يقبلوا على القراءة بشكل عام، رغم أن هناك كتبًا يقبلون عليها وهي تطرح علامات استفهام ويثار حولها الجدل، خاصة في الرواية".
في الجناح ذاته، التقينا أيضًا محمود عبد الغفار، أستاذ الأدب العربي والأدب المقارن بكلية الآداب جامعة القاهرة، الذي اعتبر أن "ازدحام المعرض مؤشر فعلي لأجيال جديدة تهتم بالمعرفة وتقدر الكتاب وتبحث عنه، ثانيًا الشباب المصري الذكي يبحث عن عمل ويبحث عن فرص للعمل الجزئي، فمثلًا هناك شباب يساعدون رواد المعرض في حمل الكتب بأجر رمزي، ثالثًا أسعار دور النشر في مصر لا تقارن بأسعار الناشرين العرب الذين أعتقد أنهم يعتبرون الدولار يساوي جنيهين في مصر!".
ملاحظات سريعة وموجزة لكنها تصلح كعينة على الرصد الدقيق والملاحظة الفاحصة، لم يعد جمهور معرض الكتاب فقط من الباحثين عن التسلية والطعام، أكذوبة ليس لها محل في واقع الأمر، ربما اتفق في وجهة النظر هذه نرمين سليمان، ربة أسرة مصرية، تصطحب أطفالها إلى المعرض في جولة لشراء ما يريدون من كتب وحكايات، سليمان قالت لـ«العين» إن معرض هذا العام من بين كل السنوات السابقة يسجل الأعلى إقبالًا، ووجد فيه الطفل وعائلته والشاب وأصدقاؤه بصورة رائعة وملهمة، والجميع توجهوا صوب المعرض فظهرت الطوابير والزحام الذي لم أرَ مثيله منذ 10 أعوام متصلة، وخاصة الـ5 الأخيرة فيما بعد الثورة.
سليمان اعتبرت أن المعرض بكل المقاييس اكتسب طابعًا عائليًّا خاصًّا ولم يعد ذلك مقتصرًا على زيارات المطاعم والأماكن المخصصة للعب الأطفال، بل صار تجمعًا عائليًّا مصريًّا هدفه الأول الكتاب والثقافة والمعرفة، ثم بقية الأمور.
الأمر بالنسبة للناشرين المشاركين في المعرض يختلف بالتأكيد عن عيون رواده وزائرية، المعرض بالنسبة للناشر هو "سوق عكاظ" الكتب، فيه تعقد الصفقات والتبادلات، وفيه تتحدد إلى حد كبير خطط النشر والتسويق والدعاية والإعلان، وفيه أيضًا حصاد كل هذا.
من الظواهر التي أجمع عليها عدد كبير من الناشرين المشاركين في المعرض، أن عدد الزوار أكبر من السنوات الماضية، لكن وفي الوقت نفسه فإن حجم المبيعات يكاد يساوي العام الماضي، لم يزد ولم يتجاوز هذا المعدل حتى الآن. سألت بعضهم عن السبب، فقال أحمد رشاد مدير الدار المصرية اللبنانية، إننا نقارن المبيعات يومًا بيوم، اليوم الأول هذا العام ومقابله العام الماضي، والثاني ومقابله، وهكذا، الملاحظ أن حجم المبيعات متساوٍ تقريبًا من دون زيادة أو نقصان، لكن الغريب أن عدد الزوار فعلًا أكبر، لكن لم يترجم إلى مبيعات حقيقية.
في المقابل، يرى محمد شفيق المدير المسؤول بدار الكتب خان للنشر والتوزيع، أن هذا العام أفضل كثيرًا من العام الماضي، معتبرًا أن جناح الكتب خان هذا العام قد حقق مبيعات جيدة جدًا، في مجملها قد تكون أعلى من العام الماضي، سألته هل هذا سببه زيادة عدد الزوار، أجابني، ربما، لكن الأهم من وجهة نظري هو بزوغ شرائح جديدة من القراء الشباب، من أعمار وثقافات ومستويات تعليمية مختلفة، هؤلاء الشباب مقبلون على القراءة بجنون وشغف، وهذا أمر رائع.
هكذا تبدو صورة معرض متسع الأرجاء، قديم، بل الأقدم بين المعارض العربية كلها، قد تبدو المقارنة بين عناصر بعينها بين معرض القاهرة ونظائره من المعارض العربية الأخرى في غير صالحه، لكنه يظل الأكبر والأفضل بحيوية زواره وإقبالهم على الكتب والقراءة، وهي الوحيدة التي تحفظ له مكانته ونضارته وشبابه الدائم.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز