العمليات الفدائية الفردية الفلسطينية، شكلت صدمة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي أقرت أن هناك عجزًا استخباريًّا في اكتشافها.
في كل مرة ينجح فيها فلسطيني في الوصول إلى هدف إسرائيلي وتنفيذ عملية فدائية، فإنه يوجه صفعة للاستخبارات الإسرائيلية التي كانت تفاخر بأنها الأعلى كفاءة في توفير سيل معلوماتي يضمن إحباط العمليات فبل تنفيذها؛ والنتيجة إرباك في منظومة الأمن الإسرائيلي وإقرار بالفشل في مواجهة ما بات يعرف بـ"الذئاب المنفردة".
وأقر تقرير نشره موقع "واللا" العبري، المقرب من الجيش الإسرائيلي، بتخوف أمن الاحتلال، من نمط العمليات الانفرادية التي لا يكون لمنفذيها أية خلفيات تنظيمية.
فشل استخباري:
ووفق الموقع العبري، فإن شرطة الاحتلال، تعترف بأنه من المستحيل معرفة هوية منفذ العملية حين يكون منفردًا دون غطاء تنظيمي، كما أنه من الصعب منعه من تنفيذ العملية.
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، أن نجاح المقاومين المفردين يتبدى من خلال الفشل في تحديد المواصفات الجماعية المشتركة للمقاومين منفذي العمليات الفدائية كي يتم تحديد استراتيجية مضادة.
وأوضح أبو عامر في حديثه لـ"بوابة العين"، أن الفدائيين الفلسطينيين عكسوا التركيبة الاجتماعية للشعب الفلسطيني، فمنهم المتدين والعلماني، ومنهم المتعلم ومحدود التعليم، ومنهم المتزوج وأبو الأولاد ومنهم الأعزب، ومنهم الشاب ومن هو في منتصف العمر، ومنهم ابن القرية وابن مخيم اللاجئين وابن المدينة، مشددًا على أن ذلك يجعل من المستحيل على الاحتلال وضع تصور وقاية ناجع.
وأشار إلى أن أكثر ما أثار غضب قادة الاحتلال هو فشل الأجهزة الأمنية في الوصول إلى خيط رفيع للعمليات الفردية، لا سيما أن عددًا كبيرًا من المقاومين يشتركون في تنفيذها وإعدادها، وتستغرق زمنًا لا يزيد عن أيام قليلة.
النمط الشعبي والفردي هو السائد:
ويؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي، أن 60 % من العمليات التي نفذت خلال انتفاضة القدس طابعها شعب النمط الأول شعبي، أما النمط الثاني شبه تنظيمي والذي قام به نشطاء من فصائل فلسطينية 34%، والنمط الأخير تنظيمي ويبلغ اجمالي نحو 6%.
ويرى الريماوي في حديثه لـ"بوابة العين"، أن "هذه العمليات مرشح أن تستمر وتتطور في المرحلة المقبلة؛ في ظل استمرار جرائم الاحتلال والمستوطنين".
وشكلت العملية التي نفذها فدائيو قباطية الثلاثة أحمد ناجح أبو الرب (21 عامًا) ومحمد أحمد كميل (21 عامًا) وأحمد ناجح زكارنة (21 عامًا)، ظهر الأربعاء، في منطقة باب العامود في القدس المحتلة، تطورا في العمليات المنفردة، من خلال التقاء مجموعة رفاق وتنفيذ عمل فدائي يرد على اعتداءات في ظل عدم وجود بنية تنظيمية آمنة في الضفة بفعل الضربات المتلاحقة من الاحتلال، إضافة لسياسة التنسيق الأمني وفق، الباحث الريماوي.
ويرى الريماوي أن العمليات الفردية، شكلت صدمة من العيار الثقيل للمؤسسة الأمنية الإسرائيلي التي أقرت أن هناك عجزًا استخباريًّا بنسبة 100% أمام هذا النوع من العمليات.
واستشهد 172 فلسطينيًّا منذ مطلع أكتوبر الماضي، بينهم 33 طفلًا و7 نساء، فيما قتل 30 إسرائيليًّا وأصيب 413 إسرائيليًّا، في 193 محاولة أو عملية طعن، و91 عملية إطلاق نار و24 عملية دهس، يغلب عليها الطابع الفردي.
وقال المراسل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، غيلي كوهين: إن "تقديرًا للمخاطر العسكرية أمام الاحتلال في العام الجاري، أصدره جيشه، توقع تصعيدًا للعمليات الفلسطينية وتزايد التهديدات ضد الاحتلال".
وبحسب كوهين يسود القلق في الأوساط الأمنية الإسرائيلية، لوجود لمحاولة فلسطينيين تطوير أدائهم؛ فالعمليات الأخيرة تميزت بـالتخطيط الجيد، والدقة في التنفيذ واستخدام المنفذين لأسلحة نارية، وتمكن البعض منهم من الانسحاب، وإيقاع خسائر بشرية في صفوف الجنود والمستوطنين".
توقع الاستمرار والتصاعد:
ويؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي خالد عمايرة، أن نمط العمليات مرشح للاستمرار والتصاعد في ظل استمرار جرائم الاحتلال والمستوطنين، وانعدام فرص كشفها؛ لأن القرار المتعلق بتنفيذها فردي وذاتي.
وقال العمايرة لبوابة "العين"، إن العمليات الفردية عصية على الإحباط؛ لأن الاستخبارات الإسرائيلية لا يمكن أن تصل إلى عقل شاب يفكر أن ينفذ عملية طعن، أو يقود سيارته، وبالتالي في أية لحظة يمكن توقع تنفيذ مثل هذه العمليات.
وأشار إلى أن هذه العمليات تسبب حالة إرباك وتحفز مستمرة للاحتلال ومنظومته الأمنية؛ ففي حالة العمليات المنظمة، يمكن أن يجري اختراق التنظيم، أو شبكات الاتصال، أو اعتقال خلية أن يؤثر على البقية، لكن هنا القرار فردي، وفي حالات قد يكون تشاورًا ثنائيًّا أو ثلاثيًّا كحد أقصى، مؤكدًا أن الخلاصة اهتزاز الثقة بقدرة الأمن الإسرائيلي، فمقاوم مثل نشأت ملحم، فرض ما يشبه منع التجول على وسط تل أبيب أسبوع كامل بعد عمليته الأولى قبل أن يجري اغتياله.
aXA6IDE4LjExOC4zMi43IA== جزيرة ام اند امز