"بيبيعوا الهرم".. خبراء يتحدثون لـ"العين" عن التبعات
اتحاد الأثريين: كارثة تهدد كل آثار مصر والوزارة مسؤولة
"العين" تحدثت مع عدد من المسؤولين والخبراء، للوقوف على كارثة نهب الآثار المصرية والاتجار فيها بطرق غير مشروعة.
أثار توثيق واقعة بيع حجارة الأهرامات المصرية بالصوت والصورة، موجات جدل واسعة في مصر. وأعادت هذه المغامرة الصحفية المصورة فتح ملف سرقة وتهريب الآثار المصرية في بلد يضم نحو ثلثي آثار العالم إلى الخارج، حيث تباع بطريقة سرية وقد تظهر في بعض المزادات العلنية، وسط تعثر محاولات ووساطات الدولة المصرية في وقف هذه المزادات أو استرداد الكثير من هذه الآثار التي تم تهريبها خلال سنوات ما بعد ثورة 25 يناير.
المؤسف أن هذه الواقعة التي تكررت خلال السنوات الأخيرة بأشكال مختلفة وكانت صادمة في بعض الأحيان وتهدد تاريخ وحضارة بعظمة الحضارة المصرية القديمة، وأبرزها كارثة متحف "ملوي" الذي سُرِقت منه 1098 قطعة أثرية في أكبر عملية سطو على متحف في التاريخ.
"العين" تحدثت مع عدد من الخبراء والمختصين في مجال الآثار، للوقوف على كارثة نهب الآثار المصرية وسرقتها والاستيلاء عليها أو الاتجار فيها بطرق غير مشروعة على يد عدد من التجار والسماسرة واللصوص.
أحمد شهاب: المطلوب تحقيق عاجل
أحمد شهاب رئيس اتحاد الأثريين المصريين قال لموقع "العين": إن "الاتحاد تأكد من فيديو بيع أحجار الأهرامات وثبتت صحته، الأمر الذي شكل سبب صدمة بالنسبة لنا". وطالب شهاب باسم الاتحاد، وزارتَي الآثار والداخلية، بمنظومة لحماية الآثار وبالتحقيق في القرض الذي اقترضته وزارة الآثار من إسبانيا بقيمة 30 مليون يورو، بهدف تأمين منطقة الأهرامات فقط".
وتسأل شهاب "إذا كانت منطقة الأهرامات تتعرض لمثل هذا التجريف وبها أحجار الأهرامات ومخترقة من الباعة والجوّالين لبيع أحجار أثرية، ويتم توثيق فيديوهات تلك الجرائم بحق الآثار وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي، فماذا عن المقابر الموجودة داخل هذا الحرم الأثري، وماذا عن باقي ما يحدث داخل حجرات الملك صاحب الهرم؟
ورداً على تصريحات مشيرة موسى المستشارة الإعلامية لوزير الآثار المصري، التي هوّنت من شأن الفيديو والواقعة، وهددت فيها الصحافيين أصحاب بالقول إنهم "سيدفعون ثمن هذا الفعل من حريته"، قال شهاب "إن ما يحصل كارثة تمتد لتشمل أهم كنوز مصر الأثرية". وحمَّل وزارة الآثار مسؤولية ما حدث وطالب بفتح تحقيق عاجل في عملية تأمين منطقة الأهرامات. كما دعا وزارة الداخلية إلى توفير تأمين جيد للأماكن الأثرية وتسليح أفراد الأمن الخاص بهذه المناطق بعد تدريبه تدريبـًا جيدًا، خصوصـًا بعد رصد إهمال الآثار وسرقتها وبيعها علنـًا في مزادات علنية وفشل وزارة الآثار في استرداد أغلب التماثيل التي بيعت في مثل هذه المزادات. ونوّه إلى واقعة إقامة مزاد في إسرائيل لبيع الآثار المصرية، قائلًا إن هذا نتاج تهريب الآثار نتيجة الحفر خلسة وبشكل غير شرعي.
عبد الحليم نور الدين: خارج اهتمام الدولة!
الآثار المصرية بحسب الدكتور عبدالحليم نور الدين، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للآثار المصرية "لا تزال خارج إطار اهتمام الدولة، وللأسف أنها ليست لها أولوية رغم أهمية مردودها الثقافي والاقتصادي على دولة بأوضاع مصر التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على عائداتها من السياحة القائمة على المناطق الأثرية"، كما ذكر في حديث لـ"العين".
وعن الآثار التي تعرضت للسرقة والتهريب إلى الخارج، يوضح نور الدين "هناك آثار يسمح القانون باستعادتها وأخرى لا يسمح باستردادها فجميع الآثار التي خرجت من مصر بعد سنة 1973 يمكن استردادها ما لم تكن مسجلة، وجزء كبير من الآثار المصرية ليس مسجلاً لأنه يخرج من عمليات الحفر التي يقوم بها أشخاص تمتد الآثار تحت منازلهم في قرى ونجوع الصعيد".
وعن واقعة تهشيم حجارة الأهرامات بغرض سرقتها وبيعها، يؤكد نور الدين أنها "جريمة في حق الإنسانية والتاريخ"، موضحـًا أن نبش المناطق الأثرية لايزال مستمرًا في غيبة الأمن، ومن ذلك تهشيم وتكسير وسرقة أحجار من جسم الأهرامات أو من المنطقة المحيطة بها.
وتابع: إن ما جرى هو جريمة بحق التاريخ لن يغفرها لنا فإن كان التاريخ هو ذاكرة الأمة فالآثار هي شاهد على هذه الذاكرة.
عمر زكي: الرقابة الغائبة
من جهته يرى خبير الآثار المصرية الدكتور عمر زكي أن "القطع الأثرية التي بيعت في الهرم هي بقايا قطع حجرية من الأحجار التي بُني بها الهرم وهي متناثرة حول منطقة الهرم كلها ونظرًا لكبر مساحة الهرم وغياب الكاميرات وأجهزة التحكم والنظم الإلكترونية الحديثة لتأمين المكان وعدم وجود أبواب إلكترونية مؤمّنة وعدم مراقبة الأسوار بشكل جيد، أصبح من السهل التسلل للمنطقة والحصول على هذه الحجارة الصغيرة.
ويوضح زكي أن حجم هذه الحجارة يتراوح بين 20 و30 سنتيمترًا ولا تتجاوز أسعارها الثلاثين دولارًا"، مشيراً إلى "قيمتها المادية قد تكون قليلة لكن قيمتها المعنوية كبيرة، وسرقتها أو تهريبها هو هدم للحضارة المصرية وإظهار الوجه القبيح للمصريين، حيث سيظهر أمام العالم عدم فهم المصري لقيمة حضارته وجهله بأهميتها، وهو ما يضر بالمواقع الأثرية والسياحة بشكل عام".
ويؤكد زكي "أهمية تشديد المراقبة علي المناطق الأثرية المفتوحة وإرسال دوريات تفتيش مستمرة، فمنطقة الجيزة وصعيد مصر زاخرة بالآثار الممتدة للأماكن السكانية والتي يستخرجها أهالي هذه المناطق بالحفر بعيدًا عن عيون الدولة".
وطالب زكي وزارة الآثار بـ"ضرورة توفير ميزانية مناسبة للأمن الأثري، والتعاقد مع شركة أمن خاصة لحماية هذه المنطقة بالعدد الكافي من أفراد الحراسة"، مشيراً إلى أن "فترة ما بعد ثورة 25 يناير كانت فرصة سانحة للباحثين عن سرقة الآثار وتهريبها للخارج بالحفر والتنقيب داخل هذه المناطق. وبالفعل تم تهريب الكثير من التماثيل الفرعونية عن طريق الصحراء الغربية وسيناء عبر مافيا الآثار".
الحل الوحيد بحسب زكي هو "تغليظ العقوبة على كل من يثبت تورطه بالحفر أو الاتجار بالآثار، وأن يتعاون المواطن مع الدولة إذا علم بأن هناك من يقوم بالحفر داخل منزل أو منطقة أثرية، مشيرًا إلى أن هذا لن يحدث إلا إذا أدرك المواطن المصري قيمة أهمية الحفاظ على آثار وتاريخ أجداده".
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA=
جزيرة ام اند امز