يصطدم النداء إلى الوحدة الوطنية الذي أطلقه الرئيس هولاند بعد أسوأ اعتداءات تشهدها فرنسا٬ بانتقادات المعارضة اليمينية لسياسته الأمنية
يصطدم النداء إلى الوحدة الوطنية الذي أطلقه الرئيس فرنسوا هولاند بعد أسوأ اعتداءات تشهدها فرنسا٬ بانتقادات
المعارضة اليمينية لسياسته الأمنية واستراتيجيته في سوريا مع اقتراب استحقاقات انتخابية.
ففي يناير الماضي أدت الهجمات على صحيفة شارلي إيبدو ومتجر يهودي (17 قتيلا) إلى وحدة الصف السياسي بشكل شبه كامل ولو لفترة وجيزة، وأثارت مسيرات تضامن عمت أرجاء البلاد. وغداة الهجمات التي أدمت باريس مساء الجمعة دعا رئيس الجمهورية مرة جديدة إلى هذه "الوحدة الضرورية".
ويستقبل هولاند الأحد رئيس حزب الجمهوريين اليميني المعارض نيكولا ساركوزي وكذلك زعماء الأحزاب الممثلة في البرلمان بينهم رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبن.
وقال هولاند "ما ندافع عنه هو وطننا٬ لكن الأمر يتخطى ذلك بكثير٬ إنها قيم الإنسانية وستتحمل فرنسا مسؤولياتها وأدعوكم إلى هذه الوحدة الضرورية"٬ منددا بـ"عمل حربي" ارتكبه "الجيش الإرهابي٬ داعش".
لكن الظرف السياسي تغير. فرغم أشهر من عمليات القصف في العراق وسوريا٬ فشل التحالف العسكري الدولي في صد تنظيم الدولة الإسلامية، ما أدى إلى دعوات المعارضة في فرنسا إلى تحرك أوسع منسق مع روسيا وحتى مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد برأي البعض.
ويأتي ذلك قبل عام ونصف العام من موعد الانتخابات الرئاسية في ٬2017 وفيما تقوم الأحزاب بحملة لاقتراع إقليمي في ديسمبر يتوقع أن يمنى فيه الحزب الاشتراكي الحاكم بهزيمة.
وطالب نيكولا ساركوزي الذي تكلم بعد بضع دقائق فقط من فرنسوا هولاند٬ بـ"تغييرات كبيرة في المواقف" من أجل "ضمان أمن الفرنسيين كليا".
وأكد "سندعم كافة القرارات التي ستذهب في اتجاه تعزيز التدابير الأمنية بشكل كبير".
ودعا آلان جوبيه رئيس الوزراء الأسبق والمرشح إلى الانتخابات التمهيدية اليمينية والمعروف بمواقفه المعتدلة٬ إلى الوقوف "كتلة واحدة" وراء السلطة التنفيذية٬ كما دعا إلى "الذهاب أبعد" بتعزيز "الوسائل التكنولوجية لأجهزة الاستخبارات و"الوسائل البشرية" المخصصة للجيش والشرطة والقضاء.
من جهتها قالت مارين لوبن زعيمة حزب الجبهة الوطنية (يمين متطرف) "إن فرنسا والفرنسيين لم يعودوا في أمان"٬ معتبرة "أن فرنسا أصبحت معرضة للخطر، ويجب أن تستعيد السيطرة على حدودها الوطنية بشكل نهائي".
واعتبر المحلل السياسي جيروم سانت ماري أن هولاند لا يستطيع أن يأمل بالحصول على الدعم غير المشروط عمليا الذي تم التعبير عنه بعد الموجة الأولى من الاعتداءات في كانون الثاني/يناير 2015.
ففي تلك الفترة سجلت شعبية الرئيس التي كانت في أدنى مستوياتها٬ قفزة ملفتة قبل أن تعود وتتراجع حيث بات أقل من ثلث الفرنسيين يدعمونه.
ولفت سانت ماري إلى أنه هذه المرة وبعد "رد فعل فوري من التضامن من قبل الرأي العام" قد يواجه الرئيس "انتكاسة ربما تكون مؤلمة جدا".
ورأى "أن تكرار الأوضاع يمكن أن يؤدي إلى إعادة نظر سياسية في خيارات الإليزيه وإلى انتقادات٬ تتناول من جهة فعالية الوقاية والجانب الأمني ولكن من جهة أخرى أيضا الجانب الدبلوماسي٬ والسؤال المطروح هو "هل الخيارات الفرنسية في المجال الدبلوماسي جيدة؟".
وفي ما يتعلق بانتقاد استراتيجية هولاند في سوريا٬ دعاه ساركوزي إلى "العمل" مع روسيا التي تعتبر عنصرا "لا يمكن الالتفاف عليه" في حل الأزمة مع احتمال العدول عن طرح رحيل بشار الأسد كشرط مسبق لأي حل سياسي.
واعتبر آلان جوبيه أيضا السبت أنه "من الضروري توضيح أهداف الائتلاف الدولي (في سوريا) الذي يعد غير فعّال اليوم".