خيبة أمل فلسطينية من توجه بريطانيا لـ"تجريم" مقاطعي إسرائيل
خبراء اعتبروها مكافأة لجرائمها وحصانة لمرتكبيها
لندن تعتزم تمرير تشريع قانون جديد يجرم مقاطعة المؤسسات الممولة حكوميًّا بضائع شركات "غير أخلاقية" تشمل منتجات المستوطنات الإسرائيلية.
أصيب الفلسطينيون بخيبة أمل كبيرة من قرار بريطاني مرتقب تمنع بموجبه حكومة المحافظين الجهات والمؤسسات البريطانية من اتخاذ إجراءات لمقاطعة إسرائيل.
واعتبر الفلسطينيون ذلك القرار "مكافأة" لإسرائيل من دولة ساهمت في نشوء القضية الفلسطينية بدعمها اللامحدود لمساعي الحركة الصهيونية إقامة دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين قبل نحو 100 عام".
وتعتزم الحكومة البريطانية، بحسب ذكرت صحيفة "إندبندنت"، تمرير تشريع قانون جديد يجرم مقاطعة المؤسسات الممولة حكوميًّا بضائع شركات "غير أخلاقية" تشمل منتجات المستوطنات الإسرائيلية.
وستفقد جميع المؤسسات الممولة من القطاع العام، بموجب القرار الجديد، حريتها في رفض شراء السلع والخدمات من الشركات العاملة في مجال تجارة الأسلحة والوقود الأحفوري، ومنتجات التبغ أو المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، حيث قال الوزراء: إن أية هيئة عامة تواصل المقاطعة ستواجه "عقوبات قاسية".
واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د.صائب عريقات، أن قرار الحكومة البريطانية يعتبر مكافأة لسلطة الاحتلال على نهجها المدمر لخيار الدولتين، وعلى استمرار نشاطاتها الاستيطانية، وفرض الحقائق على الأرض، وجرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأكد عريقات أن قرار الحكومة البريطانية، يعتبر عملًا مناقضًا ومنافيًا للقانون الدولي، وللشرعية الدولية، متسائلًا كيف يمكن لبريطانيا أن تكون جزءًا من مكافحة الإرهاب في المنطقة، في الوقت الذي تكافئ فيه إرهاب الدولة المنظم الذي تقوم به سلطة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
واستهجن الرجل الثاني في القيادة الفلسطينية، سماح حكومة لندن لمستوطن مثل يولي أدلستين بإلقاء كلمة أمام لجنة في البرلمان البريطاني، مؤكدًا أن مثل هذه الممارسات "تُعَد تجاوزًا لكل حدود الدبلوماسية، وإنها تكافئ من يرتكب جرائم الحرب، ويخالف القانون الدولي".
وأكد عضو اللجنة التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، أن الموقف الحكومي البريطاني يشكل مكافأة للاحتلال وما يقوم به من نشاطات استيطانية غير شرعية، ويقدم للاحتلال حصانة تغطي انتهاكاته للقانون الدولي.
ينسجم مع الأمريكي:
وقال خالد، إن الموقف البريطاني منسجم تمامًا مع موقف الإدارة الأمريكية في تشجيع إسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال، مشيرًا أن مثل هذه المواقف تشكل امتدادًا لسياسة الدولتين ومواقفهما من الدول التي تمارس سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري.
وأكد المسؤول الفلسطيني، أن هذه المواقف لا تنسجم مع الادعاء بأن الإدارتين البريطانية والأمريكية تقفان إلى جانب حل الدولتين، لأن من يدعم حل الدولتين يتوجب عليه أن يتخذ موقفًا واضحًا وحازمًا من الممارسات التي تقوض فرص التقدم في التسوية على أساس حل الدولتين مثل الاستيطان والنشاطات الاستيطانية.
المقاطعة مستمرة:
ويؤكد خالد منصور عضو حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات عليها (BDS)، أن سن قانون بريطاني لمكافحة حركة المقاطعة، لن يوقف المقاطعة العالمية لإسرائيل.
وأشار منصور في حديثه لبوابة "العين"، إلى أن تجريم المقاطعة لا يقف عند بريطانيا، ففرنسا تدرس حاليًّا من خلال المحكمة العليا الفرنسية سن تشريع يجرم المقاطعة، فضلًا عن محاولة الكونجرس الأمريكي شرعنة المستوطنات من خلال سن قوانين لها علاقة بذلك.
وشدد الناشط الفلسطيني، على أن المقاطعة لإسرائيل ستبقى جزءًا من المقاومة، ولن يوقفها أي تشريع أو قرار يهدف للإبقاء على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
امتداد التأثير:
ويعزو خالد معالي الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان، القرار البريطاني، ومحاولات فرنسا وأمريكا تجريم مقاطعي إسرائيل، إلى ما اتخذته الأخيرة من إجراءات على الصعيد الدبلوماسي، وجندت أموال طائلة لإطلاق حملة مضادة لمواجهة خطر المقاطعة التي تصاعدت في السنتين الأخيرتين.
وأشار إلى حجم قرارات المقاطعة الكبير التي اتخذتها مؤسسات ثقافية وأكاديمية ونقابية وطلابية فضلًا عن شركات غربية لنظيراتها الإسرائيلية في السنتين الأخيرتين.
وبين معالي لبوابة "العين"، أن قرارات المقاطعة المتوالية استفزت كل المكونات الإسرائيلية، واستنفرتهم للتصدي لتلك الحملة الآخذة في التصاعد، فتحركوا في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات لوقف هذه الحملة العالمية.
وأوضح معالي أن القرار البريطاني الأخير ليس غريبًا على لندن التي وقفت منذ نحو قرن إلى جانب الحركة الصهيونية، حيث وفرت لها الدعم الكامل لإقامة إسرائيل على أنقاض منازل الفلسطينيين عام 1948، وواصلت مشوار دعمها حتى اليوم، فيما فرنسا لم تبخل على إسرائيل بالسلاح النووي في عام 1956.
ويشير إلى أن دعم القوى الغربية الرئيسة لإسرائيل يؤكد أن التعامل الغربي مع إسرائيل ينطلق من المنطلقات الاستراتيجية القديمة التي ترى في إسرائيل رأس حربة للدفاع عن المصالح الغربية في المنطقة.
aXA6IDE4LjExOC4zMC4xMzcg جزيرة ام اند امز