ثلاثة أحداث وتطورات متلاحقة في الضفة الغربية، رأى فيها مسؤولون ومتابعون مؤشرا على ارتفاع مستوى التضييق على الحريات
من التضييق على المعلمين، ومحاولة منعهم من الإضراب، واعتقال مسؤول نقابي بارز، وصولا إلى استدعاء برلمانية للتحقيق.. ثلاثة أحداث وتطورات متلاحقة في الضفة الغربية، رأى فيها مسؤولون ومتابعون مؤشرا على ارتفاع مستوى التضييق على الحريات وأنه لا حصانة لأحد أمام التغول الأمني.
أحدث التطورات تمثلت في اعتقال الأجهزة الأمنية الفلسطينية الليلة الماضية، رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية السابق بسام زكارنة من بيته أثناء استعداده للذهاب إلى عمله.
وقالت زوجة زكارنة عبر صفحتها على "فيسبوك"، إن جهاز الأمن الوقائي اعتقل زوجها وأنها لا تعرف إلى هذه اللحظة أي معلومات عن مكان تواجده. وهو للمفارقة عضو بالمجلس الثوري لحركة "فتح" التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وسبق أن اعتقل زكارنة، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 مع نائبه معين عنساوي، وعضو مجلس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية محمد حسين، على خلفية عمل نقابي وخلاف مع الحكومة الفلسطينية.
لماذا اعتقل زكارنة؟
وجاء اعتقال زكارنة الجديد بعد تصريحات له عُدت مؤيدة لإضراب المعلمين الواسع في الضفة الغربية المستمر للمطالبة بمطالب وظيفية لهم من الحكومة.
وجاء قرار الاعتقال بعد وقت قصير من قرار بإحالته للتقاعد من وظيفته كمدير عام في وزارة الأشغال العامة.
وأشارت زوجته رولا أبو بكر إلى أن سبب الاعتقال هو تصريحاته المنتقدة لسياسة السلطة في التعامل مع إضراب المعلمين.
وقالت: "زوجي سيستمر في ممارسة حرية التعبير عن الرأي والدفاع عن كل الشرائح المظلومة وهذا مكفول بالقانون الأساسي، كما أنه ملتزم بقرار القضاء بخصوص نقابة العاملين ولم يعلن عن أي فعاليات منذ أكثر من عام التزاما بالقانون والنظام".
تصفية حسابات
ووفق مصادر في حركة فتح فضلت عدم الكشف عن هويتها فإن زكارنة محتجز لدى الوقائي. وقالت المصادر لـ"بوابة العين" إن ما يجري "تصفية حسابات تتم ضد أطراف مناهضة للرئيس محمود عباس في أوساط فتح.
استدعاء برلمانية
اعتقال زكارنة، جاء فيما لم يفق الفلسطينيون من صدمة استدعاء النائب العام للبرلمانية نجاة أبو بكر من حركة "فتح" للتحقيق معها، بعد تصريحات لها اتهمت فيها أحد الوزراء بالفساد المالي.
وقالت أبو بكر لـ"بوابة العين" إنها رفضت الاستجابة لمذكرة استدعاء للتحقيق التي وجهها لها النائب العام في مدينة رام الله، أمس.
وأشارت إلى أن النائب العام أبلغها بضرورة المثول للتحقيق في النيابة العامة برام الله، إلا أنها رفضت هذا الطلب، ودعته إلى توجيه المذكرة للمجلس التشريعي لينظر بها، وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني.
والمجلس التشريعي معطل منذ الانقسام الفلسطيني في يونيو/حزيران 2007، إلا أن القانون الأساسي (بمثابة الدستور) لا يخول للرئيس حله أو رفع الحصانة عن أحد نوابه.
وقالت أبو بكر إنها لا تعلم سبب استدعائها، إلا أنها توقعت أن يكون ذلك على خلفية موقفها الداعم لتحركات المعلمين المطلبية.
توضيح من النيابة
من جهتها، قالت النيابة العامة إن "تصريحات النائب أبو بكر المتعلقة بإبلاغها رسميًا من النائب العام للمثول أمام النيابة العامة للتحقيق في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير، عارية عن الصحة".
وأضافت النيابة في بيان لها، إن أبو بكر مطلوبة للمثول أمام النيابة العامة لارتكابها جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات الساري بموجب قضايا تحقيقية مسجلة لدى نيابة رام الله تحمل الأرقام 719/2016، و722/2016.
وتابعت قائلة إنه "لا يجوز أن تستخدم الحصانة وسيلة لارتكاب الجرائم والأفعال المخالفة للقانون، وأن الحصانة وظيفية وليست امتيازًا شخصيًا".
وكانت أبو بكر كشفت قبل أيام النقاب عن شبهة فساد في الحكومة التي يرأسها رامي الحمد الله، وأنّ أحد الوزراء حصل على 800 ألف شيكل (200 ألف دولار) لتنفيذ مشروع خاص.
ووجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء رسالة إلى أبو بكر لتزويدها ببيانات حول ما صرحت به قبل أيام بخصوص وجود فساد مالي عند أحد الوزراء، دون أن تذكر اسمه.
تغول السلطة التنفيذية
ورأى النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة أن التطورات الأخيرة جاءت "في إطار عدم وجود رقابة على السلطة التنفيذية"، واصفا ما جرى أنه "خطير جدا وغير مسبوق أن يتم استدعاء نائب منتخب من نائب عام لا يزال مكلفا".
وشدد خريشة وهو برلماني مستقل من الضفة الغربية لـ"بوابة العين" على أنه لا يحق لأية جهة كانت استدعاء نائب للإدلاء بشهادة أو المثول لتحقيق في أي قضية كانت، إلا بعد مخاطبة المجلس التشريعي، والتشريعي هو من يقرر وليس النائب العام الذي تحول لنيابة وقاض وشرطي في وقت واحد.. وقال "هم أرادوا اختزال كل شيء، وهذا لا يجوز".
واتهم السلطة التنفيذية بأنها " تتوغل على بقية المؤسسات باعتبار أن المجلس التشريعي معطل منذ الانقسام، وهذا التفكير خطير لأن السلطة التنفيذية شرعيتها لم تجدد أيضا".
وطالب الرئيس محمود عباس بوقف كل الإجراءات، ودعاه لـ"كف مستشاريه عن تقديم رؤى خطيرة تمس بالمجتمع"، مشددا على أن ما يجري "شكل من أشكال العبث الخطيرة الذي يهدد نسيج المجتمع ووحدة الشعب واختراق لكل القوانين الناظمة للعلاقات الدستورية بين مختلف المستويات".
يذكر أن آلاف المعلمين يواصلون الإضراب عن العمل في مدارس الضفة الحكومية بالضفة الغربية للأسبوع الثاني ، فيما تعرض العشرات منهم للاعتقال والاستدعاء لمحاولة إثنائهم عن مواصلة الإضراب؛ الأمر الذي لقي إدانة واسعة من الحقوقيين الفلسطينيين.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjIzNyA= جزيرة ام اند امز