تبنّي الأطفال في الخارج.. ظاهرة تتفاقم وتثير الغضب والشبهات في أوغندا
التبني بين الدول أصبح سوقًا رائجة يستفيد منها المحامون ودور الأيتام ووكالات التبني، وتحول إلى ظاهرة عالمية، برزت بشدة في أوغندا.
عندما تركت أجاتا ناموسيسي (64 عامًا) حفيدها البالغ من العمر سبع سنوات يرحل عن أوغندا في طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج، لم تكن تعلم أنه لن يعود مرة أخرى بعد غياب دام أكثر من عام.
وعبرت الجدة عن شعورها باليأس من عودة حفيدها محمد لواسي، الذي سافر في مايو 2014 إلى الولايات المتحدة الأمريكية للخضوع لعملية جراحية، بهدف تصحيح تشوه في العمود الفقري تسبب في إعاقته عن الحركة، حيث تعهدت جمعية خيرية مسيحية أمريكية "ايه سي سي" بدفع تكاليف العملية.
وقالت مجلة "سليت أفريك" الإلكترونية الفرنسية: إن الجمعية الخيرية الأمريكية التي دفعت أيضا نفقات السفر بعد أن قرأت تحقيقا صحفيا عن حالة الطفل الأوغندي محمد، طلبت حضانة الطفل باعتباره يتيمًا؛ استنادا إلى وثائق يبدو أنها مزورة، كما أنها تعتزم البدء بإجراءات تبني الطفل في الولايات المتحدة الأمريكية، حسب ما أفاد ديكسون أوجوانج الذي يعمل بالسفارة الأوغندية في واشنطن، لكن والد محمد لا يزال على قيد الحياة، ويدعى إيشا سسماتا (29 عاما) ويعمل نجارا، ويود أن يرى ابنه مرة أخرى، قائلا: "لا أريد أن يتبنى أحد طفلي".
وهناك حالات أخرى كثيرة مماثلة لتبني الأطفال بين الدول، والتي تعتريها الشبهات بسبب سوء الفهم أو الإهمال أو وجود دوافع جنائية.
وعقب وفاة زوجته؛ قرر والد الطفل محمد لواسي أن يعهد بتربيته إلى جدته؛ نظرًا لعدم قدرته على الاعتناء بولده المعاق، وظنت الجدة الفقيرة أنها اغتنمت فرصة سانحة لا تعوض، حينما اقترحت عليها الجمعية الخيرية الأمريكية أن تتكفل بنفقات علاج حفيدها.
وقالت الجدة -التي تخشى حاليا ألا يستطيع الأب رؤية ابنه أبدا-: "وقعت على أوراق دون أن أقرأها، لأنني كنت أعلم أنهم سيساعدون حفيدي في الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج".
إن مفهوم "التبني التام" في الدول الغربية -أي الكامل والنهائي- غير معروف في أوغندا وفي العديد من الدول الإفريقية، وبعبارة أخرى فإن هذا التبني يقتضي قطع الصلة نهائيا بين أسرة الطفل والطفل المتبنى، بحيث يعتبر بمثابة طفل شرعي في الأسرة المتبنية، وجرت العادة أن يعهد بهؤلاء الأطفال إلى أسر ميسورة الحال يمكنها الإنفاق على احتياجاتهم، أو إرسالهم إلى مدارس داخلية.
وانتقد البرلمان الأوغندي بشدة في مايو الماضي "الملابسات الغامضة" حول سفر مئات الأطفال سنويًّا من أوغندا، بينما 80% من هؤلاء الأطفال الذين يعتقد أنهم أيتام لديهم أقارب على قيد الحياة، كما أن هناك برنامجًا محليًّا للتبني، وأعلن أعضاء البرلمان أن عدد الأيتام الأوغنديين الذين سافروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية قد ارتفع بنسبة 400% بين عامي 2006 و2013، ومن المتوقع أن تصدر الحكومة الأوغندية في القريب العاجل تقريرا حول الفساد وحيل النصب بشأن عمليات التبني بين الدول، فيما أعلنت السلطات المحلية عزمها العمل على سد الثغرات القانونية ذات الصلة.
من جانبها، نفت فيكي كاتمان، رئيسة الجمعية الخيرية الأمريكية "ايه سي سي"، أي شبهة اتجار بالبشر فيما يتعلق بالطفل الأوغندي محمد لواسي، الذي تسميه "لويس" كما أكدت أنها لا تعتزم العمل على تبنيه، وأكدت: "سوف نعيد لويس إلى أوغندا بالطرق القانونية في الوقت المناسب"، رافضة تماما تحديد موعد معين لعودته، بينما أجريت للطفل العملية الجراحية بنجاح منذ أكثر من عام.
واتهمت الجمعية الأمريكية السيدة التي رافقت الطفل في سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية -وهي من أقاربه- بأنها زورت بعض المستندات لإيهام الجمعية بأن الطفل يتيم الأبوين، وهو ما يؤكد أن الجمعية الخيرية "ايه سي سي" حاولت في ضوء هذه المستندات العمل على تبني الطفل في الولايات المتحدة، كما أكدت فيكي كاتمان أن جمعيتها تعمل بصورة قانونية في أوغندا، خلافا لما أعلنه رئيس قوات مكافحة الاتجار بالبشر في هذا البلد، الذي يؤكد أن الجمعية ليست مسجلة هناك.
ويرى جيمس كابوجوزا، نائب مدير الشباب والطفولة بوزارة المساواة بين الجنسين في أوغندا، أن التبني بين الدول أصبح سوقًا رائجة يستفيد منها المحامون ودور الأيتام ووكالات التبني، وأن التبني في أوغندا يجب أن يكون هو الخيار الأول.
aXA6IDMuMTQ1LjkxLjExMSA= جزيرة ام اند امز